ويكيليكس ينشر مئات الوثائق السرية السعودية
الحكومة الجزائرية تقدم خدمات صحية ومصرفية رديئة
من بين 60 ألف برقية ووثيقة من المراسلات الدبلوماسية السعودية سربها موقع « ويكيليكس »، توجد مئات منها تخص الجزائر، غير أن قليلها من يتناول الشأن الداخلي الجزائري، ما يترجم أن الجزائر ليست في قائمة الدول المهمة بالنسبة للرياض.
ترصد الخارجية السعودية بالجزائر، في برقية لها مؤرخة في بداية جانفي 2013 موجهة للعاهل السعودي، وضع الجزائر في فترة التدخل الفرنسي في شمال مالي، وكتبت: « لم يسبق أن واجهت الجزائر تحديات أمنية خطيرة بمثل ما يقف أمام بواباتها الشرقية والغربية والجنوبية، حيث تحولت حدودها إلى مصدر قلق أمني يزداد يوما بعد يوم ». وتوضح برقيات السفارة: « ترفض الجزائر قيام حرب جديدة على حدودها لسببين، الخوف من تحمل تبعات إنسانية بتدفق اللاجئين التوارڤ وتسرب شحنات جديدة من السلاح الليبي، الذي هرب بكميات كبيرة في أشد المعارك التي شهدتها ليبيا في عام 2011، كما يدرك القائمون على المؤسسة الأمنية أنهم أول من يتحمل أعباء التفكير في مواجهة التحديات الأمنية، بعد انهيار منظومات الأمن في ليبيا وبعدها مالي وبدرجة أقل في تونس« .
وتنقل الخارجية السعودية عن سفارتها في الجزائر أن الحكومة الجزائرية « حاولت ثني النيجر وموريتانيا من الانخراط في العمل العسكري في شمال مالي، غير أن الحكومتين وافقتا على الحرب من حيث المبدأ نزولا عن رغبة فرنسا ». وتجزم الخارجية السعودية أنه لو نجحت الجزائر في إقناع البلدين بعدم المشاركة، فإن ذلك لن يغير في الأرض شيئا، بسبب غياب الأجهزة الأمنية والعسكرية أصلا في هذه الدول، كما هو الحال في النيجر.
وتورد مراسلة أخرى تحول الموقف الجزائري مما أسمته « الحرب الدائرة ضد المجموعات المسلحة التي تسيطر على إقليم شمال مالي »، وتنقل فيه إعلان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس عن سماح الجزائر للطائرات الفرنسية بعبور أجوائها، في طريقها لضرب أهداف للجماعات الإسلامية في شمال مالي دون شروط. وكتبت السفارة « يمكن القول إن الجزائر انتقلت من موقف الرافض للتدخل العسكري في شمال مالي إلى موقف المشارك في الحرب ». وأشارت السفارة إلى « قيام الجيش الجزائري بتعزيز تواجده في المناطق الحدودية منذ تلك الأحداث ».
وزاد اهتمام الخارجية السعودية بتطور الوضع الداخلي في الجزائر من خلال رصد تطورات قضية محاولة اختطاف رهائن غربيين في تيڤنتورين، وتتضمن برقية موجهة من وزير الخارجية السابق سعود الفيصل إلى الملك عبد الله بن عبد العزيز، بخصوص عملية تيڤنتورين، وتفاصيلها « الحربية » وتبعاتها، استنادا تارة إلى تصريحات مسؤولين جزائريين وتقارير صحفية جزائرية، ومنها تقرير لـ »الخبر » عن تكليف الرئيس بوتفليقة لفريق أمني للتحقيق في الاختراقات الأمنية التي سهلت الهجوم.
وتتضمن برقيات أخرى جردا لمواقف الحكومة الجزائرية ودول أجنبية راح بعض من رعاياها ضحية للهجوم الإرهابي، مثل بريطانيا والولايات المتحدة.
خروج بلخادم مفاجأة كبرى
ترصد المصالح الدبلوماسية السعودية التحولات السياسية في الجزائر، وتتناول برقية معنونة بـ »سري »، صادرة في 2011، الإصلاحات التي أطلقها الرئيس بوتفليفة بعد انفجار ثورات الربيع العربي، وتتحدث عن مرور الجزائر بإصلاحات جذرية وعد بها الرئيس بوتفليقة، وتتضمن تعديل المنظومة القانونية المتعلقة بالأحزاب والانتخابات، وتظهر المصالح الدبلوماسية السعودية حماستها لهذه الإصلاحات التي خيبت التوقعات.
