رفت الساحة الكروية الإفريقية في الساعات القليلة الماضية الكثير من المستجدات الخاصة بمصير الدورة النهائية لكاس أمم إفريقيا 2019 المرتقبة في الكاميرون، وسط تجاذبات وحرب تصريحات بين مختلف الأطراف المعنية بهذا الحدث القاري ومنها الاتحادية الجزائرية لكرة القدم التي دخلت خط الصراع « متأخرة »، حيث تؤكد مصادر « الشروق » بأن الكثير من المؤشرات توحي بسحب تنظيم الدورة من الكاميرون ومنحها للمغرب رفقة بطولة أمم إفريقيا للاعبين المحليين المقررة في كينيا مطلع العام القادم، ما ينبئ بـ »انفجار » أزمة كروية في الأسابيع القليلة القادمة.
كشفت مصادر مطلعة بملف « كان2019″، لـ »الشروق » عن الخطة التي يعتزم انتهاجها رئيس الاتحاد الإفريقي الجديد الملغاشي أحمد أحمد لـ »إهداء » المغرب تنظيم البطولتين المذكورتين أو على الأقل واحدة منها وهي « كان2019″، ليضرب بذلك عصفورين بحجر واحد: رد الجميل للمغرب الذي ساعده على الإطاحة بالعجوز الكاميروني عيسى حياتو وتبوأ منصب أعلى هيئة كروية في القارة، وكذا الانتقام من الكاميروني الذي حرم بلاده مدغشقر نهاية العام الماضي من استضافة كأس إفريقيا للشبان ومنحها لزامبيا.
و برز المغرب مؤخرا على مستوى المشهد الكروي الإفريقي، من خلال الرحلات المكوكية لرئيس الجامعة المغربية فوزي لقجع في مختلف أنحاء القارة قصد حشد الدعم لـ »صديقه » الملغاشي كما استضاف رؤساء عشرات الاتحادات الكروية الإفريقية بالمغرب وأمضى معهم اتفاقيات تعاون وشراكة مقابل الحصول على أصواتهم في الجمعية العامة الانتخابية التي جرت بالعاصمة الإثيوبية أديس أبيبا شهر مارس الماضي، والتي أفرزت سقوط حياتو واعتلاء أحمد سدة الحكم، وكذا فوز المغربي بعضوية المكتب التنفيذي للكاف ضد غريمه، الجزائري محمد روراوة رئيس الفاف السابق.
وأضافت مصادرنا تقول بأن لقجع والمغرب لعبا دورا محوريا في رسم الخارطة الجديدة لكرة القدم في إفريقيا، وساهم أيضا في إعادة توزيع الأدوار على مستوى الاتحاد الإفريقي للعبة، وكان من الطبيعي أن ينالا مقابلا لذلك، حيث نجح لقجع بالفعل في جمع أسرة الكرة الإفريقية في الرباط في الشهر الماضي، وتم إقامة ملتقى لدراسة واقع الكرة في القارة وخرج بعدة توصيات، كما عقد اجتماع المكتب التنفيذي والجمعية العامة العادية بعد الملتقى، وأصدر عدة قرارات منها استحداث منصب نائب ثالث لرئيس الكاف الذي ناله « بالطبع » المغربي فوزي لقجع زيادة على رئاسته لجنة الشؤون المالية في الكاف، فضلا عن إعلان قرارات « تاريخية » أهمها تغيير موعد كأس إفريقيا للأمم من الشتاء إلى الصيف ورفع عدد المنتخبات من 16 إلى 24 منتخبا بداية من النسخة القادمة، في « استفزاز » مباشر للكاميرون الذي يعاني لأجل تجهيز مرافقه واحتضان الدورة وفق صيغتها القادمة، وازدادت أموره سوءا بعد رفع عدد المنتخبات، حيث يواجه تهديدا حقيقيا بفقدان حقه في تنظيم المنافسة.شأنه شأن كينيا التي تواجه منذ عهدة الرئيس السابق عيسى حياتو تهديدا مباشرا بسحب بطولة أمم إفريقيا للاعبين المحليين « الشان » المقررة مطلع العام القادم بسبب بطء وتيرة الأشغال بالمرافق والملاعب المعنية باحتضان الدورة.
