في الوقت الذي وجدت فيه الفيفا حلا يرضي جميع الأطراف في ما يخص مباريات كأس العالم في قطر سنة 2022 بلعبها في فصل الشتاء أو نهاية خريف 2022، بسبب عائق الحرارة القياسية التي لا تقل عن 42 درجة في فصل الصيف في كامل دول الخليج العربي، ومكنت اللاعبين وحتى المناصرين من أجواء مريحة..
يبدو أن الاتحاد الإفريقي لا يمنح للعبة نفس اهتمام الفيفا، لأنه قبل بتأخير موعد أمم إفريقيا التي ستُلعب في أواخر شهر جوان الحار، وتبلغ مراحلها الحاسمة في شهر جويلية الحار جدا، في مباريات ستلعب في الجحيم بالرغم من أن المصريين وعدوا بلعبها ليلا، وفي كل المدن المصرية بما فيها الساحلية لن تقل درجة الحرارة عن 40 درجة وحتى السياح لا يتوجهون إلى مصر بعد منتصف شهر جوان لأن الحرارة في بلاد النيل غير محتملة في أربعة أشهر وهي جوان وجويلية وأوت وسبتمبر، وفي غالب الأحيان لا يمكن تحمل حرارة شهر أكتوبر، وتكاد الفرق المصرية وحدها من تتحمل اللعب في هذه الظروف المناخية الصعبة.
المصريون حاولوا تفادي شهر رمضان خاصة أن الدورة سيشارك فيها غالبية الدول الإسلامية في القارة مثل دول شمال القارة وموريتانيا وغيرها فقاموا بتأخير موعد الدورة، وأيضا من أجل اصطياد عدد كبير من مناصري هذه البلدان، وعلى رأسها الجزائر، حيث من المحتمل أن يتجاوز عدد الجزائريين الذين سيكونون إلى جنب المنتخب الجزائري الخمسة آلاف مشجع مهما كان اسم المدينة التي سيتواجد فيها رفقاء براهيمي، وهم بالتأكيد سيكونون من حيث القوة والعدد في المرتبة الثانية بعد مشجعي البلد المنظم مصر.
ولكنهم لن يتمتعوا برحلتهم إلى مصر في مثل هذه الحالة المناخية القاسية، ولن يعيشوا السياحة والتجوال والتسوق، سوى في الليل على أمل أن يكون أداء ونتائج أشبال جمال بلماضي في مستوى تطلعاتهم.
وكان جمال بلماضي قبل اختيار البلد المنظم لكأس أمم إفريقيا، قد عبّر عن أمنيته في أن يُمنح التظيم لجنوب إفريقيا، بسبب الحالة الجوية المعتدلة وأحيانا الباردة في شهر جوان، وليس لأنه يخشى المنافسة في مصر التي تمتلك في السنوات الأخيرة منتخبا قويا، وتأسف الجزائريون كثيرا من انسحاب المغرب من سباق احتضان الكان، لأن حالة الطقس في المغرب مشابهة تماما للحالة في الجزائر، حيث تتميز بالاعتدال خاصة في المدن الساحلية، ولكنها حارة في المدن الداخلية، وكانت الجزائر في سنوات السبعينات تحتضن المباراة النهائية من كأس الجزائر في 19 جوان أو 5 جويلية، ولكنها قدمتها الآن إلى الفاتح من ماي وصارت تنهي الدوري في أواخر ماي لتفادي الحرارة، كما أن المصريين لا يلعبون إلا نادرا المنافسة المحلية في شهري جوان وجويلية.
كل لاعبي الخضر باستثناء بونجاح ومبولحي ينشطون في دوريات أوروبية ويلعبون في درجات حرارة لا ترتفع عن العشرين درجة إلا نادرا، وسيجدون صعوبة كبيرة في مسايرة الأحوال الجوية الصعبة، خاصة أنهم سيتوجهون إلى مصر بعد موسم طويل جدا في أوربا لأن غالبية اللاعبين مازالوا يلعبون على عدة جبهات مثل رياض محرز الذي يلعب حاليا الدوري وكأس المحترفين وكأس الرابطة ورابطة ابطال أوربا، وماندي الذي يلعب كأس الملك وأوروبا ليغ والدوري الإسباني وهي نفس الملاحظة على نبيل بن طالب مع شالك وياسين براهيمي مع بورتو وبن سبعيني وزفان مع رين وحتى غولام ووناس المعنيين بأروبا ليغ والدوري الإيطالي، ولكم أن تتصوروا لاعبا منهكا بستين مباراة طوال السنة ومن دون أخذ قسط من الراحة، يجد نفسه مقبل على مباريات بدنية قوية وكثيرة أمام الأفارقة في درجة حرارة لا تقل عن الأربعين، وأحيانا تصل الأربعة والأربعين في مختلف المدن المصرية وخاصة في العاصمة القاهرة.
لا أحد فهم لماذا تفادى الأفارقة شهر جانفي الذي كانوا يلعبون فيه منافسة الكان، من أجل عيون أوربا، في الوقت الذي لُعبت كأس أمم آسيا في هذه الفترة واستفادت من محترفيها من دون أي اشكال؟ ولماذا اختارت القارة الحارة، أحرّ شهر فيها لتلعب مباريات حارة لا يستطيع على مجاراتها الناشطون.