وتكتب السفارة أن تلك الانتخابات مختلفة عن سابقاتها، ستكون تحت إشراف عربي وإفريقي ودولي، وتكتب السفارة « هذا يدل على أن الدولة عازمة على أن تتم هذه الانتخابات في أجواء من الشفافية والنزاهة، وعلى مدى جدية الالتزامات التي قدمها فخامة الرئيس ». غير أنها تلاحظ وجود مخاوف من العزوف وعدم المشاركة في الانتخابات، كما توقعت إجراء استفتاء على تعديل الدستور وانتخابات بلدية قبل نهاية السنة.
وتتناول برقية أخرى التعديل الحكومي لسبتمبر 2012، الذي تولى فيه عبد المالك سلال منصب الوزير الأول خلفا لأحمد أويحيى، وقالت إن الحكومة الجديدة ستشرف على إدارة المشاورات حول تعديل الدستور. وتقدم سلال بأنه من المقربين من الرئيس بوتفليقة، ودليلها في ذلك إشرافه على إدارة الحملة الانتخابية للرئيس مرتين متتاليتين في انتخابات 2004 و2009.
وترصد الخارجية السعودية في برقية أخرى تغيير الحكومة في سبتمبر 2012 وضمت دخول المعارض محمد السعيد الحكومة، وخروج كل من عبد العزيز بلخادم، واصفة المسألة بـ »المفاجأة الكبيرة » بعدما كان من أقرب المسؤولين للرئيس بوتفليقة منذ 13 سنة، وغياب يزيد زرهوني الذي شغل منصب وزير الداخلية لـ10 سنوات، قبل أن ينزع الرئيس منه كل سلطاته ويعينه نائبا للوزير الأول دون مهام واضحة.
حساسية تجاه الإعلام الجزائري
تضمنت برقية أخرى، غير مؤرخة، وجهها وزير الخارجية السابق سعود الفيصل إلى العاهل السعودي، ملخصا بخصوص مساعي السفير السعودي بالجزائر لدى وزير الاتصال للتدخل لدى وسائل الإعلام الجزائرية، المتهمة بالتحامل على المملكة، يطلب فيها التدخل لدى بعض الصحف وقف الحملات الإعلامية ضد السعودية. واحتج السفير لدى وزير الاتصال الذي لم يرد اسمه، بأن نشر هذه الأخبار يتم من فترة لأخرى على الرغم من قيام السفارة بالرد في كل مرة لتوضيح الحقائق، وطلب منه التدخل بالطريقة التي يراها مناسبة للضغط على هذه الصحف لإيقاف مثل هذه الأخبار، ورد الوزير الجزائري على طلب السفير بأنه سيبذل قصارى جهده لحسم هذه المسألة.
وفي برقية أخرى، تشير الخارجية السعودية إلى عدم رضا المملكة المغربية عن مضمون مقال لصحيفة « الحياة »، اللندنية حول جبهة البوليساريو، ويطلب وزير الخارجية المغربي السابق سعد الدين العثماني من الخارجية السعودية التدخل لدى الجريدة لمنع صور مقالات مؤيدة للصحراويين.
خدمات صحية وبنكية رديئة
اشتكت السفارة السعودية من رداءة الخدمات الصحية في الجزائر، وتكتب في برقية عن عدم توفر الجزائر عن مستشفيات جيدة، موضحة أن ما تقدمه من خدمات ضعيف جدا، وأثر ذلك، حسبها، على الرعاية الصحية للمنتسبين للسفارة.
وينسحب الأمر أيضا على مشاكل المعاملات البنكية والتحويلات المالية، وتذكر السفارة في برقية لها بمشكلة صرف العملات الأجنبية، والقيود المفروضة في هذا المجال « فالمواطن الجزائري مثلا لا تسمح له قوانين وأنظمة الدولة استخدام وتداول بالعملة الصعبة في كل المجالات ما عدا فتح حسابات شخصية.
وتذكر أن السفارات العاملة بالجزائر تعاني من مشكل التحويل الإلكتروني للأموال، إلى جانب محدودية استعمال بطاقة ماستر كارد. وخصت برقيات أخرى معالجة الإعلام الجزائري لملف الحج، وللتعاون الثنائي في الحج، وتضمنت برقيات أخرى اهتمام بالزيارة الأجنبية للجزائر منها واحدة تخص زيارة أمير قطر السابق للجزائر. وتدخل أميرة سعودية لتسهيل زيارة سيدة جزائرية للسعودية، وطلب السفارة الفرنسية بالسعودية من السلطات السعودية تسهيل زيارة عالم الرياضيات الجزائر الوزير الأسبق أحمد جبار للمملكة.