تسيطر على ذهنيات النساء ماركات السيارات الفخمة ليصل بهن الحال في بعض الأحيان إلى اختيار الزوج المستقبلي على أساس السيارة الفخمة، وذلك بغرض التباهي بهذه السيارات أمام نظيراتهن، في حين تخجل أخريات من ذكر اسم سيارتها وذلك لأنها قديمة ومهترئة، لا تتناسب مع ذوقها ومكانتها الاجتماعية.
تتعدد ماركات السيارات في الوقت الحالي، وتختلف أذواق العائلات الجزائرية في اختيار السيارة المناسبة للعائلة وذلك لعدة أسباب، كالخجل من قدم « ماركة » السيارة أو حسب الميزانية المتاحة للعائلة أو بحجة التكبر على بعض الماركات لا لشيء إلا للتباهي أمام الآخرين، أسماء من رويبة تقول أنها تخجل كثيراً من شكل ونوع سيارة زوجها إلاّ أنها تراعي قدرته المادية ولا تلزمه بشراء سيارة جديدة في الوقت الحالي، مضيفةً أنها تكره نفسها وهي تركب تلك السيارة من نوع « كيو كيو »، خاصة لما تسمع الناس يقولون عنها أنها لا تقاوم الرياح العاتية، إلاّ أنها تحاول أن لا تفتعل المشاكل، بل وتوضح للناس ظروف زوجها المادية، مؤكدةً على أن المهم هو سيارة تغنيهم عن الحاجة للآخرين، فالمظاهر المزيفة أصبحت جزءا من حياة بعض النساء اللواتي أوقعن أزواجهن في مشاكل مالية وذلك بإيصالهم إلى الاقتراض لشراء سيارة آخر طراز، الأمر الذي يؤثر بشكل كبير على ميزانية الأسرة ككل.
لكن قد تتعرض العديد من النساء لمواقف محرجة عندما يسألن عن نوع سيارة أزواجهن، خاصة إن كانت قديمة أو تعرضت لعطب أو عطل أو إن سئلن عن سبب تنقلهن في وسائل النقل والسيارة موجودة، فتخجل الزوجات عن الإجابة أمام زميلاتهن في العمل أن السيارة عند الميكانيكي، وذلك للحيلولة دون الاستماع للانتقادات وعبارات السخرية التي تسمعها وأبناؤهن من الأقارب والجيران، وفي هذا تقول كريمة من قورصو أن إحدى زميلاتها غالبا ما تضع نفسها في دائرة الشكوك بسبب حالة الارتباك وهي تركب سيارة زوجها الذي يقف بعيداً عن بوابة خروج الموظفات، وحينما سألتها عن السبب كانت إجابتها: « أشعر بالخجل من سيارة زوجي من نوع « renault 4″ التي عادة ما تجلب لنا السخرية من طرف الأصدقاء، ففي إحدى المرات توقفت في وسط الطريق الوطني وتسببت في ازدحام كبير وكأننا في موكب عرس، لتبدأ التعاليق الجارحة من هنا وهناك وليقرر بعدها زوجي بيعها والتخلص منها ومن ذلك الإحراج الذي لازمنا لسنوات بسبب تلك السيارة المهترئة ».
وغالبا ما تتباهى الزوجات بماركات سيارات أزواجهن بحكم الشهرة التي تمتلكها هذه السيارات، خاصة تلك التي يكثر الترويج لها من خلال الإشهار في التلفزيون، فتتفاخر بها الزوجات التي يمتلك أزواجهن هذه الماركات، ليحتل بذلك « البرستيج » مساحة كبيرة من تفاصيل حياة أولئك النسوة، إذ لم يعد مفهومه مرتبطا فقط بمسألة « هندامهن » وأناقتهن، بل بدأ يطرق جوانب عديدة من اهتماماتهن، حيث أصبحت كثير منهن يحرصن على حداثة وأحسن ماركة من السيارات، ويصل بهن الأمر إلى خلق المشاكل إن لم تعجبهن السيارة وذلك بسبب مشاهدتهن لمختلف الفضائيات وهو ما جعلهن يذهبن إلى حد تصديق كل ما يبث فيها وحتى تلك الإشهارات التي تخص آخر موديلات السيارات، فيطلقن العنان لمخيلتهن ويغرقن في عالم الخيال ومراودة الأحلام بإمكانية ركوب مثل تلك السيارات، حتى دون الاستفسار عن جودتها ومدى فعالية نظام الأمان الخاص بها، مما قد يعرض أزواجهن للضغوطات لشرائها رغما عنهم، بسبب إصرارهن الشديد للتظاهر بها ليس إلا.
زهرة فاسي محللة اجتماعية: « الطلاق هو مصير النساء اللواتي يخجلن من سيارات أزواجهن »
هذه الظاهرة بدأت تزحف زحفا خطيرا على بعض العائلات بسب عدم احترام العلاقة الأسرية، فالمجتمع في حد ذاته تتملكه ثقافة التشجيع على الماديات والبهرجة، وهذه الشريحة من النساء تعاني من الإفلاس الديني وأصبن بما يسمى هيستيريا الماديات التي تدفعهن إلى بعض السلوكات غير المستحبة حتى مع زوجها، فقد تخجل به، لأنه ليس الأفضل بين صديقاتها ويدفعها الأمر إلى عدم الركوب في سيارته، لأنها تشعر بمركب نقص أمام زميلاتها اللواتي يفتخرن و يتباهين بسيارة أزواجهن، وهذه الشريحة من النساء سجلت عليهن قضايا خيانة زوجية بسبب المادة، فيصبح الزوج ذلك الرجل الذي لا اعتبار له من زوجته، فهي تتجبر عليه وتملؤه ببعض الكلمات الجارحة في شخصيته، فإن كان رجل يتمسك بعشرته الزوجية وبأبنائه ووفي لمبادئه، فيعيش متألما مجروحا لهذه الكلمات الهدامة، وإن كان زوج متفلت مثلها، هنا تبدأ الحرب والخيانة الزوجية من الطرفين، ويكون الأطفال ضحية كبرى لهذه التصرفات، ثم يحدث الطلاق بسبب دوسهم لهذه العجلة، أي عجلة الماديات.