حسان: عانيت من الوسط الفني.. والإرهاب قتل أخي انتقاما من عملي كمُغن
عز الدين: ندمتُ على احتراف مجال الغناء وقصة صعودي لم تكن سهلة
المُنشد جلول، الشاب سعيدي، الشاب صحراوي، الشاب الهادي، الفنان محمد لمين مؤخرا وفنانات كثيرات ارتدين الحجاب.. هل هـي الصحوة؟ لماذا يقرر الفنان فجأة ترك حياة الشهرة وزهـد الدنيا ومُغرياتها..؟ أسئلة كثيرة نطرحها من خلال هذا التقرير ونجيب عليها من خلال أحدث نموذجين فاجآ جمهورهما بالاعتزال (الشاب حسان والفنان عز الدين الشلفي).. فنجيب بالتحليل والمعلومات لماذا اعتزلا الغناء..؟ تابعوا معنا.
حسان يطلب الكف عن سماع أغانيه!!
قبل فترة، فجّر فنان الراي الشاب حسان مفاجأة « مدوية » بإعلانه اعتزال الغناء، خاصة عندما طالب جمهوره الكف عن سماع أغانيه أو تداولها، كونه اختار طريقا
آخر شعر فيه براحة أكثر وبأمان أكبر حسبه. وجاء اعتزال حسان نتيجة طبيعية لشعوره بالتذمر من تعّفن الوسط الفني، إذ سبق وصرّح قبل أكثر من أربع سنوات أنه لا يستبعد الانسحاب من هذا الوسط، رغم المشوار الفني الحافل الذي يمتد لحوالي 25 سنة، قدم خلالها الشاب حسان عددا من الأغاني الناجحة والألبومات التي لايزال صيتها مدويا، والتي كان آخرها ألبوم « كملت لحكاية » الذي أنهى به مشواره الفني الطويل.
المفارقة أن إعلان الشاب حسان اعتزاله الغناء، جاء عـبر صفحته الرسمية على موقع « الفايسبوك »، حيث كتب المُغني التائب: « لقد عشت أياما وسنوات جميلة جدا في عالم الغناء، مؤكد أنني سأحتفظ بكل ذكرياتها.. واليوم أرجو أن تتفهموا قراري بالكف عن المشي في هذا الطريق وتساعدوني عليه ». ووجه حسان شكره وامتنانه إلى كل من سانده ورافقه طيلة عطائه الفني. وبدأ بنفسه، حيث استبدل جميع صوره الخاصة
وفيديوهاته في الحفلات التي كانت منشورة على جدار صفحته بأدعية وأحاديث نبوية شريفة وكلمات مأثورة لكبار مشايخ الدين وسور من القرآن الكريم، كاشفا بذلك عن توجهه الديني الجديد.
حسان: « سأمنع أولادي من اقتحام مجال الفن »
« تغيّر معايير الفن اليوم، وأغنية الراي على وجه التحديد، كانت القطرة التي أفاضت كأس اعتزالي ».. هكذا يقول حسان قبل أن يضيف: « لقد اكتسح الكلام الخادش للحياء الساحة الفنية الجزائرية، والمؤسف في الأمر أن الدعم الذي تجده هذه الأغاني هو مـن طرف وسائل الإعلام، وأيضا مـن ديوان حـقوق المؤلف (أوندا) الذي يطبع الأغاني دون مراقبتها.. شخصيا سأمنع ولـديّ من اقتحام المجال الفني فـي حـال أرادا ذلك، خاصة ابني البكر « كريم » الذي يملك ميولا في أغنية الراب: « أخاف عليهما من هذا الوسط، ويكفي كثيرا ما عانيته خلال عشرية الدم التي قتل الإرهاب خلالها أخي انتقاما من عملي في الميدان الفني ».
يأتي اعتزال حسان للغناء بعد مشوار فني حافل، قدم خلاله أغان لاتزال علامة في أغنية الراي، كما كان من أشهر مؤديي أغنية « اللايف » في منتصف التسعينات
مع سيد أحمد الحراشي والشاب يزيد، فضلا على أنه كان أيضا مـن بين الفنانين الرايويين الذين كان معترفا بهم في وهران، فصدح أكثر من مرة في مهرجان
الراي بوهران، بعدما نجح في بدايات مع الشاعر الغنائي عبد الرحمان جود، ليتجه بعدها غربا للتعامل مع مؤلفين وملحنين من الباهية وهران على غرار عبد القادر الناير وكريم ولد عدة وغيرهم.
« كل شيء حولي دفعني للاعتزال »
كانت آخر اطلالة جماهيرية لحسان في الساحة الغنائية ضمن مهرجان « تيمڤاد »، حيث ملأ الجمهور مدرجات « تاموقادي » خلال السهرة الخامسة التي نشطها، مع ذلك صرّح حسان لوسائل الإعلام يومها أن « كل شيء حولي صار يدفعني للاعتزال الذي أجّلته أكثر من مرة ». مشيرا أنه ترك وراءه أرشيفا من الأغاني الناجحة التي جعلته الفنان الأكثر جماهيرية بعد المرحوم حسني.
