انتشرت في السنوات الأخيرة محلات الحلاقة النسوية بشكل ملفت للانتباه وفي كل مكان، فلا يخلو شارع أو زاوية إلا وفيها محل للحسناوات، والأمر هو ربما عادي مادام في خدمة جمال المرأة، خاصة في المناسبات، غير أن الكثير منها تحول إلى أمكنة للفسحة عند بعض النساء، وتجاذب أطراف الحديث في كل شيء من دون استثناء، وأصبحت مهربا للكثيرات للفضول أو « التقرعيج » كما يقال اليوم، بل للغيبة والفتنة وكل أمور السوء إلا من رحم ربي منها.
بقدر انتشارها في كل زوايا شوارعنا بقدر تحولها إلى أماكن للغيبة وحديث النساء الطويل، الذي لا يخلو من التطرق إلى كل المواضيع من دون استثناء، ولعل الحديث في هذا الموضوع ليس من باب اتهام هذه المحلات التي تقدم خدمة الزينة للحسناوات عامة، وللعرائس خاصة، بل وقفنا عند البعض منها وهي حلبة لشد الشعر والركل بين النساء والفتيات، حين تسربت الكثير من الخصوصيات العائلية والشخصية من هذه المحلات، وأوقعت العديد من الأسر في حرج، فكانت سببا مباشرا في طعن شرف الكثير من العائلات، بل فيها من أغلقت من طرف سكان الحي أو أهله لتجنب الفتنة التي أتت بها لهم، حين حجت العديد من النسوة من كل مكان إلى هذه المحلات للأخذ والعطاء في الحديث الهامشي النسوي الذي لا يتزين إلا بالكلام عن الأعراض عن علم أو من دون علم، حتى أصبحت شبهة في حق الحي، وجب التخلص منها.
بل لرسم العلاقات المشبوهة فيها أو انطلاقا منها
تحولت كذلك إلى مكان لرسم العلاقات المشبوهة بين الشباب والفتيات، واتخذت هذه الأمكنة غطاء تسريحات الشعر ظاهرا وهو الأصل فيها، لكنها في نفس الوقت لترتيب الكثير من اللقاءات الغرامية، بل يوجد البعض منها حين تنهي وقت العمل تتحول إلى عقد اللقاءات الحميمية، وفي المقابل أصبحت العديد منها نقطة وصل لتوصيل الفتيات إلى الأشخاص الغرباء، فيكون الموعد انطلاقا من هذا المكان الذي هو في الأساس مكان للزينة والجمال، لكنه يقدم خدمة أخرى هامشية وهي العلاقات المشبوهة بين الرجال والنساء.
كما أن التطرق في هذا الموضوع لصالونات الحلاقة النسوية، كان انطلاقا مما وصل إلينا أو وقفنا عنده في الكثير من الأماكن حين تسرب صور أو أشرطة من هذه المحلات لنسوة أو فتيات وهن من غير حجاب، متبرجات ولا يدركن أنهن في حضرة تصوير آلي أو قصدي من طرف مالكات هذه الصالونات اللواتي لا يهمهن إلا الربح لا غير، إلا من رحم ربي، فلا يمكن بحال من الأحوال أن نتهم كل من أرادت طلب الرزق في هذه المهنة.
من الغيبة والحديث في الأعراض إلى النمص والوشم وغيرها من الزينة المحرمة على نسائنا، التي استفحلت بكثرة والتي داست على الحدود الشرعية والقيم اجتماعية وكذا الأخلاقية، إلى أمكنة للعشق ونقط تواصل ولقاءات بين النساء والرجال في علاقات مشبوهة فيها أو انطلاقا منها، هو حال الكثير من صالونات حلاقة النساء اليوم، التي تخفي الكثير مما تظهره وما يظهر للعيان، وهي حقيقة حتى وإن أنكرها الكثير من الناس، بل واعترض الحديث عنها، خاصة النساء، إلا أنها تبقى موجودة وواقعة وليس مجرد تخمين أو ضربة حظ.