عائلات تزور شهادة السلامة العقلية لأبنائها لتزويجهم
تشهد المحاكم الجزائرية انتشار نوع غريب من قضايا الطلاق والخلع وقتل الأجنة، المتهم فيها أزواج مجانين. فالزواج في الجزائر لم يعد حكرا على العقلاء، بل امتد إلى المختلين عقليا والمصابين بمرض تريزومي 21 « لي مونغول »، حيث لجأت الكثير من العائلات إلى تزويج بناتها لرجال بلا عقل مقابل المال والمكانة، والنتيجة كوارث أسرية يذهب ضحيتها الأطفال، كما تلجأ أسر أخرى إلى تزوير شهادة السلامة العقلية لأولادها مقابل تزويجهم، وبعد أيام من الزواج تكتشف الفضيحة.. هي قصص كثيرة ارتأت « الشروق » نقلها بالرجوع إلى آراء المختصين..
لا تأبه بعض العائلات لمشاعر الطرف الآخر حين يتعلق الأمر بتزويج فلذات أكبادها « المجانين »، حيث تلجأ إلى شتى الوسائل، حتى وإن اقتضى الأمر التحايل على الآخرين وتزوير شهادات السلامة العقلية، بحجة أن أبناءهم وبناتهم المرضى يملكون الحق في بناء أسرة، وهو التفكير الذي أوقع البعض ضحايا للزواج من مصابين بأمراض عقلية، حيث يكتشف البعض منهم الأمر ليلة الدخلة، بينما يكتشف آخرون ذلك بعد مرور أيام من ليلة الزفاف، إلا أننا صادفنا حالات أخرى لعائلات زوجت أبناءها وبناتها المصابين بأمراض عقلية لمصالح مادية بحتة .
عبد الرحيم « منغول » تزوج امرأة عادية في احتفال أسطوري
تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي فيديو زفاف عبد الرحيم، وهو أحد المصابين بمرض التريزوميا 21، حيث احتفلت عائلته وأصدقاؤه بزفافه في موكب أسطوري، وبدت العروس في كامل أناقتها، كما أنها ظهرت وهي تتحدث إلى وسائل الإعلام بكامل قواها العقلية، ما جعل الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي يشككون في تواطؤ العائلتين لأغراض مادية، بما أن موكب العريس كان يضم أفخم السيارات، وكانت فرحة العريس كبيرة وهو يزف الى زوجة عاقلة فاتنة الجمال ..
تخلعه بعد شهر من زواجهما بعد أن اكتشفت إصابته بالجنون
عالجت محكمة حسين داي في أفريل الماضي قضية لامرأة في العقد الرابع من العمر، تزوجت شابا يكبرها بأعوام، ولم تنتبه إلى إصابته بالجنون إلا ليلة الدخلة، حيث قام بضربها وبالصراخ عليها دون سبب وتغيرت تصرفاته كليا، إلا أنها لم تغادر بيت الزوجية إلا بعد مرور شهر وذلك خوفا من كلام الناس. وحسب ما حدثتنا به محاميتها فإنها يوم الخطبة لم تنتبه إلى الأمر، لأن العريس ظل صامتا ويبدو أنه شرب دواءه قبل المجيء.
زوجها « المجنون » يجهض صغيرها بعد شهر من الزواج
في زيارة قادتها إلى مقر « الشروق »، سردت لنا « سليمة. ن »، التي جاءت من إحدى ولايات الغرب الجزائري تفاصيل معاناتها مع زوجها المختل عقليا، الذي لم تكتشف إصابته بالمرض إلا بعد تسببه في إجهاض صغيرها، حيث قالت إنه كان يبدو في حالة عادية، على الرغم من تصرفاته الغريبة في بعض الأحيان، إلا أنها كانت تعتقد أن ذلك يعود إلى اضطرابات نفسية يمر بها، خاصة أنه عاش مع والدته فقط بعد انفصالها عن والده وهو صغير، وبعد مرور شهر من زواجهما اكتشفت حملها، الذي لم يثبت طويلا بعد أن ضربها زوجها ليتسبب في إجهاضه، وعندما تابعته قضائيا وضع محاميه شهادة طبية تثبت إصابته بالجنون.
