بعد 55 سنة من احتكار الدولة لنشاط استيراد الكحول من خلال مصلحة الكحول التابعة لوزارة المالية، قررت الحكومة من خلال المادة 34 من مشروع قانون المالية 2017 تحرير عمليات استيراد وإنتاج وبيع الكحول من طرف أشخاص طبيعيين أو معنويين، بعد الحصول على اعتماد من الوزير المكلف بالصناعة والمناجم، بناء على دفتر شروط، كما سيتم تحديد شروط مزاولة هذه النشاطات وقواعد الحصول على الاعتماد وبنود دفتر الشروط من طرف وزير الصناعة والمناجم.
وبررت الحكومة اللجوء إلى هذا الخيار، بكون السوق الوطنية للكحول الايثيلي، محتكرة من طرف مصلحة الكحول منذ العام 1962 بناء على الأمر رقم 62-140 الذي صدر في 20 ديسمبر 1962 المحدد للتنظيم الإداري والمالي لمصلحة الكحول التابعة لوزارة المالية.
وأعتبر مشروع قانون المالية 2017 الذي تحوز “الجزائر اليوم”، نسخة منه، أن النص التشريعي الصادر في العام 1962 صدر في سياق اقتصادي واجتماعي خاص، ومنذ ذلك الحين تم مواصلة احتكار الاستيراد والتوزيع في السوق الوطنية لهذه المادة الإستراتجية لضمان الاستجابة للحاجات الوطنية(المستشفيات والمؤسسات الاستشفائية العمومية والجيش الوطني الشعبي والقطاع الاقتصادي والصناعي وقطاع الصناعات الغذائية والصناعات شبه الطبية والصناعات الدوائية).
ويشير نص المشروع إلى أن التوسع الاقتصادي والصناعي يحتم اليوم إعادة النظر في التشريع الذي يعود لتاريخ الاستقلال، ومع الانفتاح الحاصل في مجال التجارة الخارجية باتت مصلحة الكحول تعرف بعض المشاكل في تلبية الطلب الوطني المتفاقم من سنة إلى أخرى بفضل توسع النشاط الاقتصادي والصناعي وتوسع الاستعمالات لهذه المادة الإستراتيجية، مع عجز بارز في تلبية الطلب المتزايد بالنظر إلى محدودية الإمكانات التي تتوفر عليها المصلحة والتي تتمتع بالاستقلالية المالية وعدم استفادتها من أي مساعدة من خزينة الدولة.
ولمعالجة هذا الاختلال يضيف مشروع النص، لجأت الحكومة في قانون المالية التكميلي للعام 2008 بإنهاء الاحتكار والسماح للمتعاملين الخواص من إنتاج واستيراد وتوزيع الكحول الايثيلي، بعد الاستجابة لبنود دفتر شروط يحكم العملية تحت إشراف وزير الصناعة والمناجم، فيما تحولت مهمة المديرية العامة للضرائب إلى ممارسة دور الرقابة على النشاط وخاصة مراقبة حركة المنتج والضرائب غير المباشرة.
ونصت المادة 20 من قانون المالية التكميلي لسنة 2008 المتعلقة بإلغاء الاحتكار الذي تمارسه المديرية العامة للضرائب لصالح الدولة في مجال الكحول الايثيلي.
وأوضحت وزارة المالية بعد صدور قانون المالية التكميلي لعام 2008، أن المادة 20 “تلغي الاحتكار الذي تمارسه المديرية العامة للضرائب في مجال الكحول الايثيلي، بتوسيع مجال التدخل إلى جانب مصلحة الكحول للدولة، بمنح ترخيص للمتعاملين الخواص مقابل دفتر شروط لممارسة هذا النشاط في جميع مراحله (الإنتاج والاستيراد والتصدير والمتاجرة) كما هو الشأن بالنسبة لمصلحة الكحول التابعة للدولة.
وبررت الوزارة الإجراء بالحاجة إلى ضمان تموين الفروع الصناعية، مؤكدة أن “هذا التدبير يهدف إلى ضمان التموين الدائم للاقتصاد بمادة الكحول ذات الاستعمال الصناعي والصيدلاني”.
يذكر أن المادة 20 من قانون المالية التكميلي 2008 الذي صدر في شكل أمرية رئاسية أثارت جدلا واسعا بين الاحزاب السياسية وخاصة ذات الخلفية الاسلامية، ما أخر إلى اليوم صدور النصوص التطبيقية ودفتر الشروط الخاص بذلك.