قد يندهش كثيرون من العلاقة بين تأهل عمالقة وفاق سطيف لنهائي دوري أبطال إفريقيا لكرة القدم وبين مشروع الجزائر لاستضافة نهائيات كأس الأمم الإفريقية 2017.
لكن العلاقة بينهما وطيدة جدا، وربما ستكون مباراة الإياب في الأول من نوفمبر المقبل في الجزائر هي السؤال الأول والأكبر في امتحان تنظيم الأمم الإفريقية.. وإذا نجح الاتحاد الجزائري وإدارة نادي وفاق سطيف ولاعبوه وقبلهم الجمهور في تقديم صورة طيبة وحضارية للتشجيع النظيف الخالي من الشغب خلال تلك المباراة ستكون الإجابة صحيحة والجائزة عظيمة.. وتظفر الجزائر قبل كل منافسيها بشرف استضافة كبرى مسابقات الكرة الإفريقية لكرة القدم بعد غياب دام 27 عاما.. وعلى العكس سيضخم المسؤولون في الاتحاد الإفريقي (وبينهم متربصون بالفعل بالملف الجزائري) أدنى وأصغر الحوادث ليتخذوها ذريعة في رفض الملف الجزائري واستبعاده من سباق التنظيم.
والبداية مع مكان المباراة سواء في قسنطينة أم البليدة أم العاصمة.. والأساس هو ضمان التأمين الجيد للمباراة والحفاظ على نظافتها وخلوها من عناصر الشغب ومنع أي متفرج يحمل الشماريخ والألعاب النارية أو اللافتات العدائية.. والسلطات الأمنية تمتلك القدرة على فرض إجراءات التأمين بصورة كاملة حرصا على سمعة البلاد.
الأمر واضح كالشمس لمن يجيد قراءة التاريخ ويربط الأحداث.. والمسؤولية ملقاة على عاتق الجميع بداية من محمد روراوة، رئيس الفاف، ونهاية بأصغر مشجع سيتوجه إلى ملعب المباراة في النهائي.. وإذا لم يتكاتف الجميع فلا تنتظروا هدايا من الكاف الذي كشف باكرا عن غضبه العارم منذ مصرع اللاعب الكاميروني إيبوسي بعد مباراة فريقه شبيبة القبائل في الدوري المحلي.
هذه البداية كانت ضرورية جدا وفي وقت باكر لإلقاء الضوء على أمر يمكن الترتيب له بعناية وجماعية من أجل مصلحة قومية.. والآن نعرج على الجانب الفني لمباراة لوبومباشى والتأهل التاريخي للنسر الأسود على حساب مازيمبي الرهيب في عقر داره ووسط عشرات الآلاف من أنصاره.
ولا يسعنا إلا أن نهنئ الأبطال سفيان خضايرية وأمين ميقاتلي وزي أوندو عبد العزيز وفريد ملولي وعروسي خير الدين ولقرع محمد ورايت بلال وبلعميري الهادي وتوفيق زرارة ومحمد بن يطو وعبد المالك زياية وسفيان يونس وأكرم جحنيط وبوكرية الياس ومعهم مدربهم خير الدين ماضوي.. كانوا أبطالا وعمالقة بكل المقاييس.
ولأن الحظ يذهب إلى من يستحق وقف الحظ شامخا مع كرتين جانبيتين لزياية ويونس لتخدعا الحارس المخضرم كيديابا وتعانقا الشباك وتكفلا للنسر الأسود مكانا فريدا ومستحقا في النهائي.. ولو تكررت اللعبتان مرارا ما أسفرتا أبدا عن هدفين لكن الأقدار ذهبت بالكرتين إلى المكان الذي اشتهاه عشاق النسر الأسود.. ومعهما بطاقة النهائي إلى الفريق الأجدر وفقا لمشوار البطولة وليس وفقا للأداء في لقاء لوبومباشي. ويمتلك الحارس الكفء والشجاع خضايرية وحده نصف الإجادة والإشادة في اللقاء الرهيب، حيث ارتفع عدد إنقاذاته إلى رقم قياسي تجاوز العشرين بين كرات مسددة على المرمى مباشرة أو ألعاب هوائية خرج لإبعادها.. وهو مرشح ممتاز لمكان مستحق في المنتخب الجزائري الأول في البطولة الإفريقية المقبلة بعد أن أثبت وجوده، سواء مع المنتخب الأولمبي أم في دوري الأبطال.
إنجازات النسر الأسود ليست قاصرة على الوصول إلى النهائي الإفريقي لكنها تمتد لتشمل إضافة ممتازة للصورة الكروية الطيبة التي رسمها المنتخب في نهائيات كأس العالم الأخيرة فى البرازيل.. رغم أن تشكيلة وفاق سطيف لا تضم أي لاعب من نجوم الخضر في المونديال.
المهم أن يعلم مسؤولو ومدربو ولاعبو وفاق سطيف أن الوصول إلى نهائي دوري الأبطال لا يمثل شيئا في تاريخ اللعبة.. والتاريخ لا يتذكر في صفحاته الذهبية إلا الأبطال.. ومباراتا فيتا كلوب الكونغولي في النهائي متكافئتان تماما ولا وجود لترجيح أو ترشيح فريق على آخر.. والملعب وحده هو الفاصل دون الاعتماد على أن الإياب سيكون في الجزائر.
والأمل معقود على الفاف في التعاون مع إدارة وفاق سطيف لتوفير الأجواء المناسبة وكذلك بين رابطة الأندية المحترفة المشرفة على بطولة الدوري لتحديد المواعيد التي تكفل للنسر الأسود دخول النهائي دون إرهاق.
استقرار كأس دوري الأبطال الإفريقي للمرة الأولى بشكله الجديد في الجزائر نصر غال.. يستحق أن يسمو الجميع فوق انتماءاتهم المحلية المتنوعة.
التعليقات 0