هبّ المشايخ والأئمة ورجال السياسة وأطياف المجتمع المدني، هبة رجل واحد، منتقدين قرار الرئيس الأمريكي « الجاهل بالأمور » حسب وصفهم دونالد ترامب الذي أعلن القدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي، مهددين بتنظيم وقفات احتجاجية أمام السفارة الأمريكية بالجزائر، وباتخاذ خطوات عملية على غرار مقاطعة المنتجات الأمريكية إن اقتضت الضرورة، في سبيل العودة عن القرار الأمريكي.
الدكتور عمار طالبي:
ترامب.. غبي وجاهل بالتاريخ وعلينا بمقاطعة المنتجات الأمريكية
ثارت جمعية العلماء المسلمين الجزائريّين، للقرار الأمريكي ووصفته بالقرار « الغبي » الصادر عن شخص « جاهل بالعلاقات الدولية… لا يزن مواقفه ولا يعرف نتائجها، وهو جاهل بالتاريخ، باعتباره رجل مال لا سياسة « .
وحسب الدكتور عمار طالبي في اتصال مع « الشروق » الخميس، فالقرار الأمريكي، بتحويل القدس إلى عاصمة للإسرائيليين، دليل على احتقار أمريكا للعالم الإسلامي، رغم الأموال الكبيرة التي تحصلها من العرب، سواء كسيولة أم معاملات اقتصادية وتجارية.
ويتساءل طالبي بالقول: « مصالح الولايات المتحدة مع الدول المسلمة، أكبر بكثير من مصالحها مع إسرائيل، بل إنّ الصهاينة هم المنتفعون الوحيدون من أمريكا، ومع ذلك لم تعر أمريكا المٌسلمين أيّ قيمة أو احترام، بل غايتها تدمير المسلمين فقط ». ولا حل لاسترجاع هيبة الدول المسلمة سوى « بمقاطعة ومعاداة المنتجات الأمريكية في البلاد الإسلامية » حسب تعبيره.
كما تمنى طالبي أن تتخذ دول الاتحاد الأوروبي موقفا صارما، يخدم مصالحها المباشرة مع المسلمين والعرب، بعيدا عن بيانات الرفض والاستهجان، داعيا الطبقة المثقفة ورجال الدين إلى الوقوف « صفا واحدا والاحتجاج على القرار ».
وأكد المتحدث أن جمعية العلماء ستعقد اجتماعا طارئا لدراسة الوضع، وحسب قوله « سنتخذ موقفا صارما، كما ننظم احتجاجات أمام السفارة الأمريكية، إن تيسر الأمر، أو نحتج داخل مقر الجمعية بحضور شخصيات مختلفة، وتاريخ الوقفة سنعلنه لاحقا ».
جلول حجيمي:
خطبنا المنبرية ستكون حول أهمية القدس للمسلمين
ومن جهتها، أكّدت نقابة الأئمة وموظفي الشؤون الدينية، أنها ستركز على القضية الفلسطينية في خطب الجمعة، لإبراز الأهمية الدينية للقدس في نفوس المسلمين، والدفاع عنها بأساليب بعيدة عن العنف والتطرف.
وتخوف المنسق الوطني الإمام جلول حجيمي في تصريح لـ « الشروق »، من تداعيات القرار الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، حيث « ستصبح جميع دول العالم في وضع متأجج ومتوتر، وقد تظهر أعمال عنف وإرهاب تروح ضحيتها الجالية المسلمة بالخارج « .
وهو ما جعله ينادي بضرورة توخي السلم والهدوء، ونبذ التطرف والغلو، مناشدا رجال السياسة، للتحرك واتخاذ موقف موحد، لأن القدس قضية مفصلية وجوهرية في نفوس المسلمين ».
وأكد حجيمي أن نقابة الأئمة تسير في خط الدبلوماسية الجزائرية، التي أعلنت استنكارها القرار الأمريكي.
