أطلق المتعاملون الاقتصاديون مخططات خاصة لمراجعة ميزانيتهم وأسعار بيع منتجاتهم، ويرتقب أن تشهد السوق الجزائرية ارتفاعا في أسعار مختلف السلع والمنتجات الوطنية والمستوردة ارتفاعا ما بين 20 إلى 30 بالمائة، بسبب المنحى التصاعدي لسعر صرف الدولار الذي أفقد العملة الوطنية 19 بالمائة من قيمتها إلى غاية أمس، فيما يرتقب أن يفقد الدينار الجزائري خمس قيمته بحلول شهر جوان القادم، وبذلك تكون سنة 2015 نذير شؤم على القدرة الشرائية للمواطن الجزائري المهددة بالانهيار بفعل المؤشرات الاقتصادية الجديدة. الشروق.
على خطى وكلاء السيارات الذين أعلنوا زيادات في أسعار السيارات بنسب متفاوتة وصلت إلى 30 بالمائة قبل نهاية السنة الفارطة، أعلنت بعض المجمعات الناشطة في مجال الإلكترونيك مراجعة قريبة لأسعار منتجاتها عند نفس النسبة، في انتظار حسم متعاملين اقتصاديين آخرين في “مخارج النجدة” التي سيختارونها لتفادي أزمة حقيقية فرضها الدولار الذي فرض منطقه بارتفاعه في بورصة المال الدولية، الأمر الذي أخلط حسابات المتعاملين الاقتصاديين، وفرض عليهم اللجوء إلى مخططات استعجاليه للاستدراك بالاعتماد على ركيزتين أساسيتين، أولها مراجعة الميزانيات السنوية بعد أقل من شهرين من بداية العمل بها، وإقرار زيادات على أسعار بيع منتجاتها لتفادي الخسارة.
وأكدت مصادر حكومية أن اتصالات تمت بين عدد كبير من أصحاب المؤسسات ووزارات المالية والتجارة والصناعة، طالبوا خلالها الحكومة بفرض نوع من “الحصانة” الخاصة قصد التمكن من التكيف مع المعطيات المالية الجديدة، والتي فعلا تشكل خطورة على المؤسسات من جهة وعلى القدرة الشرائية للمواطن وحتى على التوازنات المالية للدولة، على اعتبار أن استشرافات وزارة المالية المتعلقة بنسبة التضخم في السنة الجارية تكاد تصبح في خبر كان، وذلك لأن الزيادات في أسعار المواد المستوردة سواء الجاهزة، أو السلع التي تدخل ضمن المواد الأولية للمنتج الجزائري، والتي تملي ضرورة مراجعة أسعار البيع للمستهلك من شأنها أن ترفع من نسبة التضخم، وتهدد القدرة الشرائية للمواطن.
مجموعة من المعطيات الإقتصادية التي تتجاوز قدرة الجزائر على التحكم فيها، جعلت سنة 2015 نذير شؤم على الجزائريين، ففقدان أسعار النفط 60 بالمائة من قيمتها، وتراجع عائدات البلاد المقبلة على برنامج تنموي بـقيمة 280 مليار دولار، مؤشرات عقدت مهمة الحكومة رغم التطمينات ورغم الخطة الاستباقية التي أعلنتها، إلا أن ارتفاع قيمة الدولار وتراجع قيمة العملة الوطنية بـ19 بالمائة ستزيد من تعقيد المهمة، فسعر صرف الدولار وصل سقف 95 دينارا مقابل الدولار الواحد أمس، مقارنة بالسنة الماضية أين كان سعر الصرف 77 دينارا مقابل دولار واحد.
وتؤكد المعطيات المتوفرة بناء على توقعات اقتصادية، وصول سعر صرف الدولار الواحد شهر جوان القادم 100 دينار، وهو المؤشر الذي أسقط حسابات المؤسسات الاقتصادية في الماء، وهي التي ضبطت ميزانياتها على سعر صرف 1 دولار مقابل 80 دينارا إلى 85 دينارا في أسوإ سيناريو محتمل، وأمام كل هذه المعطيات يبقى البنك المركزي متحفظا جدا تجاه سياسة الصرف التي سيعتمدها لمواجهة هذه “الأزمة”، على اعتبار أنه يلعب دو المنسق بين جميع المؤسسات البنكية، وسياسة الصرف شأن من شؤونه الحصرية.
نتائج ارتفاع سعر صرف الدولار بدأت تظهر ملامحه على السوق الجزائرية، فغالبية السلع الاستهلاكية من مواد غذائية ومواد تجميلية ومواد أولية والكترونية وكهرومنزلية شهدت ارتفاعا في أسعارها، وأحدثت تراشقا بين تجار الجملة والمستوردين، وسط رحلة بحث أطلقتها وزارة التجارة في فائدة خطة لخفض فاتورة الاستيراد، رحلة بحث ذهبت كل التحليلات إلى أنها ستنتهي من دون نتيجة تذكر على اعتبار أن لا أمل في خفض فاتورة الاستيراد سوى اللجوء إلى وضع عراقيل إدارية أمام الحاويات القادمة من وراء البحر.