صراخ وعويل وبكاء يطرق الأسماع، وعيون تتقافز ورقاب تشرئب نحو مصدر الصوت، كان ذلك في إحدى قاعات الحجامة بالعاصمة التي تستقبل يوميا عشرات النساء المصابات بأمراض مختلفة واللواتي يبحثن عن العلاج في شرطة محجم بعد أن عجزت الأدوية عن الأخذ بأيديهن إلى الشفاء.
وقد بدا واضحا أن علاقة من الثقة امتدت بين النساء المتواجدات في القاعة وبين الحجّامة التي أقنعت الحاضرات بضرورة إجراء أكثر من خمس حصص لحجامة الرقية قبل الشروع في حجامة الأمراض التي يشتكين منها، للتأكد من عدم إصابة المريضة بمس أو سحر أو عين ربما تكون سببا في حدوث هذه الأمراض، على غرار مشاكل العقم وعدم الإنجاب التي تقول عنها إحدى الحاضرات « إن هذه الطريقة في الحجامة التي تركز على مواضع معينة أثبتت نجاعتها في شفاء الكثير من النساء من العقم، بعد أن أقنعهن الأطباء أنهن يعانين من مشاكل عضوية تمنعهن من الإنجاب، ومن ذلك حالة سيدة تزوجت منذ أكثر من عشرين سنة ولم تنجب، وعندما أخذت الحصة الأولى من الحجامة، بدأت تظهر عليها أعراض السحر، وبدأ الجني يتكلم على لسانها ويقول إنهم هم الذين أمروه »وتضيف هذه السيدة » هناك أيضا امرأة لم تنجب منذ 11 سنة وبفضل الحجامة أنجبت طفلها الأول منذ عدة أشهر لأنها لم تكن تعلم أنها تعاني من مس يسكن رحمها »وتنصح هذه الحجّامة زائراتها، بل وتشدّد عليهن بضرورة الاستمرار في الحجامة حتى بعد الحمل لكي لا يتعرضن للإجهاض بسبب السحر أو المس الذي يتربص بهن، وحتى بالنسبة للأمراض العضوية الأخرى، تنصح الحجّامة المريضات بضرورة استكمال حصص الرقية أولا قبل حجامة المرض الذي يحتاج إلى أكثر من حصة لتشعر المريضة بالتحسن.
مواضع معينة للأمراض الروحانية
عن حجامة الرقية، أو الحجامة الروحانية تقول السيدة ليلى خوني، متخصصة في الحجامة والطاقة الحيوية بسطيف، إن هذه الحجامة يقصد بها علاج الأمراض الروحانية التي تشخص عادة من طرف راق شرعي معترف به، أو يقوم الحجّام بطرح أسئلة على الشخص للتأكد من انه مصاب بمرض روحاني وليس مرض نفسي، وتضيف ليلى أن هناك مواقع للحجامة الروحانية أغلبها في منطقة الظهر، ففي حالة العين، يتم التركيز على النقاط : 1 و55 و22 و21 و4 و5 أما في حالة السحر، سواء المأكول أو المرشوش فنركز على النقطتين 9 و10 وهي في منتصف الظهر وعلى الجانبين، والنقاط على الجوانب يقصد بها الأطراف للسيطرة على تحركات خادم السحر، أما النقطتان 154 و155 فهي خاصة بالرحم، حيث يتم معالجة المرأة من تعطيل الزواج والإنجاب.
وتشير السيدة خوني إلى امتهان الحجامة من طرف نساء ليس لديهن أي مستوى علمي وليس لهن علاقة بالطب، بينما الحجامة هي تقنية طبية يجب أن يتولاها متخصصون في مجال الطب البديل أو بالأحرى الطب المكمل للطب الكيميائي حتى لا يتضرر المريض.
التركيز على اللاوعي أولا
وترى إحدى الحجّامات بولاية بومرداس والتي اعتذرت عن ذكر اسمها، ضرورة إلقاء نظرة على اللاوعي والبرمجة قبل التحدث عن المس والعين والسحر، حيث تقول إن التجارب السابقة كلها تخزن في اللاوعي حتى التي ينساها الوعي، ويعمل اللاوعي بما أدخلنا عليه من تجارب سابقة أي أنه أصبح مبرمجا عليها، ما يجعل بعض الأشخاص يصرخون أثناء الحجامة وتبدو عليهم أعراض مشابهة لأعراض السحر والمس، ولكنهم في الحقيقة يستجيبون لنداء اللاوعي والبرمجة العصبية، وبفعل الوسوسة وقناعة المريض بأنه مسحور أو ممسوس تظهر تلك التجارب إلى الوعي بينما هو لا يعاني من أي شيء، وفي كل الأحوال، سواء كان المريض يعاني من مس أو توهم بأنه ممسوس، فعلى الحجّام أن يكلمه فقط ولا يبالي بشيء آخر.
وتشير حجّامة بومرداس، إلى أن كل شيء مخالف للفطرة يعطينا طاقة سالبة والمس والعين والسحر هم أيضا طاقة سالبة تدخل الجسم وتؤثر سلبا عليه وهي تجري مع الدم وتترك آثارها في كل أنحاء الجسم، بالأخص في المفاصل والجهاز الهضمي والعصبي والتناسلي، وبما أن الشيطان يجرى مجرى الدم، فهذا يعني أن السحر يؤثر على كل الجسم ويؤثر أكثر في العضو المستهدف، لهذا لا تكون الحجامة فيه فقط، بل تكون في مختلف مواضع الجسم، كالرأس والمعدة والظهر والمفاصل، مما يجعل الطاقة السالبة تخرج مع الدم لهذا يستوجب عدم تواجد أي شخص في الغرفة أثناء الحجامة غير الحجّام والمحجوم حتى لا يتأذى الآخرون من الطاقة السالبة، وعليه إجراء الحجامة لعدة أشخاص في نفس الوقت خطأ كبير، وينبغي أن نعرف أن الحجامة تساعد في التخلص من الطاقة السالبة بشكل نهائي.
وخلافا لما يقوم به معظم الحجّامين، لا تلتزم هذه الحجّامة بنقاط معينة في حالات السحر والعين، بل تقوم بأجراء الحجامة على كل المواضع لأن الجني يُعرف عنه الكذب ومن المؤكد أنه سيتلاعب بالمريض فيظهر عليه علامات العين في مكان ما في الجسم ليصرف الحجّام عن الموضع المصاب.
وتنبه هذه المتخصصة في الحجامة إلى ضرورة الذهاب إلى أهل الاختصاص، وليس إلى الدخلاء على الحجامة الذين لا يملكون أي مستوى دراسي ولا يراعون شروط الحجامة الصحيحة، من معرفة التاريخ المرضي للمريض وعدم كتابة معلوماته الشخصية، وممارسة طقوس خادعة، كوضع دم الحجامة في الماء وتقديم تفسيرات مختلفة، وعدم المشاركة في دورات الحجامة، ومن يدعي أن الحجامة « معطيتلو »، وكذا الجهل بمواضع الأعضاء الداخلية، وكلما التزم الحجّام بشروط الرقية نال الشفاء الذي يرتجيه، كيف لا وأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي حثنا عليها.