المحلل السياسي سليم قلالة:
ترامب خرق السياسة الخارجية الأمريكية وتحدّى مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة
ومن شأن القرار، أن يهدد الأمن والسلم العالمييّن، ويقوض جميع الجهود التي بذلت منذ 50 سنة لتسوية القضية الفلسطينية، حسب رأي المحلل السياسي، سليم قلالة لـ « الشروق ». حيث اعتبر القرار « منافيا لكل ما اتفقت عليه الشرعية الدولية بشأن القدس، وهو مناف لمسار السلام المطروح منذ أكثر عقود، وهو أيضا قرار متطرف لا يستجيب حتى مع السياسة الأمريكية الخارجية القائمة على مكافحة الإرهاب والتطرف، والحفاظ على السلم الدولي ».
ويتوقع محدثنا أن يضع هذا القرار الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي على « طرفي نقيض » أي إن طرفا يأخذ كل شيء، فيما لا ينال الطرف الثاني شيئا، وهو ما يمهد لظهور عناصر متطرفة في الجانب الفلسطيني وفي مركز قوة، ترفض أي تسوية مع الإسرائيليين، وتضع أمامها هدف « إزالة هذا الكيان تماما من وجه الأرض، والنتيجة تأجيج الصراع مرة أخرى وإعادته إلى نقطة الصفر ».
والحل حسب قلالة، هو في مواجهة هذا القرار من قبل المجتمع الدولي، وعلى الأمم المتحدة أن تتخذ من خلال مجلس الأمن، القرارات اللازمة لمنع تطبيق هذا القرار، لأن تداعياته- حسبه- ستمس بالسلم الدولي.
المركزية النقابية:
الاعتراف الأمريكي.. جائر وخطير ويخالف الشرعية الدولية
اعتبرت المركزية النقابية الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني « قرارا جائرا وخطيرا، يخالف الشرعية ويتنافى مع المواثيق الدولية، وقرارات مجلس الأمن ».
ونددت الأمانة الوطنية للاتحاد العام للعمال الجزائريين عبر بيان تحصلت « الشروق » على نسخة منه، بما سمته القرار « الطائش المتهور » الذي سيجهض عملية السلام في المنطقة، ويؤجج الصراع ويقضي على الأمن والتعايش السلمي بين شعوب المنطقة، معبِّرة عن دعمها للشعب الفلسطيني، داعية في الوقت نفسه « العمال العرب والشعوب العربية والأمة الإسلامية، إلى أن تثور في وجه هذا القرار الجائر والظالم لإحقاق الحق وإقامة الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشريف… ».
الكتلة البرلمانية لحركة مجتمع السلم:
تحرّك برلماني ورسالة احتجاج إلى السفير الأمريكي ووقفة بالمقر المركزي
توجه القياديون بحركة مجتمع السلم، الخميس، نحو السفارة الأمريكية، حيث سلموا سفيرها رسالة احتجاج وإدانة لقرار الرئيس ترامب، مع اعتزام الحركة القيام بتحرك برلماني مشترك يوم الأحد القادم، يتضمن وقفة أمام البرلمان، مسيرة، بيان مشترك بين جميع الكتل البرلمانية والأحزاب، ومطالبة المجلس ببيان رسمي..
إضافة إلى تحرّك على مستوى جميع الأحزاب والجمعيات والمنظمات عن طريق تنظيم وفقات ومسيرات في كل الولايات، توحيد خطبة الجمعة، وقفة للحركة أمام المقر المركزي، عرائض ورسائل احتجاج إلى الدول الأعضاء في مجلس الأمن، دعم خيار المقاومة بكلّ أشكالها، وعلى رأسها المقاومة المسلحة، والتبرؤ كلّيا من مسلسل السلام وخيار المفاوضات وما ترتّب عليها.
