عاد عبد المومن ولد قدور، الرئيس المدير العام لمجمع سوناطراك، لأول مرة إلى قضية محاكمته الشهيرة أمام القضاء العسكري ودخوله السجن العسكري بالبليدة سنة 2007. وسرد ولد قدور تفاصيل تزيد من غموض القضية، عندما اعتبر أن ما حدث له كان داخلا في إطار مخطط الإطاحة بشكيب خليل من قطاع الطاقة.
في حوار مع صحيفة « لوكوتيديان دوران » الناطقة بالفرنسية، كشف ولد قدور عن المدة التي قضاها في سجن البليدة بعد إدانته بالتجسس في قضية الشركة الجزائرية الأمريكية المختلطة « بي آر سي » التي كان مديرا عاما لها. وقال: « قضيت سنتين في سجن البليدة عند العسكريين، حيث تمت إدانتي رسميا بـ 30 شهرا سجنا نافذا، لكن قبل أن أتمهم، جاؤوا لإخباري أنه بإمكاني الخروج ». يضيف عند هذه النقطة: « رفضت ذلك، وسألتهم لماذا وضعتموني في السجن وتريدون اليوم إخراجي؟ ».
لكن ولد قدور، قبل في النهاية الخروج من السجن، مادام قد قضى 20 شهرا من أصل 30 ثلاثين أدين بها. وعند سؤاله عن التهم التي وجهت له حتى يتم إدانته، لم يتردد ولد قدور في القول إنها « التجسس »، وهي التهمة التي يردها باستغراب: « أليس متناقضا أن يتم اتهامي بالتجسس بينما المؤسسة التي كنت أديرها بنت مقرا لقيادة الأركان في الجيش ». يقصد كيف أن الجيش بكل إمكانياته لم يكشف عملية التجسس وسمح له بإتمام البناء إلى الأخير.
وقد كان ولد قدور مديرا عاما لشركة « بي آر سي » المتخصصة في الإنشاءات منذ سنة 2002 إلى أن تمت محاكمته، بعد اتهامه بتسريب وثائق سرية إلى جهات أمريكية، وهو ما يصر على نفيه إلى اليوم ويعتبره محض افتراء. وفي ذلك، يقول المدير العام لسوناطراك: « لقد أخرجوني من السجن مثلما أدخلوني إليه، دون أي وثائق أو ملف.. إنها قضية معقدة ومثيرة للريبة ». ثم يصل باستنتاجه إلى أن هذه القضية برمتها « تمت فبكرتها من أجل تحطيم شكيب خليل » وزير الطاقة في ذلك الوقت. لكن ما هو السبب؟ يقول ولد قدور: « خليل لم يقبل يوما أن يقحم جهاز الاستعلامات والأمن « الدياراس » نفسه في تسيير المؤسسات التابعة لسوناطراك ناهيك عن وزارته ».
وخلافا لما يقوله ولد قدور حول « خلفيات » محاكمته، لم يجر تداول شكيب خليل أبدا في ملف « بي آر سي » خلافا لملفي سوناطراك 1 وخاصة سوناطراك 2 الذي وجهت فيه التهمة له رسميا قبل أن يتم غلق الملف لاحقا وتبييض الوزير السابق. فهل أراد ولد قدور استعمال شماعة الدياراس بعد سقوطه في تبييض صفحته؟ كما أن قوله بأنه تمت محاكمته دون أي ملف أو وثائق، يبعث على الحيرة كذلك، لأن التحقيقات في قضية « بي آر سي » قد تمت وتمخض عنها ملف تم تحويله إلى العدالة، بغض النظر عما إذا كان هذا الملف صحيحا أو مفبركا كما يقول، لكن من غير المعقول أن تتم إحالته دون أي مستند.
لكن التساؤل الأكبر الذي يطرح حول كل من يتهم « الدياراس » بأنها كانت وراء فبركة ملفات وقضايا فساد ضده، سواء الوزير السابق شكيب خليل أو مدير سوناطراك ولد قدور أو الوزير السابق عمار غول، هو ما الذي يمنعهم من التوجه للقضاء وإعادة الاعتبار لأنفسهم والقصاص من الضباط الذين ورطوهم دون وجه حق، كما يقولون. هل لأنهم لا يثقون في العدالة الجزائرية؟ أم لدواع سياسية تمنعهم من ذلك؟ الأكيد أن عدم إقدامهم على هذه الخطوة، سيبقي التضارب طويلا حول الروايات التي يقدمونها، في ظل تحفظ الطرف الآخر (ضباط الدياراس) عن الإدلاء بوجهة نظره في هذه القضايا. elkhabar