أكدت مخلفات الجولة الرابعة من الرابطة المحترفة الأولى، التي عرفت تسجيل تسعة أهداف فقط في سبع مباريات كاملة، « القحط التهديفي » الذي أصاب البطولة الجزائرية والمهاجمين في السنوات الأخيرة، وهي نفس الملاحظة المسجلة في الجولة الثالثة، التي لم تزد حصيلتها عن 15 هدفا في ثماني مباريات كاملة.
وهو المعدل الذي أصبح لصيقا بجولات الرابطة المحترفة الأولى وحتى الثانية، التي غابت عنها الفرجة ميدانيا وبقيت معاني الاحتراف و »النخبة » مرادفة للرواتب الخيالية والمظاهر فقط، والدليل أن رصيد هداف البطولة الموسم الفارط لم يتعد الـ13 هدفا، والمفارقة أنه كان « أجنبيا » الليبي محمد زعبية، في حين كان أفضل مهاجم « محلي » برصيد 12 هدفا لكل من قاسمي وطيايبة.
وأجمع مدربون تحدثوا إلى « الشروق » على أن الأندية الجزائرية تفتقد في الظرف الحالي لمهاجمين من الطراز الأول، وأصبح الهدافون عملة نادرة في بطولتنا، لعدة أسباب أبرزها غياب التكوين وافتقاد اللاعبين للمستوى العالي وعدم تحليهم بنفس عزيمة هدافي ولاعبي الزمن الجميل، بعد أن أصبحت الأموال هدفهم الأبرز على حساب المشروع الرياضي، فضلا عن الخطط الدفاعية التي تعد الخيار الأفضل للمدربين لإنقاذ رؤوسهم من شبح الإقالة، فالكثير منهم يلعب المباريات من أجل تفادي الهزيمة لا من أجل الفوز.
ويرى متابعون للشأن الكروي في الجزائر، خاصة الأنصار، أن للصورة النمطية للاعبي الجيل الحالي دورا بارزا في التراجع الكبير لمستويات المهاجمين، ومحدوديته لدى الكثير منهم، حيث يفضل هؤلاء التعلق بالجانب المالي أكثر من أي شيء آخر، مستغلين « التهاب » سوق التحويلات و »جشع » رؤساء الأندية، الذين يلهثون في الكثير من الأحيان وراء « السراب »، وهي معطيات تجعل المهاجمين يتلقون أعلى الرواتب في البطولة إلى درجة تصنيفها في خانة « الخيالية »، كما حولت « الرفاهية المالية » للمهاجمين حتى سلوكاتهم اليومية داخل وخارج الميادين، وانصب اهتمامهم على المظهر أكثر من العمل الميداني، على اعتبار أنهم يتفننون في طريقة تصفيف شعرهم وبأجود نوعيات الكيراتين، فضلا عن التفاخر والتباهي بامتلاك أفخم علامات السيارات، وهو السلوك المعروف وسط لاعبي الكرة المحلية، وطالما ما انتقده أنصار مختلف الأندية.
وبمقارنة رقمية بسيطة بين ما يتلقاه اللاعبون والمهاجمون، على وجه التحديد، من رواتب خيالية مقابل المردود، نلاحظ الفوارق الصادمة، فمثلا فريق مثل مولودية الجزائر، الذي يضم سبعة مهاجمين من الأسماء الثقيلة، تكلفه نحو 18 مليارا في الموسم الواحد لكن من دون مقابل يوازي هذا الرقم الضخم، إلى درجة أن الهدف الواحد بهذه المقاربة الرقمية يساوي 200 مليون سنتيم في مولودية الجزائر، في حين أن المهاجم هشام نقاش يعد أغلى من شقة « الأل بي بي »، التي أتعبت الآلاف من الجزائريين، على اعتبار أن سعر ورقة تسريحه بلغ أزيد من مليار و250 مليون سنتيم، في حين أن المعدل التهديفي لأفضل المهاجمين لا يتعدى الهدف كل ثلاث مباريات، وبعضهم يسجل هدفا كل شهرين، ما جعل بعض الأنصار يعلقون على هذا المردود بالقول إن المهاجمين يسجلون بـ »تقنية التقطير » المعتمدة زراعيا لتفادي تبذير المياه، وهو رقم ضعيف جدا مقارنة بالأموال الكبيرة التي يتقاضاها هؤلاء، والتي يصل معدلها إلى 200 مليون شهريا، ما جعل الفرجة غائبة عن الميادين، إلى درجة أن بعض العارفين بخبايا الكرة أكدوا أن غياب الفرجة ساهم في استفحال ظاهرة العنف، خاصة عندما يقوم الأنصار بالمقارنة بين ما يحصل عليه اللاعبون من أموال وما يقدمونه على أرضية الميدان.