دأت التحضيرات لتعديل الدستور تأخذ منحى الجدية، حيث علمت « الشروق »، من مصادر موثوقة، أن النسخة التمهيدية لمشروع تعديل الدستور التي أحالتها رئاسة الجمهورية على كل من رئيس المجلس الشعبي الوطني، العربي ولد خليفة، ورئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، عادت وأخذت طريقها نحو الرئاسة، حيث تعكف لجنة تقنية ضيقة العدد على وضع الروتوشات الأخيرة، فيما ضبطت الحكومة عقارب ساعتها على آجال التعديل الذي أضحى قضية أيام قلائل فقط.
وقالت مصادر موثوقة لـ « الشروق » إن آخر ملف ضمن ورشة الإصلاح السياسي الذي أعلنه الرئيس بوتفليقة ذات 15 أفريل 2011 في خطاب للأمة، قبيل عشية افتتاح تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة العربية، آخذ طريقه إلى الفصل النهائي.
وأضافت أن الرجلين الثاني والثالث في الدولة، أبديا الرأي في أمر وثيقة التعديل التمهيدية التي يتولى إنهاءها لجنة تقنية، وإن تحفظت مصادرنا عن الخوض في الفصول والمواد التشريعية التي سيتطرق إليها التعديل، فقد أكدت أن النسخة الجديدة اعتمدت على النسخة التي أعدتها اللجنة التقنية لتعديل الدستور، والتي سلمت لجميع الفعاليات والأحزاب السياسية، قبيل انطلاق جولة الحوار الذي أداره مدير ديوان الرئيس أحمد أويحيى.
وأكدت مصادرنا أن لا أثر لمنصب نائب الرئيس الذي أثار الكثير من الجدل، قبل الرئاسيات الماضية، إذ سبق للوزير الأول، عبد المالك سلال، أن أكد أن لا وجود لهذه المادة في التعديل الدستوري، في عز الحملة الانتخابية، ويرجح بشكل قوي العودة بالمادة المتعلقة بالعهدات الرئاسية إلى سابق عهدها، أي عهدة رئاسية قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، وإن ذهبت مصادر من محيط الوزير الأول عبد المالك سلال إلى أن هناك شيئا يطبخ وسيجهز قريبا للنظر فيه، ورجحت أن الأمر يتعلق بتعديل الدستور، وقالت إن الوثيقة ستمر بالتأكيد على مجلس الوزراء، كما ستمرر في اجتماع الحكومة بطريقة شكلية.
وإن كان الجدل ما زال قائما بخصوص الاكتفاء بتمرير الدستور على البرلمان بغرفتيه، مثلما حدث مع تعديل دستور 2008، قالت مصادر بالمجلس الشعبي الوطني إن رئيس الغرفة السفلى العربي ولد خليفة، تحدث عن « اجتماع هيئة التنسيق البرلمانية » مع نوابه، خلال آخر اجتماع لمكتب المجلس، من قبيل أنه سيعقد « قريبا ». وحسب مصادرنا ليس من داع ولا حجة لعقد لقاء هيئة التنسيق البرلمانية في ظل المعطيات البرلمانية المتوفرة، عدا مسألة تعديل الدستور، خاصة وأن مصادر أكدت إحالة الوثيقة التمهيدية على رئيسي غرفتي البرلمان، العربي ولد خليفة وعبد القادر بن صالح للاطلاع، قبل أن يأخذ مشروع النص الخطوات القانونية الواجب المرور عبرها.
بالمقابل، ذهبت أطراف أخرى إلى أن الرئيس مازال لم يحسم في أمر الصيغة القانونية التي يمر عبرها تعديل الدستور، على اعتبار أن الأصوات المشككة في شرعية وأهلية البرلمان بتشكيلته الحالية، مطعون فيها الأمر الذي قد يفتح باب التشويش على آخر أبواب الإصلاح السياسي، والذي وعد الرئيس بوتفليقة في التعديل الأخير شهر نوفمبر 2008، أن القادم سيكون شاملا ويعرض على الاستفتاء الشعبي، كما كررها في العديد من المرات في خطاباته ورسائله إلى الأمة، وقال إن التعديل حتى وإن مرر على المجلس واستدعى تحويله على الاستفتاء الشعبي فسيفعل، فهل دخل تعديل الدستور مرحلة العد التنازلي.




