شهد الحجاب تغيرات عديدة استطاعت أن تطمس هويته كزَيٍ إسلامي، فبعد ما تبرجت المحجبات بآخر موضات الإكسيسوارات والماكياج، ولبسن الضيق والشفاف، بات بإمكاننا رصد محجبات مسترجلات بامتياز، يجبن الشوارع في هيئة الرجال بأحذية وملابس رياضية.
« كول واش يعجبك وألبس واش يعجب الناس »
مقولة شعبية جزائرية لم نعد نلمس لها أثرا وسط التدفق الكبير لمختلف أنواع الموضة الدخيلة على ثقافتنا وعاداتنا الاسلامية، إذ وفي الحين الذي يتغنى فيه الكثيرون بالاحتشام والأنوثة وارتباطهما بالحجاب الاسلامي الساتر، ترى كثيرات بضرورة خرق هذه القاعدة واتباع الموضة لمواكبة العصر، فتجدهن يلبسن ثيابا صممت للرجال، لا تخضع ولا تمت لمعايير اللباس النسوي، تتخفى وراءها أنوثتهن، وانتشر الأمر بشكل سريع رهيب، حتى تحول إلى موضة تعجب الناس بعد ما كان من الصعب تقبلها، فقد التقينا إيمان وهي ممرضة بمستشفى خاص، 34 سنة، لم يسبق لها ارتداء ملابس رجالية إلا قبل سنة، تقول: « كنت أعتقد بأن الحجاب (الخمار) لا يتماشى مع الألبسة الرياضية المرتبطة بالرجال في مجتمعنا، ولكنني وجدت جميع زميلاتي يلبسنها، ويعجبهن الأمر، فاتبعت هذه الموضة أيضا، لأنها تلقى الاستحسان، وتبدو جريئة وعصرية.. ».
هكذا تهين بناتنا الحجاب
قابلنا السيدة سعاد بإحدى محطات الحافلة بالبليدة، وكانت بجوارنا مجموعة من الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين الخمسة عشر والثلاثين ستة، بعضهن يرتدين سراويل حازقة فاضحة، مع أحذية رياضية ضخمة، اعتدنا أن نشاهدها بأرجل فئة من الشباب العاطل، والغريب أنهن كن يعتمرن أوشحة، للدلالة على أنهن محجبات، ومن دون سؤال علقت السيدة سعاد 58 سنة، أخصائية نفسانية متقاعدة، كانت قد جمعتنا بها الصدفة، « لا أدري لماذا تهين بناتنا الحجاب بهذه الطريقة البشعة، ماذا تبقى من أنوثتهن وهن يرتدين
La costeو larini ما ذنب لباسنا الاسلامي حتى تنتقم هذه الفتيات لمكبوتاتهن بتشويهه؟.. »، وعند الدردشة مع السيدة سعاد، أفصحت لنا عن نظرتها في أن الفتيات اللواتي يملن إلى لبس القطع الرجالية، وخاصة تلك التي يتسم بلبسها المنحرفون، هن فتيات يعانين من الضعف داخل المجتمع الصغير « الأسرة »، ويردن أن يثبتن العكس من خلال مظهرهن، ولكنهن بذلك يتطاولن على الحجاب.
البدلة الرياضية.. من حقي ألبس ما أشاء
شاع في شوارعنا مظهر فتيات محجبات، وحتى سيدات متأخرات في العمر، ينسقن « الخمار » مع بدلات رياضية ذات طابع رجالي، متكونة من سترة وبنطال، تقربنا من إحداهن وهي كاميليا 26 سنة، من العاصمة، وسألناها كيف تقيم مظهرها بـ »الخمار » والبدلة الرياضية، فأخبرتنا أنها راضية تماما عن هذا الستايل: « الموضة تتطلب مظهرا شبابيا وحيويا، لذلك أفضل لبس البدلة والحذاء الرياضي أحيانا، ولا يمنعني حجابي من هذا، لأني حرة في اختيار القطع التي تناسبني.. »، وعن رأي الطرف الآخر، سألنا عبد الجليل، بائع ألبسة نسائية بوسط مدينة البليدة، فأخطرنا بأن أكثر الألبسة المطلوبة في الآونة الأخيرة هي الألبسة الرياضية: « رغم أنها لا تعجبني، وأشعر أنها تنتقص من أنوثة السيدات، إلا أنني مجبر على تسويقها، كون الطلب عليها كبير، إنها مربحة.. ».
العودة إلى الأصل فضيلة
أما سفيان، وهو الآخر بائع ملابس نسائية، فقد تشاطر الرأي مع زميله، فهو أيضا لا يرغب في هذه الموضة الدخيلة التي يصفها بالسيئة: « أتمنى أن تتوقف الفتيات عن طلب هذه الألبسة الفارغة، أتمنى أن يعدن للحجاب الأصلي فالعودة إلى الأصل فضيلة.. »، ومازحنا سفيان بأنه يرغب في شن حملة مقاطعة لجميع الألبسة الغريبة عن مجتمعنا وتقاليده، مع العلم أنه لا يبيع سوى الحجاب المحتشم والتنانير الطويلة.