تطوّرات في قضية السكرتيرة التي تضرب المقيمان بدار المسنين بالبليدة
مسؤولون سامون لدى “داس” متورّطون في عمليات نهب أموال التبرّعات
فتحت قضية السكرتيرة التي انتشر شريط فيديو على “فايسبوك”، يتحدّث عن ضربها للمقيمات بدار المسنّين التابعة لجمعية “الآمال” بولاية البليدة، قضية أخرى أكثر خطورة، تتمثّل في عمليات نهب لأموال التبرّعات بالملايير، التي يقدّمها رجال أعمال المنطقة، وذلك بالتواطؤ مع موظّفين لدى مديرية النشاط الاجتماعي بالبليدة.
لم تنته قضية السكرتيرة، التي فصلت من عملها بمركز المسنين بولاية البليدة، عند هذا الحدّ، حيث توسّعت القضية بعدما قدّمت صاحبة القضية وكذا رئيس جمعية “الآمال” التي تتبع لها دار المسنين، إفادتهما لمصالح الاستعلامات التابعة للأمن الوطني، وهي إفادات وضعت مسؤولين سامين بمديرية النشاط الاجتماعي بالبليدة، في قفص الاتّهام، في الوقت الذي أغفلت وزيرة التضامن الوطني، مراسلات رئيس الجمعية، الذي طلب مقابلتها عدّة مرات، من أجل شكوى المسؤولين لدى “داس” البليدة، من عمليات “ابتزازه” عن طريق تخييره بين تقاسم أموال التبرعات معه أو مواجهة عراقيل بيروقراطية تنتهي بالغلق الكلّي لجمعيته.
وبعد نشر الفيديو، على موقع “فايسبوك”، من قبل جمعية بالولاية تدعى “زهرة المستقبل”، يصوّر نساء وعجائز مقيمات بمركز المسنّين التابع للجمعية، يتّهمن “سكرتيرة” بضربهنّ وطردهنّ من المركز، قام أعوان من مصالح الاستعلامات بالمديرية العامّة للأمن الوطني، بإجراء زيارة إلى المركز، واستمعن إلى النساء المقيمات، ومن ثمّ تمّ استدعاء السكرتيرة المعنية بالأمر وكذا رئيس الجمعية.
ووفقا للمعلومات التي بحوزتنا، فإنّ المتّهمة، التي تمّ توقيفها من العمل بتاريخ 3 ديسمبر 2017، من طرف رئيس الجمعية، كانت تشتغل في سلك الأمن سابقا، وقامت برواية تفاصيل غيّرت منحى القضية، بحيث ذكرت أنها لا تشتغل سكرتيرة بالجمعية وإنّما مساعدة لرئيسها، وقد التحقت بعملها هناك بتاريخ 12 جويلية 2017، وقبلها كانت سكرتيرة الجمعية هي المكلّفة باستقبال المحسنين واستلام الأموال والتبرّعات، تشتغل مع موظّف آخر بالجمعية، وأوضحت أنّ رئيس الجمعية شغّلها بعدما راودته شكوك بخصوص “انعدام الأمانة” في السكرتيرة.
اللافت في القضية، أنّ المتّهمة، أطلعت مصالح الشرطة، أنّها كانت قد تلقّت تهديدات من قبل مجهولين عبر الهاتف، وخيّروها بين عملها بالجمعية وبين إدخالها في دوّامة من المشاكل، وأنها أخبرت رئيس الجمعية بالأمر وقام إثر ذلك بتوظيف عون أمن أمام مدخل المقرّ، لكنّها لم تبلّغ عن التهديدات لدى مصالح الشرطة. واستمرّ الأمر على ذلك، إلى غاية تاريخ 2 ديسمبر المنصرم، وهو اليوم الذي استقالت فيه السكرتيرة الفعلية، ليتمّ في اليوم الموالي مباشرة نشر شريط الفيديو الذي يصوّر مقيمات يتّهمنها بضربهنّ وطردهنّ عنوة من المركز.
وحسب الوثائق التي بحوزتنا، فإنّ المتّهمة قامت بتقديم شكوى لدى وكيل الجمهورية، ضدّ رئيس جمعية “زهرة المستقبل” وكذا السكرتيرة السابقة بدار “الأمال”، جاء فيها أنّ هؤلاء “قاموا بالاعتداء علي وتصويري بهواتفهم النقالة دون طلب الإذن ومارسوا ضدي العنف بعد نشرهم الإشاعة عبر صفحة الفايسبوك والتشهير بي والإساءة إلى سمعتي وأخلاقي”.
وأبلغته أنه منذ “التحاقي بمقر العمل بدأت السكرتيرة تختلق لي المشاكل وحرّضت بعض المقيمات اللواتي يقاربن سني على ضربي واستفزازي لمغادرة الدار”. واتّهمت المعنية، بأنها “لم يرق لها وجودي معها بالمكتب بسبب الأموال التي كان يحضرها المحسنون للعجزة ناهيك عن تبرّعات أخرى، حيث كانت تستولي عليها في خلوة وحدها وكانت قد طلبت منّي عدم اطلاع رئيس الجمعية على أموال المتبرّعين لكنّي رفضت، وكانت تملأ يوميا القفة من تبرعات المحسنين للعجزة لأخذها لنفسها بشهادة أولاد الحيّ”.
وأرفقت المتهمة الشكوى بنسخ من الإنذارات قبل الطرد التي تمّ توجيهها لبعض المقيمات، اللواتي ظهرن في الفيديو يشكين من طردها لهنّ، تتعلق بسوء الأخلاق، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من المقيمات اللواتي طُردن من المركز قبل قدوم المتهمة إلى العمل.
وذكر رئيس الجمعية في التحقيق أنه لم يكن على علم بقرارات الطّرد التي تحدّثت عنها المقيمات، لكنّ السجل التي اطّلعنا عليها بيّن أنّ الكثيرات ممّن عرضن شهادتهنّ خرجت من الدار بمحض إرادتهنّ قبل توظيف المساعدة.
وذكر رئيس الجمعية في التحقيق أيضا، أنّه كان يتلقّى ابتزازات من قبل موظّفين لدى مديرية النشاط الاجتماعي، حيث كانوا يخيّرونه بين تقاسم “غلّة” التبرّعات أو مواجهة عراقيل ستؤدّي إلى غلق الجمعية، وإثر ذلك كان قد راسل الوزيرة غنية إيداليا، من أجل مقابلتها لتقديم شكوى لها.
ولم يجب رئيس الجمعية على سؤال المحقّقين بخصوص السبب الذي منعه من طرد السكرتيرة وكذا الموظّف الآخر، الذي كان يساعدها على سرقة الأموال، حيث اكتفى بالقول إنّه وظّفها منذ كانت صغيرة عن طريق واسطة لوالدها الذي كان يقدّره ولم يستطع طردها.