تحوّل كثير من عرائس 2017 إلى دُمى بلاستيكيّة متحركة، فكل شيء مُصطنع فيهن، من الأشفار إلى الحواجب، العدسات اللاّصقة، « الخانات » والأظافر، خصل الشعر، نفخ الشفاه والخدود، تبييض البشرة بالتقشير والليزر، الكونتورينغ…إلى درجة أن صارت المحاكم ملجأ للعرسان الجدد، الذين يودعون شكاوى ضد زوجاتهم « الدمى » بتهمة « النصب والاحتيال »، بعدما استيقظوا على حقيقة جمالهن المزيّف.
كثيرة هي القصص التي تروي صدمة بعض العرسان الجُدد، الذين تفاجؤوا بحقيقة جمال زوجاتهم… فالعروس يوم زفافها تتوّج ملكة جمال العالم، تخطف قلب الزوج وعقله، لتتحول بعد أسبوع أو حتى يوم من زفافها، إلى امرأة أقلّ من عادية في الجمال.. وهو ما لا يتقبله كثير من العرسان، ويصرون على زوجاتهم أن يبقين جميلات مهما كلفهن ذلك، فيما يُسارع آخرون إلى طلب الطلاق، لاستحالة العشرة مع نساء انخدعوا في جمالهن.
تصر كثير من الشابات على الظهور بمظهر مختلف كليا يوم زفافهن، ما يجعلهن يدفعن الغالي والنفيس لتحقيق حلمهن. والظاهرة استغلتها مراكز التجميل والحلاقة، وأطباء الجلد والليزر، وصاروا يعرضون أسعارا خيالية لتحقيق حلم العرائس.
عرائس يدخلن صالون الحلاقة بوجه ويخرجن بوجه آخر…
وللتعرف على الظاهرة عن قرب، تجوّلت « الشروق » عبر بعض مراكز الحلاقة والتجميل بالعاصمة.. أوّل مركز دخلناه هو صالون « الماسة الذهبية » بالقبة.. وهو زيادة على الحلاقة والتمشيط، يعرض خدمات على زبوناته مثل تنقية الوجه من الشوائب ونزع الشعر الزائد وغيرهما. سألنا إحدى العاملات هناك، التي رفضت ذكر اسمها، عما تبحث عنه العرائس استعدادا ليوم زفافهنّ، فردت محدِّثتنا مباشرة: « يردن كل شيء… »، ثم أوضحت أن العرائس يبحثن عن التغيير الجذري، غير آبهات بالمقابل المادي، فغالبية عرائس اليوم يطلبن وضع أشفار مستعارة، ويبحثن غالبا عن الأشفار التي تدوم حتى سنة كاملة، لا يقل ثمنها عن 20 ألف دج، أما العدسات اللاّصقة فلا تستغني عنها غالبيتهن، إذ من النادر أن تجد عروسا يوم زفافها بلون عينيها الحقيقي، كما يلصقن الأظافر بمختلف الألوان ومنها ما يدوم حتى 6 أشهر وتكلف مبلغا يصل حتى مليون سنتيم، ويضعن الشعر المستعار الطويل باللونين الأسود والأشقر، خاصة أن موضة شعر العروس لعام 2017 هي الشعر الطويل المتعرج « أونديلي »، وتعرض بعض المراكز خدمة وضع شعر طبيعي بمبلغ 3 ملايين سنتيم، ويرسمن الحواجب سواء عن طريق « التاتو » أم بالحرقوس الذي يدوم بين 3 أشهر حتى 5 سنوات كاملة، بمبلغ 12 ألف دج. والبعض يطلب إلصاق صفّ من الأحجار اللاّمعة على طول الحاجب، كما صارت العرائس يطلبن وضع رسوم من مختلف الأحجام على أجسادهن، فيضعن صور أزهار أو كتابة أسماء أو نقوش بمبلغ يبدأ من 1000 دج للرسم الواحد.
بدينات تنحِّفن وجوههن بتقنية « الكونتورينغ »
ومن الماكياج المطلوب بشدة، « الكونتورينغ »، الذي يعتمد على استخدام ثلاثة ألوان، بني غامق وفاتح وأبيض وبيج، لتحديد ملامح الوجه. وهذا الماكياج يرفع الخدود، وينحِّف الوجه الممتلئ، ويملأ الوجه النحيف جدا، فيبدو وجه العروس وكأنه مرسوم لشدة جماله وتناسقه، وتلجأ إلى هذه التقنية خاصة الفتيات اللواتي يعانين امتلاء الوجه. وتؤكد محدثتنا أنهن يحاولن إقناع العرائس بضرورة الإبقاء على جمالهن الطبيعي يوم الزفاف، لكن الغالبية يرفضن ذلك.
