ارتكب رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم، خير الدين زطشي، خطأ استراتيجيا جديدا بعد تصريحاته الأخيرة التي أكد فيها إحداث تغييرات في تشكيلة « الخضر »، من خلال إبعاد أربعة أو خمسة لاعبين دفعة واحدة ابتداء من التربص المقبل، بسبب ما سماه « تخاذل » هؤلاء في الدفاع عن الألوان الوطنية والتكتل في مجموعة تشعر بأنها فوق الجميع داخل المنتخب، حسب زطشي.
لا سيما في ظل استهداف اللاعبين المحترفين وتحميل عدد منهم مسؤولية الخروج من كأس العالم 2018، وهي المعطيات التي من شأنها تفجير المنتخب الوطني من الداخل، ما دام أن باقي اللاعبين المحترفين سيشعرون بدورهم بأنهم مستهدفون أيضا، وكانت أولى بوادر القطيعة بين الرئيس واللاعبين، هي اتهامه لهم بـ »رفع أرجلهم » خلال مباراتي زامبيا، ما جعل المدافع فوزي غولام يثور على هذه العبارة قبل أن يدخل في ملاسنات حادة مع زطشي.
أكدت مصادرنا المقربة من لاعبي المنتخب الوطني، أن اللاعبين المحترفين ممتعضون من تصريحات الرئيس زطشي والتي دعمها وزير الشباب والرياضة « فعلا وقولا »، خاصة أنها كانت علنية ومن دون تحفظ من طرف رئيس الفاف، الذي أراد، حسب ذات المصدر، إلقاء لوم الإقصاء من كأس العالم على اللاعبين تهربا من تحمل المسؤولية، فضلا عن إبعاد الأنظار عنه وتوجيهها نحو اللاعبين، حتى يشتت انتباه الجزائريين الغاضبين من مهزلتي زامبيا المزدوجة، وهو الأمر الذي لم يستسغه زملاء غولام، الذين شعروا بأن رئيس الفاف استغلهم من أجل تبرير الإخفاق في التأهل إلى المونديال الروسي.
غولام يخاطب زطشي: نحن محترفون و جزائريون أيضا مثلكم
وكشف مصدر عليم للشروق أن غرف تغيير ملابس الخضر بملعب حملاوي بقسنطينة شهدت احتقانا كبيرا بعد الخسارة أمام زامبيا بهدف لصفر، حيث لم يتمالك رئيس الفاف خير الدين زطشي نفسه، وارتكب خطأ فادحا بعدما اتهم اللاعبين صراحة برفع أرجلهم في الملعب، ولم يمر هذا الكلام مرور الكرام على اللاعب فوزي غولام الذي هب للدفاع عن نفسه وزملائه، حيث رد على رئيس الفاف « نحن لاعبون محترفون وجزائريون مثلكم، نحن نأتي لأجل اللعب في المنتخب الوطني فقط ولا داعي لقول مثل هذا الكلام »، قبل أن يرد عليه زطشي « مستواك مختلف بين فريقك نابولي والمنتخب، في فريقك تهاجم وتدافع ومع المنتخب لا تبذل نفس المجهود »، وجاء رد غولام حازما « أنا أطبق تعليمات المدرب فقط، سواء مع فريقي أو مع المنتخب، وإذا لاحظت وجود مشكلة فعليك بالحديث إلى مدرب المنتخب »، وتابع « لو ترغب في عدم عودتي إلى المنتخب فلن أعود.. »، قبل أن يرد عليه زطشي »إذا كنت تريد عدم اللعب للمنتخب مجددا فما عليك سوى إعلان هذا القرار »، وجاء رد اللاعب « لا، أنا لن أقول ذلك، أنت الرئيس ويمكنك اتخاذ هذا القرار والتصريح للصحافة بهذا الأمر »، ما يؤكد فعلا وجود قطيعة بين الرئيس واللاعبين المغتربين.
وكان رئيس الفاف ارتكب خطأ فادحا عندما أعلن مباشرة بعد نهاية مباراة زامبيا، عن إحداث ثورة داخل التشكيلة واتهام بعض اللاعبين بالتخاذل، فضلا عن إبعاد أربعة أو خمسة لاعبين بسبب ضلوعهم وراء التكتلات داخل المجموعة وعدم الالتزام بدورهم على أرضية الملعب، على اعتبار أن مثل هذه القرارات ستقسم المنتخب الوطني مستقبلا، بغض النظر عن مدى نجاحها أو فشلها، خاصة أن زطشي حصر الإبعاد في أسماء اللاعبين المغتربين، وهو ما من شأنه أن يؤثر على معنويات اللاعبين، على اعتبار أنهم لن يشعروا بالراحة في التشكيلة بعد إبعاد أصدقائهم وزملائهم، ما قد يؤثر على مستوياتهم الفنية داخل الميدان، وقد يدفع مسؤولي الفاف مجددا إلى التصريح بضرورة إبعاد لاعبين متخاذلين آخرين بحجة « تضامن » هؤلاء مع زملائهم المبعدين سابقا مثلا، الأمر الذي سيبقي « الخضر » داخل حلقة مفرغة.
تقسيم اللاعبين إلى مغتربين ومحليين يضر بالمنتخب
والغريب أن تصريحات زطشي والوزير، الذي كان من المفروض عليه أن يلتزم واجب التحفظ في مثل هذه القضايا الحساسة، استهدفت اللاعبين المحترفين أو المغتربين مع الترويج للاعبين المحليين بطريقة فيها الكثير من نكران الجميل، على اعتبار أن نفس هؤلاء اللاعبين المغتربين هم من قادوا المنتخب الجزائري إلى التأهل للمونديال مرتين متتاليتين، بهدف عنتر يحيى الحاسم في موقعة أم درمان قبل مونديال 2010 وهدف بوقرة أمام بوركينافاسو قبل مونديال 2014، قبل أن يساهموا بعدها في تأهل الجزائر للمرة الأولى في تاريخها إلى الدور الثاني من المونديال، وحتى إن كان هناك تقصير من طرف بعض الأسماء والذي يدركه جميع الجزائريين، كان من المفروض على رئيس الفاف أن يقوم بحملته « التصحيحية » داخليا وفي هدوء، كما كان عليه الحال في عهد المدرب وحيد خاليلوزيتش عندما أبعد بعض كوادر منتخب 2010، في صورة زياني وعنتر يحيى ومطمور، بدل الدخول في معركة مع الأسماء المغضوب عليها.
<
p style= »text-align: right; »>ويشبه متابعون الوضعية الحالية للمنتخب الوطني ومدى تأثيرها على مستقبله، بحادثة رحيل المدرب الفرنسي كريستيان غوركوف التي كسرت المنتخب الوطني، وساهمت بشكل كبير في تدهور نتائجه منذ تلك الفترة بشكل رهيب، نتيجة تأثر جل اللاعبين بإعادة مدرب كان قريبا جدا منهم، وكانوا احتجوا بقوة علنا وفي الخفاء لقرار روراوة بعدم التمسك بخدماته ودفعه إلى ترك منصبه.