أثبتت مباراة تنزانيا الأخيرة أن الناخب الوطني رابح ماجر لم يستقر بعد على الخطة التكتيكية المناسبة، والتشكيلة الأساسية المثالية التي سيخوض بها المنافسات الرسمية المقبلة، بدءا من استئناف تصفيات كأس إفريقيا للأمم 2019 وهذه المنافسة في حد ذاتها بالكاميرون، وإذا كانت تغييرات ماجر التكتيكية والاسمية متوقعة نظريا ومنطقيا بحكم رغبته في إيجاد التوليفة المناسبة، فإن الناخب الوطني تناقض مع تصريحاته الأولى التي كان أشاد فيها بالتعداد الحالي، عندما قال بأنه إن لم يفز بكأس إفريقيا بالتعداد الحالي فإنه لا يدري متى سيحدث ذلك، كما أنه بهذه التغييرات التكتيكية والاسمية يشكك في عمل سابقيه، وهو الذي كان دعا إلى الاستقرار في وقت سابق.
وتساءل الكثير من المتابعين بعد ودية تنزانيا عن سر اعتماد الناخب الوطني على خطة 3-4-3 المثيرة للجدل، التي يجمع الكثير من المحللين على أنها لا تتوافق تماما مع الإمكانات الفنية والبدنية للاعبي المنتخب الوطني حاليا، بدليل النقائص العديدة التي ظهرت على أداء التشكيلة الوطنية أمام تنزانيا، خاصة في الشوط الأول حين كان أداء زملاء محرز ضعيفا على كل المستويات، قبل أن تتحسن المعطيات في المرحلة الثانية بإجراء بعض التعديلات، وكل هذه المتاعب ظهرت أمام منتخب متواضع لا يملك الأسلحة المناسبة لمقارعة “الخضر”، وتأتي رغبة ماجر في اللعب بهذا الأسلوب كجهل واضح للإمكانات الحقيقية للاعبي التشكيلة الوطنية، على اعتبار أن هذه الخطة تتطلب التوفر على ثلاثة مدافعين من الطراز العالي، ولاعبي رواقين ممتازين، فضلا عن لاعبي ارتكاز من طينة الكبار، وهي كلها عوامل لا تتوفر في التشكيلة الوطنية حاليا، بدليل أن الدفاع ما زال هاجسا لدى الطاقم الفني يبرزه استدعاء اللاعب السعيد بلكالام البعيد عن المنافسة لأزيد من تسعة أشهر، فضلا عن الأسماء المشكلة لوسط الميدان الدفاعي، بسبب تراجع مستويات بن طالب وعدم إقناع بوخنشوش وإمكانية تراجع مستوى تايدر المحترف مؤخرا بالدوري الأمريكي.
ويعيب الكثير من المتابعين على ماجر لجوءه إلى التغيير بطريقة جذرية في طريقة لعب المنتخب الوطني، الذي كان كسب هوية لعب تحت إشراف المدرب الفرنسي كريستيان غوركوف، الذي لم يغير كثيرا عندما خلف المدرب وحيد خاليلوزيتش، على اعتبار أن لاعب بورتو السابق كان أشار إلى أنه سيواصل عمل سابقيه ولن يحدث تغييرات كثيرة، لكن ما فعله أمام تنزانيا يطرح الكثير من الشكوك حول جديته في الحفاظ على هذا الالتزام، وفي وقت لا يملك فيه الكثير من الوقت لإحداث تغييرات جوهرية في طريقة لعب التشكيلة الوطنية، كما أنه لا يتوفر على اللاعبين المناسبين، فبالإضافة إلى المشاكل الدفاعية الجوهرية فإنه يفتقد قائدا حقيقيا في وسط الملعب، خاصة في ظل غياب براهيمي وتراجع مستويات محرز مع المنتخب الوطني، حيث لم يتمكن لاعب ليستر من فرض نفسه بطريقة لا تدع أي مجال للنقاش في التشكيلة الوطنية وتأثيره على “الخضر” نسبي وأقل بكثير مما يفعله مع ليستر في الدوري الإنجليزي، ويرى متابعون أنه على ماجر إيجاد حل لمردود اللاعبين المحترفين مع “الخضر” أكثر من البحث عن التغييرات التكتيكية الجدلي.
من جهة أخرى، أثبتت تجارب المدربين السابقين لـ”الخضر”، أن كلا منهم اعتمد على الأسماء لبناء خطة لعبهم وهو ما لم يفعله ماجر، فسعدان مثلا اعتمد على خطة دفاعية بثلاثة مدافعين وخمسة لاعبي وسط ومهاجمين، لأنه كان يتوفر على ثلاثي دفاع قوي بوقرة وعنتر يحيى وحليش، في حين إن خاليلوزيتش تحول إلى اللعب الهجومي لأنه كان يتوفر على لاعبين ممتازين في الشق الهجومي، في صورة فيغولي وبراهيمي وجابو وسوداني وسليماني، في حين إن غوركوف أصر على عامل الاحتفاظ بالكرة بالاعتماد على براهيمي ومحرز وبن طالب وتايدر، بالمقابل فإن ماجر لجأ إلى تغيير التكتيك دون أي مراعاة للإمكانات الفنية للاعبين المتوفرين لديه، وهو ما من شأنه أن يفشل أي تغيير يفكر فيه في الفترة الحالية وحتى مستقبلا إن لم يأخذ هذه التغييرات بعين الاعتبار.