رئيس الكاف يعبّد الطريق أمام المغرب ويصدم الكاميرون
وأكدت مصادرنا بأن المغرب حسم فعلا صراع « الكواليس » قصد « خطف » تنظيم البطولتين وفق صفقة عقدها مع رئيس الكاف ومعاونيه، ودعّم موقفه بتوفره على الملاعب والمنشآت والبنى التحتية وكذا المرافق الضرورية التي يحتاجها تنظيم بطولة من 24 منتخبا، خاصة وأنه كان جاهزا لتنظيم دورة 2015 التي أسندت إليه، لولا قرار الكاف في نهاية العام 2014 برئاسة عيسى حياتو سحبها منه بسبب مطلب المغاربة أنذاك بتأجيل موعد إجراء الدورة بسبب مخاوف من تفشي وباء « الإيبولا » الذي ضرب غرب القارة السمراء وقتها.و بعث رئيس الكاف بإشارات قوية مؤخرا حول سحب تنظيم البطولة من الكاميرون حيث أكد بصراحة خلال زيارته لبوركينافاسو بأن « الكاميرون غير جاهز لاحتضان الدورة » في انتظار نتائج زيارة التفقد والمعاينة التي ستقوم بها لجنة من الكاف للكاميرون نهاية الشهر الحالي، بينما جاء الرد قويا من الطرف الكاميروني، حيث اصدرالاتحاد الكاميروني لكرة القدم بيانا بتوصية من وزير الرياضة في البلاد، وأكد البيان على جاهزية الكاميرون لإحتضان « الكان » المقبلة، وجاء في نص البيان: « يؤسفنا أن نسمع تصريحات رئيس « الكاف » حول عدم جاهزية بلادنا لاحتضان « الكان »، نحن مستاؤون للغاية فلجنة التفتيش التابعة للإتحاد الافريقي لم تزرالكاميرون بعد، ومن المقرر أن يكون ذلك ما بين 20 و28 أوت الجاري ». وأضاف: « من أصل 32 ملعبا سيتم إنشاؤه في البلد، هناك 11 ملعبا جاهزا تماما وخاصة الملاعب التي احتضنت فعاليات كأس أمم إفريقيا للسيدات »، وتنبئ حرب التصريحات بقرب اندلاع أزمة بين الإتحاد الإفريقي والكاميروني للعبة.
الفاف خسرت المعركة مبكرا
وبالمقابل أكدت مصادرنا بأن تحرك الاتحاد الجزائري لكرة القدم للتنافس على استضافة « كان2019 » جاء متأخرا وفي « الوقت بدل الضائع » وبطريقة خاطئة تماما، وأوضحت ذات المصادر بأن الرئيس الجديد للفاف خير الدين زطشي قام بمراسلة رئيس الكاف أحمد أحمد، وأشعره بجاهزية الجزائر لاحتضان دورة 2019، في حال سحبها من الكاميرون، ما تسبب في « صدمة » للملغاشي، الذي اندهش لتلقيه هذه المراسلة، دون أدنى احترام للاتحاد الكاميروني لكرة القدم، حيث رد رئيس الكاف على زطشي بأن « البطولة لحد الساعة مبرمجة بالكاميرون ولم يتم اتخاذ أي قرار بشأن سحبها منه، وحتى في هذه الحالة هناك إجراءات يجب المرور عليها قبل إصدار أي قرار »، وحسب مصادرنا فإن هذا الأمر بلغ مسامع رئيس الاتحاد الكاميروني للعبة، الذي التقى زطشي في ملتقى الكاف بالمغرب في نهاية الشهر الماضي، حيث أبلغه « إحباطه واستياءه » من الخطوة التي قامت بها الفاف، مذكّرا إياه بالعلاقات القوية التي تجمع الاتحادين والبلدين، وبأن ما قام به قد يعكّر صفو هذه العلاقات، خاصة وأن زطشي لم يتورّع عن التصريح لوسائل الإعلام أثناء حضوره ملتقى الرباط بأن « الجزائر قادرة على تنظيم كان2019 وتعويض الكاميرون في حال سحب المنافسة منها »، بالرغم من أن قرار تنظيم مثل هذه المسابقات يعود للسلطات العليا في البلاد، على غرار ما صرح به وزير الشباب والرياضة الهادي ولد علي معلقا على ما قاله زطشي حيث أكد بأن تنظيم أي منافسة بحاجة لموافقة السلطات.و زيادة على ذلك فإن تنظيم « الكان » يحتاج لجملة من العوامل حددها دفتر الشروط الجديد الذي أقرته الكاف مؤخرا ومن بينها تقديم 6 ملاعب جاهزة على الأقل، وهو الأمر الذي لا يمكن للفاف توفيره حاليا بسبب عدم جاهزية الملاعب الجديدة براقي، الدويرة، تيزي وزو ووهران.