مختل عقليا يشبع زوجته ضربا ليلة الدخلة
عالجت محكمة سطيف قضية تطليق رفعتها إحدى الشابات ضد زوجها المختل عقليا، الذي لم تكتشف إصابته بالمرض إلا ليلة دخلتهما، وفي تفاصيل القضية قالت الضحية إنها تزوجت به، بعد أن أحضر لعائلتها شهادة عمل كعون أمن في شركة خاصة قامت عائلته بتزويرها، وفي ليلة الدخلة انهال عليها ضربا، لتكتشف إصابته بمرض عقلي.
اكتشف « جنونها » بعد دخولها في هستيريا ليلة الدخلة
كما عالجت نفس المحكمة عام 2013 قضية طلاق رفعها شاب ضد زوجته، بعد أن اكتشف إصابتها بمرض عقلي وذلك إثر دخولها في هستيريا من الضحك ليلة الدخلة، ما دفعه إلى طلب الطلاق.
عائلة العريس تكتشف جنون العروس ليلة الزفاف
وعالجت محكمة الحراش عام 2011 قضية مماثلة لشاب طلب الطلاق من زوجته بعد مرور يومين على زفافه، حيث اكتشفت عائلته أن العروس التي اختارتها لابنها مصابة بالجنون، ولم تنتبه إلى الأمر يوم الخطبة، بما أن العروس لم تجلس مطولا مع أهل العريس بحجة أنها تخجل، كما أن مدة الخطوبة دامت أقل من شهر ليتم الزفاف مباشرة فلم تسنح الفرصة للعريس وعائلته بالتعرف أكثر على العروس وطباعها، ليفاجأ الجميع ليلة الزفاف بالعروس وهي تضرب الأطفال الصغار وتلاحقهم في شتى أرجاء قاعة الحفلات، في مشهد صعق كل الحضور.
الصادق جدي محام معتمد لدى المحكمة العليا ومجلس الدولة:
عدم إلزامية الزوجين بالشهادة الطبية سبب تزايد هذه القضايا
أكد المحامي « الصادق جدي » أن عدم إلزامية المشرع الجزائري لشرط الشهادة الطبية في عقد الزواج هو أهم سبب لتفشي هذه القضايا في المحاكم، حيث إنه اشترط على الزوجين شهادة طبية عامة وشهادة في الأمراض الخاصة، إلا أنه لم يوجبها، حيث إن الإمام أو مصالح البلدية أو الموثق لا يطلبها أثناء عقد الزواج، داعيا إلى ضرورة اشتراطها مع سن عقوبة أو غرامة لكل من لم يقدمها.
وأوضح المتحدث ذاته أن إخفاء العيب الموجود في العريس أو العروس يعتبر تدليسا من الناحية القانونية، قائلا إن الأمر يكون أقل خطورة إذا تم اكتشافه قبل البناء، أما إذا تم الدخول وتم اكتشاف الأمر فيكون سببا قويا وموضوعيا للتطليق بينهما، وأن المحاكم تشهد عدة قضايا من هذا النوع في الآونة الأخيرة.
البشير ابراهيمي إمام وطالب دراسات عليا في الشريعة الإسلامية:
المجنون غير مكلف ولا يجوز تزويجه شرعا
قال الشيخ البشير ابراهيمي، إمام وطالب في الدراسات العليا للشريعة الإسلامية، إن الشرع يلزم عائلتي الزوجين بكشف عيوب أبنائهما المقبلين على الزواج يوم الخطبة، وبما أن العيوب الخلقية تكون عادة ظاهرة للعيان، فإن عدم السلامة العقلية من الأمور التي يجب أن يفصح بها أولياء العريسين، لأن إخفاء مثل هذا الأمر يعتبر غشا منهيا عنه شرعا، إذ إن المجنون غير مكلف ولا يمكنه بناء أسرة أساسها المودة والاحترام، وهدفها الاستقرار والمحافظة على النسل.
وكشف الإمام أن اكتشاف جنون أحد الزوجين من موجبات فسخ العقد مباشرة مع تعويض الطرف المتضرر عن الضرر الذي لحقه، حيث يقوم الإمام أو رجل القانون بتقييم حجم الضرر وفرض غرامة أو عقوبة على الطرف الذي قام بالخداع والتحايل، وهو ما جاء به قانون الأسرة أيضا.echrouk