كشف مصدر من قطاع الصناعة، لـ«الخبر »، أن « فولكسفاغن » الألمانية كانت مرشحة من قبل الجزائر للقيام بمشروع صناعي للسيارات منذ 2010، وكانت الشركة الألمانية محل اهتمام الجانب الجزائري، إلى جانب « رونو » الفرنسية، إلا أن المسار توقف بعدها وتواصل مع « رونو » فحسب، مشيرا إلى أن دفتر الشروط المعتمد حاليا يفرض على كافة المتعاملين المعتمدين، إقامة مشروع صناعي سواء للتركيب أو لقطع الغيار في غضون ثلاث سنوات، وإلا فإنه يتم سحب الاعتماد من المتعامل، وهو يعني كافة المتعاملين دون استثناء.
أوضح نفس المصدر أن السلطات الجزائرية، في فترة وزير الصناعة الأسبق، محمد بن مرادي، أنشأت، في 2010، لجنة متخصصة ساهمت في صياغة دفتر الشروط الخاص بنشاط قطاع السيارات والوكلاء، وقد تضمنت عدة شخصيات وخبراء من بينهم المسؤول الأول عن الشركة الوطنية للسيارات الصناعية، وقد ساهمت اللجنة في وضع أسس دفتر الشروط المنظم للقطاع، رغبة من السلطات في تطوير صناعة السيارات والمركبات، في وقت بدأت واردات السيارات تعرف نموا ونشاط الوكلاء توسعا، وقد سلمت السلطات العمومية الجزائرية نسخا من دفتر الشروط لشركتين دوليتين هما « رونو » الفرنسية و«فولكسفاغن » الألمانية، وهما الشركتان اللتان كانت الجزائر ترغب في تجسيد مشاريع صناعية معهما في تلك الفترة. وتجدر الإشارة إلى أن الجزائر فشلت في استقطاب « رونو » في مرحلة أولى، وتوجهت هذه الأخيرة إلى المغرب لتدشين مصنعها في 2012.
وفي الوقت الذي رأى الفرنسيون إمكانية تجسيد مشروع صناعي بصيغة متدرجة بالجزائر، وتواصلت المفاوضات، ثم توسعت خاصة بعد تشكيل لجنة شارك فيها من الجانب الجزائري الوزير الأول، أحمد أويحيى، ومن الجانب الفرنسي أمين قصر الإليزي، ثم وزير الداخلية بيار غيون، مع تحديد 12 ملفا رئيسيا من بينها مشروع « رونو » لتركيب السيارات، وتمت متابعته من قبل بن مرادي والمسهل الفرنسي جون بيار رافارين؛ فإن الألمان اعتبروا المشروع الصناعي صعب التحقيق، وأشاروا إلى ضرورة أن يمر ذلك عن طريق شبكة صناعية للمناولة، وتدعيم النسيج الصناعي، وعلى إثر ذلك تم التخلي عن المشروع الألماني مؤقتا، ليعاد تفعيله بمعية القطريين الذين أدرجوا ملف إقامة مشروع صناعي للسيارات، إلا أن هذا المشروع اصطدم، نهاية 2012، مع تقدم مشروع « رونو » لتركيب السيارات ومنح هذه الأخيرة الحصرية لمدة ثلاث سنوات، وقد تم التخلي عن المشروع قبيل زيارة أمير قطر، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، للجزائر في جانفي 2013، علما أن قطر من أكبر المساهمين في مجموعة « فولكسفاغن بورش » وبلغت حصتها 17 في المائة في ديسمبر 2009. وعلى هذا الأساس، لم يتم تجسيد مشروع الألمان في الجزائر، لأسباب تقنية بالخصوص، حيث ركز الجانب الألماني على أن نجاح المشاريع الصناعية الخاصة بالسيارات مرتبط بشبكات مناولة واسعة ونسيج صناعي. وقد فضل عدد من الشركات الدولية الوجهة المغربية لضمان تجسيد مشاريعها الموجهة أساسا للتصدير لتوفر القاعدة والنسيج الصناعي، خاصة شبكة المناولة، ولضمان تخفيض التكلفة، حيث يتم تصنيع نماذج « مخفضة التكلفة » في الغالب، إضافة إلى سهولة الإجراءات والمزايا الجبائية وتوفر العقار والمنشآت المينائية الكبيرة مثل ميناء طنجة، حيث احتضن المغرب مشاريع « رونو » ثم « بيجو »، فيما اختارت العديد من الشركات تونس لإقامة مشاريع لمصانع قطع الغيار، حيث تقدر قيمة صادرات تونس من قطع غيار السيارات حوالي 5 مليار دولار.
على صعيد متصل، أفاد مصدر مقرب من جمعية وكلاء السيارات بأن كافة الوكلاء والمتعاملين المعتمدين ملزمون، وفقا لدفتر الشروط، بإقامة مشروع صناعي، حيث ينص دفتر الشروط المعتمد بداية 2015 على أنه « يلزم الوكلاء بالاستثمار في ظرف لا يتعدى 3 سنوات من حصول الاعتماد في النشاط الصناعي أو نصف الصناعي، أي التركيب والتجميع أو تصنيع قطع الغيار، ويسحب اعتماد الوكيل بعد انقضاء المدة إذا لم يلتزم بذلك ». وأيا كانت طبيعة التواريخ المحددة، فإن كافة المتعاملين ملزمون بتجسيد مشاريع في غضون 2018، أي أن تكون عملية، هذا إذا لم نشهد تغيرات على غرار ما حدث بالنسبة للأدوية، التي فرضت السلطات أيضا إلزامية الاستثمار للمستوردين والمتعاملين لكنها لم تلتزم بها.
وعليه، فإن المتعاملين شرعوا في تقديم ملفات لمشاريع، لكنها ستكون في الغالب متواضعة الحجم، أي تخص تركيبا أو تجميعا جزئيا، فيما اعتبر نفس المصدر أن عدة إشكاليات لا تزال مطروحة، بما في ذلك تحديد الرزنامة، إذ أن هنالك تضاربا وغموضا في القرارات المتخذة من قبل السلطات العمومية، بين حساب فترة الإلزامية مع حصول المتعامل على الاعتماد النهائي أو دخول المرسوم المحدد لدفتر الشروط حيز التنفيذ، فالأول ينقضي في فيفري 2016، بينما الثاني في بداية 2015، وهو فارق كبير قد يدفع إلى بروز إشكاليات لاحقا إذا لم تسو مسبقا، ناهيك عن وضعية الانسداد القائمة حاليا بخصوص استيراد السيارات أيضا.