تحية طيبة وبعد :
لم أكن أتصور أبدا أن الصحوة واستيقاظ الضمير يأتي بغتة ومن دون سابق إنذار، ولم يخطر على بالي أبدا أني سأقف على هذه الحقيقية في أكثر مناسبة تنتظرها الفتاة، فأنا على أهبة الزواج وقد أعددت العدة لكل شيء وحضّرت مختلف أنواع الحلويات والمشروبات وجهزت فرقة غنائية، ناهيك عن مصاريف أنفقتها لكراء قاعة الأفراح، ولكم أن تتصورا ما ينجر عن مثل هذه المناسبات، ولا أخفي عنكم أني بالغت في هذا الأمر، فعلت ذلك لكي أسعد وأخلد الصور الجميلة، إنها مناسبة زواجي ولن أحظى بعرس مرة أخرى، فعلت كل هذا وفي النهاية لن يتحقق أي شيء من مخططاتي بعدما ضاعت كل حساباتي.
تفاجأت كثيرا عندما رجعت والدتي مكسورة الخاطر، تحمل في يدها أغلب البطاقات وكان من المفروض أن تُوزع على المدعوين من الأقارب والأصدقاء، فأغلب هؤلاء رفضوا تسلمها وقالوا إنهم قاطعوا الأعراس وكل التجمعات العائلية بسبب الغناء والمعازف، والغريب في الأمر، أن أقرب المقربين مثل عماتي وخالاتي وحتى بناتهن، أغلبهن رفضن الحضور.
تذمرت كثيرا وحسبت أن ما أقدمن عليه واتفاقهن هذا لحاجة في أنفسهن، ولكن بعدما تكلمت مع كل واحدة منهن بمعزل عن الأخرى، أدركت قناعتهن والتمست أن امتناعهن عن رغبة وابتغاء وجه الله، لذا أجدني حائرة لا أعرف كيف أتصرف وماذا أفعل، فهل سأحضر عرسي وحيدة وهل ستكون القاعة خاوية لأن القلة القليلة فقط من سيحضرون.
صراحة، لقد فقدت طعم الفرحة واختلطت حسابتي ولا أعرف ماذا أفعل، فهل أخطأت، ويعلم الله أن نيتي الوحيدة الامتثال للعادات وكل قريباتي وجاراتي فعلن الشيء نفسه، ولا أحد اعترض على ذلك، أرشدوني أرجوكم.