لم يعد أمرا جديدا أو غريبا، أن ينقل المشعوذون ومن والاهم إجرامهم إلى المقبرة الموحشة التي يغشاها السكون وتلفها الرهبة، ولعل عمليات التنظيف والتنقية التي تجرى من طرف متطوعين في المقابر عبر العديد من ولايات الوطن، ويتم خلالها الكشف عن المعثورات السحرية التي أعدت لأناس أبرياء عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، لدليل على حجم الشر الذي يسكن نفوس هؤلاء المجرمين.
أشخاص أصبحت تستهويهم أيضا مقابر المسحيين لسهولة دفن السحر بإزاحة الغطاء الاسمتني وإعادته إلى مكانه ليستقر العمل في جوفه ويظل ساري المفعول مادام بعيدا عن الأنظار والإبطال، ليبقى المسحور مسلوب العزيمة، خائر القوى، تتقاذفه الأمراض، وتتجاذبه الأسقام كل حين، ولكن إرادة الله أقوى من كل شر أحكم تدبيره، ومن كل غدر نشب بين الضلوع، وهذا ما حدث مع امرأة لم تنجب طيلة ثماني سنوات، وهي مدة زواجها، ولكن الله شاء أن يغير حياتها في غمضة عين.
بدأت القصة التي رواها لنا أحد الثقات، عندما رأت هذه المرأة في المنام ميتا لم تكن تعرفه من قبل، حيث طلب منها أن تنتزع من قبره السحر الذي أعد لها لأنه أزعجه وأتعبه، فسألته هذه المرأة عن مكان القبر، فأخبرها أنه يقع في إحدى المقابر المشهورة في العاصمة، وخلف ثلاث شجرات ابتداء من باب المقبرة، وأن اسمه »فلان الفلان » الذي وافته المنية قبل عشرين سنة.
أخذت هذه المرأة المنام على محمل الجد، وأخبرت به شقيقها الذي زار أحد الرقاة التقاة والملتزمين بالرقية الشرعية، وروى له ما رأته أخته، وطلب منه أن يرافقه إلى المقبرة لاستخراج السحر، فلم يمانع ولكنه نبهه إلى ضرورة أخد تصريح من المسؤول عن المقبرة قبل الإقدام على أي خطوة.
رفض المسؤول في بداية الأمر الاستجابة لطلبهما لأن في ذلك تعديا على حرمة القبر، وثانيا لأن الأمر لا يخصه وحده، بل يخص عائلة الميت، ولكن بعد أن رويا له المنام وأثبتا له حسن نيتهما، وافق على الحفر في محيط القبر على أن يتم إعادة التراب إلى مكانه بعد أن يستخرجا ما يفتشان عنه.
ورافقت المرأة الراقي وشقيقها في هذه المهمة الصعبة والمخيفة، وفوجئ الثلاثة بوجود القبر في المكان الذي وصفه الميت في المنام، واسمه المكتوب على الشاهد، وبعد الحفر في محيط القبر، تم العثور على دمية وضعت داخل كيس بلاستكي وملفوفة بقطعة قماش تعود للمرأة ومغروزة بالدبابيس في أماكن متفرقة، وقام الراقي بفك السحر الذي مضى عليه سنوات طويلة، ولم تمض إلا مدة قصيرة حتى حملت المرأة وأنجبت مولودها الأول وهي التي كانت تعتقد أنها مصابة بالعقم، وأنها سوف لن تنعم بالأمومة طيلة حياتها.