إعترف إسماعيل زيدان والد أسطورة الكرة الفرنسي ذي الأصول الجزائرية زين الدين زيدان بِأنه عاش فقرا مدقعا في طفولته، قبل أن تتحسّن أحواله الإجتماعية لاحقا إلى درجة الرفاهية.
وقال إسماعيل زيدان (82 سنة) إنّه اتّخذ قرار الهجرة من مقرّ إقامته بِقرية أقمون (ولاية بجاية حاليا) إلى مدينة مرسيليا الفرنسية، ذات سبتمبر من عام 1953. وأضاف أنه عانى الأمرّين لمّا وطأت قدماه أرض هذا البلد الأوروبي، بِسبب قلّة الموارد المالية وصعوبة الظفر بِمنصب شغل وسكن يأويه، وأشار إلى أنه قضى أوّل شتاء قارس جدا بِفرنسا، في غرفة متواضعة جدا لا تليق سوى بِفئتَيْ البؤساء والمشرّدين، وأنه كان يضطّر إلى تناول وجبات خفيفة (الخبز، الجبن…) لِسدّ الرّمق ليس إلّا، لأن النقود القليلة جدا التي كان يحصل عليها لا تسمح له بِإقتناء وجبة فاخرة.
جاء ذلك في كتاب ألّفه إسماعيل زيدان بِعنوان « على دروب الأحجار »، وقدّمته صحيفة « إل موندو » الإسبانية في أحدث تقرير لها بهذا الشأن.
وتابع إسماعيل زيدان قائلا إنه كان يمتهن تربية الماشية ورعي الغنم أيّام إقامته بِالريف البجاوي، ولذلك فإنه أدرج تعليم الأبناء ضمن أولوياته حتى لا يُحرمون من هذه « النّعمة ». مُشيرا إلى أنه نال حظّه من الكتابة والقراءة بِفرنسا، وصار يُقرض الشعر.
وواصل إسماعيل زيدان يسرد تفاصيل الماضي بِحلوه ومرّه، وقال إنه بلغ من العمر 42 سنة (1977) ومع ذلك لم يتمكّن من اقتناء سيارة لِأسرته، لأن الفرنسيين كانوا يمنحون المهاجرين – بينهم الجزائريين – رواتب شهرية تُجنّبهم ذلّ السؤال وتضمن لهم العودة إلى مقر العمل في اليوم الموالي، وليس لِتحسين الجانب الإجتماعي وبلوغ مرتبة الرفاهية. وأشار إلى أن إبنه زين الدين زيدان جاءه في تلك الفترة وكان عمره 15 سنة، وقال له: « متى تقتني لنا سيارة يا أبي؟ ». وكان لهذا السؤال الطفولي البريئ أن أثّر في نفسية الوالد إسماعيل، الذي اقتطع جزءا هاما من ميزانية الأسرة – رغم أنها هزيلة – واقتنى سيارة من نوع « آر 12 ». وقال ساخرا: « قدت السيارة وأنا أصطحب معي 8 أشخاص آخرين (9 أفراد في سيارة/ إسماعيل وزين الدين وأصدقائه)! ».
لم يتنكّر للجذور
واعترف إسماعيل زيدان بِأنه يميل إلى حياة البساطة والتواضع بعيدا عن الأضواء وحبّ الظهور، وهو ما انعكس على نفسية أبنائه بينهم زين الدين الذي وصفه بـ « الخجول » و »الإنطوائي ».
ويُعهد عن زين الدين زيدان (44 سنة) – المدرب الحالي لِفريق ريال مدريد الإسباني – أنه يتجنّب التصريحات المثيرة للجدل، والصخب الإعلامي المُدوّي، وحتى عندما كان يستلم جوائز الفيفا ومجلة « فرانس فوتبال » يصعد إلى المنصّة خجولا.
واختتم إسماعيل زيدان قائلا إنه فخور بِجذوره الجزائرية ولم يتنكّر لِأصوله، بِدليل أنه بعدما طارت شهرة إبنه زين الدين في سماء كرة القدم العالمية وصار رجلا ثريا، طلب من « زيزو » والأسرة إطلاق مؤسسة خيرية، يذهب جزءا من عائداتها – في شكل مشاريع اجتماعية – لِفائدة الجزائريين.