وبمركز التجميل « الأيقونة » وسط العاصمة، أكدت لنا صاحبته نوال، أن بعض العرائس عدن إليها بعد شهر من زواجهن، يطلبن تجميلهن مثل يوم زفافهن، بمبرر أن أزواجهن لم يتقبلوا جمالهن الطبيعي بعد الزواج، مؤكدة لنا أن عروسا من ولاية البليدة تطلقت بعد 3 أشهر من زوجها الذي تعرفت عليه عبر الفايسبوك، والسبب أنه اكتشف أن شعرها الأشقر الأملس الطويل ليس إلا شعرا مستعارا، وأن عينيها ليستا زرقاوين.. وبعد مشادة بينهما وتوسع الخلاف بعد تدخل أهل العروسيْن، حصل الطلاق.
لتقشير البشرة وتبييضها… اكتظاظ رهيب بعيادات طب الجلد صيفا
كما تشهد عيادات أطباء الجلد والتجميل إقبالا رهيبا من الفتيات خلال الصائفة، وغالبيتهن مقبلات على الزواج يبحثن عن التقشير الكيميائي للبشرة أو التبييض بالليزر، فيبدون يوم زفافهن مثل بياض الثلج، لكن هذا البياض لن يدوم إذا لم تتقيد الفتاة بنصائح الطبيب، من الابتعاد عن الشمس والالتزام بوضع الكريمات، وغالبيتها تقنيات تٌكلّف غاليا.
فبعيادة الجلد للطبيب بُوكرّو بمدينة الأربعاء بولاية البليدة، اكتشفنا حجم الإقبال الكبير للمرضى يوم الاثنين المنصرم، إلى درجة لن تجد مقعدا للجلوس، وغالبية المرضى فتيات مقبلات على الزواج حضرن بحثا عن وصفة لتقشير وجوههن « المحروقة » بأشعة الشمس.
وفي ظاهرة جديدة على المجتمع الجزائري، صارت الفتيات يلجأن مؤخرا إلى نفخ خدودهن وتكبير شفاههن عن طريق حقن البوتكس رغم صغر سنهن، ورغم أن العملية لا تدوم سوى 6 أشهر فقط، وتضطر الفتاة إلى إعادة الحقن مجددا، حيث تكلف العملية بين 10 و20 ألف دج للخد الواحد، ولا تتعجب إذا صادفت فتيات نحيلات الجسد، لكن خدودهن مملوءة جدا وكأنّ تحتهما تفاحات…!!
المحامي عمر مهدي:
بإمكان الزوج فسخ عقد الزواج والمطالبة بتعويض عن الضرر النفسي والمادي
وفي الموضوع، أكد المحامي عمر مهدي، في اتصال مع « الشروق »، أنه يمكن للزوج الذي ينخدع في زوجته، حيث لم يكن يعلم بحقيقة جمال عروسه قبل الزواج، أن يرفع شكوى إلى قاضي شؤون الأسرة، يطلب فيها فسخ عقد الزواج مع المطالبة بتعويض عن الضرر النفسي الذي حصل له، على أساس أنه تعرض للنصب والاحتيال.
ويتذكر الجميع، قصة العريس الذي رفع دعوى قضائية أمام محكمة سيدي محمد منذ سنتيْن، متهما عروسه وأهلها بالخيانة والتزوير والنصب والاحتيال، والسبب أن العريس أصيب بصدمة نفسية بعد استيقاظه يوم زفافه، ورؤيته عروسه دون ماكياج، بعدما تبدّل وجهها كليا. وحسب تصريح الزوج « المغدور به »، فهو لم يتعرّف على زوجته٬ التي كانت فاتنة يوم عرسهما، فلما رآها صباحا ظنّها شخصا غريبا دخل بيته بغرض السرقة، فانتابه الذعر، ولما اكتشف أنّها زوجته سارع إلى إيداع شكوى ضدها بعد تعرضه لضرر معنوي.