ويروي الشاب حسان كيف كان يؤجل في كل مرة اعتزاله قائلا: « فكرة الاعتزال كانت تراودني منذ فترة، لكن الجمهور في كل مرة كان يطلبني، كان آخرها جمهور « تيمڤاد » الذي ردد معي أغان يعود تسجيلها إلى عشرات السنين مضت، حيث كان الجمهور يحفظها عن ظهر قلب ». مع العلم أن الشاب حسان غاب عن مهرجان « تيمڤاد » الدولي قرابة الخمسة عشر عاما، ومع عودته إلى ركح « تاموڤادي »، ذُهل بالعدد الهائل من الجمهور الذي حضر حفله.
عز الدين لم يجن من الفن سوى المتاعب!!
على عكس الشاب حسان، لم ينل الفنان عز الدين الشلفي من الفن سوى الدعاوى القضائية المتلاحقة ضده، والتي وصلت حد دخوله السجن أكثر مـن مرة، مـرة بسبب خلاف مالي بينه وبين منتجه قبل سنوات، ومرة لاتهامه في قضية اغتصاب فتاة قاصر، وهـي جلها ظروف جعلت عز الدين يقرر الاعتزال فـي حالة صفاء ووقفة مع النفس. ويشتهر « الشلفي » لدى شريحة واسعة من الجمهور بأداء نوع خاص من أغنية الراي، هو الراي « لعروبي »، إلا أن هذا النوع من الغناء سرعان ما تحوّل إلى نقمة كبيرة على عز الدين، خاصة بعد غنائه ضد أشخاص يتبوأون مناصب مسؤولة في الدولة، ما جلب له الكثير من المتاعب.
ويعتبر « الشلفي » أول مغن جزائري دخل السجن بسبب كلمات أغنية « شوف الحقرة شوف »، التي هاجم فيها السلطات الولائية والقضائية لولاية الشلف، فكلفته ومنتجها ما يقارب سنة سجنا نافذا على إثر شكاوى قضائية رفعها ضده قضاة ووالي ولاية الشلف آنذاك وهيئات محلية، بعد ما وجهت له تهمة المس بشرف القضاء وهيئات نظامية.
« الشلفي » يصبح من مرتادي المساجد
بعد 30 ألبوما غنائيا قدمها منذ عام 1999م، كان أشهرها: « واش أداني للغربة » و »آش جابك ليّ خيرة » و »بقيتك يا مّا بالسلامة » و »الشيوخ بالقصب تغني واللواطة ما يتحسبوش ».. أعلن عز الدين اعتزاله الغناء بشكل نهائي، مُغيّرا بذلك مجرى حياته، حيث أصبح من مرتادي المساجد بعد مشوار فني « صاخب » عاشه على مدار أكثر من 15 عاما. وكتب أحد المقربين من الفنان في هذا الصدد، وهو يزف خبر اعتزال الشلفي: « إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء.. عز الدين الشلفي يعتزل الغناء ويتوقف عن كل المحرّمات ويمتهن حرفة البناء في شركة للمقاولات يمتلكها صديق له، وهذا حتى يوفّر قوت يومه ولقمة عيش حلال لعائلته الكريمة.. فاللّهم اجعلها توبة نصوح يا رب ».
من حارس « باركينغ » وبائع خضار إلى أشهر مُغن
« كل المعطيات كانت تشير إلى توبته ».. هكذا، علّق الإعلامي توفيق فضيل الذي يُعد آخر من صوّر مع الشلفي حلقة خاصة من برنامجه « هذه حياتي » عندما سألناه عنه، فقال: « عـندما صوّرت معه، شعرت بتغيّر جذري في عز الدين.. فلم يعد عز الدين الذي نعرفه »، مضيفا: « خلال تصويرنا البرنامج، اعترف لي بأنه ندم على دخوله مجال الغناء.. كما روى لي كيف دخل هذا العالم بالصدفة، بعد ما سمعه منتج معروف يغني بأحد الأعراس ». عز الدين -يضيف توفيق- « نحت في الصخر واشتغل حمّالا وحارس « باركينغ » وبائع خضار.. ما يعني أن اعتزاله حياة الرفاهية لن يكون صعبا عليه، حيث إن قصة صعوده لم تكن سهلة، فهو من عمل كمُعيل لعائلته وهو في سن الـ16 سنة، ورغم ذلك كان من التلاميذ النجباء في مسقط رأسه بالشقة في ولاية الشلف ».
رؤية في المنام تقلب موازين حياة « الشلفي »
هذا وكشف مُحّدث « الشروق العربي »، أن عز الدين سبق واعترف له خلال تصوير البرنامج بأنه « كان مُدمن خمور وأن هذا الأمر حال دون اقترابه من الصلاة.. لقد بكى عز الدين وهو يعترف لي بذلك.. إلا أننا لم نرد أن نعرض المقطع لصعوبة تقبل الناس لذلك.. واليوم إذ أكشف ذلك، فحتى يعتبر تاركو الصلاة ويتأثروا بقصته ». واختتم توفيق تصريحه لنا: « لقد شاهد عز الدين قبل قراره الاعتزال بشهر واحد رؤيا في منامه، رفض الكشف عنها، وقد كانت هي وراء توبته، حيث قام واستحم وصلى لأول مرة وبدأ يطلب من الناس الدعاء له بالاستقامة والإقلاع عن شرب الخمر، لدرجة تراجع بعدها عن تسجيل ألبومات عدة، حيث كان آخر عمل له ألبوم بعنوان « الكومبة الزرقا » استمدها من قصة حقيقية.
echrouk