ووصف النائب البرلماني عن حركة مجتمع السلم، ناصر حمدادوش، اعتزام الإدارة الأمريكية نقل سفارتها إلى القدس المحتلة، بـ « العدوان الجديد ضد فلسطين والأمة العربية والإسلامية، وإمعان في استفزاز مشاعر المسلمين ومحاباة للكيان الصهيوني »، مؤكِّدا أن الإجراء بمثابة إعلان حربٍ مباشرةٍ وصريحةٍ ضدّ فلسطين وكلّ الأمة العربية والإسلامية، وإضفاء للشرعية على احتلال القدس في ذكراها الخمسين ».
وبعدما جدّدت حركة مجتمع السلم إدانتها للإدارات الأمريكية المتعاقبة بشأن قضية فلسطين وكل قضايا الأمة الأخرى، التي ارتكبت فيها أمريكا أبشع الجرائم، استنكرت مواقف وسياسات الأنظمة العربية الرسمية « بفعل التخاذل المزمن الذي طبع تعاملها المستمر مع قضية فلسطين والقدس، وبفعل تواطؤها التطبيعي، الذي أصبح يتخذ مظاهر خيانية معلنة بحقِّ الشعب الفلسطيني ومقاومته الصامدة ».
واستغربت نية زيارة رؤساء برلمانات سبع دول إفريقية إلى المقدسات الإسلامية تحت الوصاية الصهيونية، داعية رؤساء البرلمانات الإفريقية إلى العمل على وقف هذه الزيارة.
الناطق باسم « الأرندي » شهاب صديق:
لن نتهاون في دعم القضية الفلسطينية ومطالبها المشروعة
أكد الناطق باسم التجمع الوطني الديمقراطي، شهاب صديق، أن موقف الحزب هو من الموقف الرسمي للدولة الجزائرية، الذي يتوافق مع مواقف المنظومة الدولية للأمم المتحدة.
واصفا القرار الأمريكي، بـ « التعسفي المتجاهل للمجموعة الدولية، الذي ستكون له انعكاسات جد خطيرة على استقرار المنطقة والأمن الدولي ».
واعتبر شهاب أنهم سينخرطون في كل ما تقوم به الدولة في هذا الشأن، « ولن يقصروا أو يتهاونوا في دعم القضية الفلسطينية ومطالبها المشروعة في تحقيق دولتها وجعل القدس عاصمة أزلية للدولة » حسب تعبيره.
فيلالي غويني:
الجزائر أول من اعترف بدولة فلسطين وعليها أن تدافع عن القدس
ندّدت حركة الإصلاح الوطني بإعلان الرئيس الأمريكي ترامب، معتبرة أنها خطوة استفزازية وموقف عدواني لرئيسها « ترامب » الذي يحاول « عبثا تغيير التاريخ بأثر رجعي، ويريد تبديل الجغرافيا بمواقف سياسية استعدائية، تُبيِّن انحيازه الكامل إلى كيان الاحتلال الغاشم، الذي فضحت ضَعفه ضربات المقاومة وانتفاضة « السكاكين » وأَرْدَتهُ الوحدة بين الفلسطينيين أرضاً. »
وثمنت الحركة عبر بيانها، موقف الدبلوماسية الجزائرية، داعية إياها إلى التّحرك الدبلوماسي والسياسي أكثر، على كل المستويات لتطويق هذا القرار الجائر، وإفراغه من أي محتوى أو إسقاط قد يترتب عليه على أرض الواقع ».
وتنتظر حركة الإصلاح من « دبلوماسيتنا… الدّفاع المستميت عن قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، الذي أعلن عنه الرئيس الراحل ياسر عرفات في عام 1988 من الجزائر، التي كانت أول دولة تعترف بها مباشرة بعد إعلان قيامها. «
وأكد رئيس الحركة فيلالي غويني في اتصال مع « الشروق » أنهم سينسقون مع جميع مكونات المجتمع المدني، للخروج بموقف موحد، للتنديد بالقرار الاستفزازي والعدواني.