»الشروق » ارتأت تسليط الضوء على هذا الملف الحساس، خصوصا في ظلّ الأزمة الاقتصادية التي تعرفها الجزائر وانخفاض أسعار النفط المورد الأساسي للجزائر، حيث أصبحت الفلاحة وكذا السياحة المنفذ الوحيد للخروج من هذه الأزمة، ولكن هذه الأخيرة ورغم تقدمها النسبي، إلاّ أنّ تطلعاتها بقيت محتشمة بالنسبة إلى تطلعات جيرانها المغاربة، وما تمثله بالنسبة للسياحة المتوسطية، وهو ما يبعث إلى كثير من التساؤلات، لماذا لم تنجح الجزائر في استقطاب السياح؟ وإلى متى ستواصل تصدير سيّاحها إلى بلدان أخرى؟
بدأنا اتصالاتنا أملا في العثور على فندق بأسعار معقولة وخدمات مقبولة، لكن للأسف كل محاولاتنا باءت بالفشل، والأمر من هذا أنّنا فوجئنا بأن سعر غرفة ليلة واحدة بأحد فنادق ولاية الجزائر يعادل إقامة يومين في تركيا أو إسبانيا، ويتجاوز إقامة لأربعة أيام في تونس!
بدأنا جولتنا الميدانية لفنادق العاصمة من بلدية سطاوالي غير بعيد عن شاطئ النخيل، حيث تجاوز سعر ليلة في فندق متوسط من « نجمتين » ولا يحتوي على مسبح، ويقدم وجبة صباحية فقط بمليون سنتيم، فندق آخر صغير ببلدية سيدي فرج تقدر تكلفة الإقامة بـه 9000 دينار لليلة واحدة دون فطور أو عشاء، حتى بلدية براقي البعيدة عن البحر سعر الليلة الواحدة بفنادقها قدر بـ 8000 دينار!!
انتقلنا بعدها إلى عاصمة البلاد، حيث تتراوح سعر الليلة الواحدة لشخص واحد بين 5000 دينار وصولا إلى 23000 دينار، حيث دلنا أحد المواطنين على فندق صغير بأحد أحياء العاصمة الشعبية، وتفاجأنا بتصريحات مسيّره، الذي أكد أنّ قضاء ليلة واحدة فقط، يكلف ما لا يقل عن 600 دينار للشخص الواحد، ولكن غرف الفندق لا تحتوي على أسرّة.. ذهلنا للمرة الأولى ثم قال « أنتم 6 أشخاص معناها 3600 دج لليلة الواحدة!، طلبت منه زيارة الغرفة التي أقيم فيها، في بادئ الأمر رفض وبعد إلحاح منا رافقنا للغرف، هنا تفاجأنا أكثر لأننا سنقيم بـ « مكان » أشبه « بزريبة حيوانات »، ومازاد الطين بلة هو أن الحمام مشترك والماء يغيب على الحنفيات…
بعدما عجزنا عن إيجاد فندق واحد يلبي طلبنا وينافس الفنادق العالمية، اتصلنا ببعض أصحاب الشقق بولاية جيجل، حيث أكدت لنا إحدى السيدات أنها تقوم بكراء غرفة في شقة بمبلغ 4000 دينار ويكون المطبخ والحمام مشتركا مع بقية العائلات الأخرى، وعند سؤالنا « نريد كراء كامل الشقة » ردت » 35000 دينار لـ 15 يوما ».
اتصلنا بشخص آخر بمدينة تنس بالشلف، حيث أكد أنه يأجّر شقته ذات الـ 3 غرف بـمليوني سنتيم لـ 10 أيام؟ وفي بجاية بـ 6000 دينار لليلة الواحدة.
بعدما عجزنا عن إيجاد فندق يحفظ كرامة السائح المحلي أو الأجنبي، ارتأينا التوجه إلى بعض شواطئ العاصمة التي تغيب عنها الثقافة السياحية، فالشواطئ أصبحت تسيّر من طرف بعض الأشخاص، وهذا بالرغم من تعليمة والي العاصمة عبد القادر زوخ بأن تسيير الشواطئ يكون من نصيب ديوان حظائر الرياضة والتسلية لولاية الجزائر » opla » ، ولكن تبقى تصريحات زوخ مجرد كلام وورق على حبر لم يعرف طريقة للتجسيد، ولا يزال بعض الشباب يسيرونها بطريقة عشوائية ويفرضون منطقهم الخاص، حيث يمنعون المصطافين من تثبيت مظلاتهم بالقرب من الشاطئ، بحجة أنّهم قاموا بكراء الشاطئ من البلدية بغية التنظيم وتوفير الراحة والنظافة، غير بعيد عن ذلك، وبشاطئ زرالدة فرض علينا أحدهم مبلغ 1000 دينار لكراء مظلة مع 4 كراسي، ولكن ما يزيد الطين بلة هو أن جل الشواطئ التي زرناها من دواودة إلى شاطئ زرالدة وشاطئ النخيل وصولا إلى شاطيء تمنفوست، تنعدم فيها النظافة وتنتشر فيها الروائح الكريهة، بالإضافة إلى نقص المنشآت وغياب الاحترافية ونقص هياكل الاستقبال، ناهيك عن تدفق المياه القذرة التي باتت تهدد سلامة المصطافين، وغياب حظائر السيارات، وإن وجدت يستغلها بعض السماسرة .
بعملية حسابية بسيطة نجد أنّ على المواطن دفع مبلغ 1000 دينار لكراء المظلة و 200 دينار لصاحب الحظيرة، « غير الشرعي » بالإضافة إلى مبلغ يصل إلى مليون دينار ثمن غرفة بفندق ومصروف يوم كامل من أكل وشرب يعني عليه تخصيص 15000 دينار ليوم واحد.
وهنا تطرح العديد من الأسئلة عن إصلاحات وزير تهيئة الإقليم والسياحة والصناعات التقليدية عبد الوهاب نوري للنهوض بقطاع السياحة في الجزائر، وعن المبادرة القانونية للقطاع السياحي، بالرغم من أنّ نصيب الجزائر من السياحة العالمية لا يتعدى 1 بالمائة، وأين هم مسيّرو مجمع « فنادق سياحة وحمامات » الذي تتمثل مهمته في مراقبة وتسيير الفنادق والحمامات.