استبعدت الحكومة الفرنسية وقوع اضطرابات سياسية بالجزائر، بسبب الوضع الاقتصادي الذي تعيشه البلاد، وقالت ناتالي لوازو الوزيرة المكلفة بالشؤون الأوروبية في وزارة الخارجية الفرنسية، بان ما يثار عن احتمال حدوث هزات سياسية في الجزائر هي بمثابة “افتراضات غير محتملة” وذالك في ردها على تساؤلات أثارها نائب بالبرلمان الفرنسي قبل أيام، حول ما تفعله فرنسا إزاء التطورات السياسية في الجزائر مع احتمال رحيل الرئيس بوتفليقة عن الحكم.
عاد ملف الجزائر مجددا ليطرح على منبر الجمعية الفرنسية (البرلمان)، خلال جلسة مناقشة جرت بتاريخ 31 جانفي الجاري، حيث تساءل النائب الفرنسي جون لاسال، والمرشح السابق للرئاسيات الفرنسية، عن واقع ومستقبل العلاقة بين باريس والجزائر، في سؤال وجهه للوزير الأول الفرنسي، دعاه إلى تقديم توضيحات حول تطورات الوضع في الجزائر، مع تزايد الحديث عن الوضع الصحي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
وزعم النائب الفرنسي، وجود اتفاق بين الرئيس بوتفليقة والجيش، بعد وصول بوتفليقة إلى الحكم في 1999، ويقضى الاتفاق أن يؤول الحكم في الجزائر إلى العسكر بعد نهاية فترة حكم بوتفليقة، وأضاف إلى مزاعمه أن ما يثير المخاوف هو تسلل التيار الإسلامي المتشدد داخل المؤسسة العسكرية، مستندا إلى أقوال بعض المراقبين.
النائب لاسال، الذي سبق له وان انتقد الرئيس الفرنسي ماكرون قبيل زيارته إلى الجزائر، عاد هذه المرة ليخوض في الملف الجزائري، وقال إن الوضع السياسي والاقتصادي للجزائر صعب. وان الكثير من الجزائريين بالآلاف هاجروا البلاد في الفترة الأخيرة للإقامة في دول أوروبية على غرار اسبانيا وإيطاليا وفرنسا، حيث لا تزال بعض بنود من اتفاقات ايفيان سارية المفعول. وتوقع أن يزداد الوضع سوءا إذا ما وقعت الجزائر بين “أيادي غير أمينة” وسيكون لهذا الأمر “عواقب لفرنسا وجيرانها” ويمكن أن يشهد البحر المتوسط موجات للمهاجرين القادمين من الجزائر بشكل لم يعرف له مثيل.
الوزيرة المكلفة بالشؤون الأوروبية في وزارة الخارجية، ناتالي لوازو، وفي ردها على تساؤلات النائب البرلماني، قالت بان كل ما يثار هي “تكهنات مبنية على افتراضات غير محتملة”، مستبعدة بذالك حدوث اضطرابات سياسية في الجزائر، وأضافت بان العلاقات القائمة بين البلدين متعددة، ومنها ما يتعلق بمكافحة الإرهاب والتطرف، قبل أن تضيف بان الجزائر “قد دفعت الجزائر ثمنا باهظا في سبيل مكافحة الإرهاب في التسعينات”، وقالت بان المعركة ضد الإرهاب والتطرف هي “معركة مشتركة”.
واعتبرت الوزيرة الفرنسية، بان “المهمة هي على عاتق البلدين لمواجهة الماضي والتحضير للمستقبل”، وأكدت بان البلدين (الجزائر وفرنسا) تربطهما علاقات تاريخية وجغرافية إضافة إلى علاقات إنسانية استثنائية.
وذكرت الوزيرة الفرنسية، بالزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، إلى الجزائر بتاريخ 6 ديسمبر الماضي، وهي الزيارة التي وضفتها السلطات الجزائرية حينها –كما قالت المسؤولة الفرنسية في ردها- بأنها زيارة “عمل وصداقة”، قبل أن تضيف لاحقا قائلة “هذه هي روح علاقتنا، وبهذه الروح نعد المستقبل جنبا إلى جنب مع الجزائر”.
وتحدثت عن العلاقات القوية بين البلدين، حيث ومباشرة بعد زيارة ماكرون، احتضنت باريس اجتماع اللجنة المشتركة العليا بين البلدين، وهو الاجتماع الذي جرى بحضور الوزير الأول احمد اويحيي الذي تراس الاجتماع إلى جانب نظيره الفرنسي، وقالت بان اللقاء سمح بوضع محاور عمل تمتد طوال فترة الخمس سنوات القادمة.
وقالت الوزيرة الفرنسية، بان العلاقات بين البلدين ستشهد تطورات جديدة في المسائل الاقتصادية، من خلال مشاريع شراكة والاستثمارات المتبادلة، مع التركيز على نقل التكنولوجيا ومنح المشاريع لصالح المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. مع التركيز على جانب التكوين لتحسين مستوى تأهيل الجزائريين وتعزيز فرصهم للحصول على مناصب عمل.
وأشارت الوزيرة، إلى العبارة التي رددها الرئيس ماكرون خلال زيارته إلى الجزائر، والتي مفادها أن “مستقبل الجزائريين هو في الجزائر”، وعرجت في حديثها عن التسهيلات التي سيتم اقرارها في مجال حرية التنقل، من اجل مواجهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية، من خلال تسهيل التنقل القانوني للأشخاص، خاصة بالنسبة لبعض الفئات على غرار المثقفين ورجال الأعمال والطلاب.tsa