بدا وكأنّ المؤتمر الصحفي للناخب الوطني الجديد ميلوفان راييفاتش انعقد بفرنسا أو بريطانيا أو حتى جمهورية يوغسلافيا الفيدرالية سابقا، حيث غابت اللغة العربية – ولو همسا – في قاعة المحاضرات لملعب « 5 جويلية » ترمز إلى استعادة الإستقلال والجزائر.
ونشّط راييفاتش المؤتمر الصحفي قبيل منتصف نهار الخميس، بحضور المنتسبين إلى مهنة الإعلام الجزائري. حيث لم يكن يتردّد من أصوات داخل القاعة سوى كلام باللغات الصربية والفرنسية والإنجليزية، في مشهد أشبه بمنتدى عالمي للترجمة أو ملتقى الحضارات!
وإذا كان ميلوفان راييفاتش قد احترم لسان أمّه وقومه الصربي، فإن بقية الحضور تباروا في استعراض مهاراتهم اللغوية « المولييرية » و »الشكسبيرية »، ولا أحد تجرّأ وكسّر « طابو » تهميش اللغة العربية.
ومعلوم أن المؤتمرات الصحفية – الرياضية مثالا – تُدار في الجزائر بجوق واحد فرانكفوني، أو عزف ثنائي تُضاف الإنجليزية فيه إلى الفرنسية. حيث يخجل (أو ربّما يتكبّر) المنتسبون إلى مهنة الصحافة من التحدّث أو طرح الأسئلة بالعربية أو ربما لا يجيدونها أصلا، بمن فيهم من ينتمون إلى مؤسسات إعلامية عربية اللسان. يحدث هذا في غياب « أساتذة » الصحافة الرياضية من فصيل عبد الرزاق الزواوي الذي علّق على مباراة الجزائر وفرنسا عام 1975 (ألعاب البحر المتوسط)، ومحمد صلّاح، والرّبيع دعّاس (رحمه الله) أحد المعلّقين على مباراة الجزائر وألمانيا عام 1982، والأخضر حمدة (برنامج القناة الإذاعية الأولى « رياضة وموسيقى »)، وفيصل غامس والحبيب بن علي وسكينة بوطمين، وغيرهم ممن احترموا اللغة العربية ورفعوها إلى أعلى المدارج.
والظاهر – أيضا – أن عدوى المشارقة انتقلت إلى المغرب العربي، إذ يُفضّل المنتسبون إلى الصحافة الرياضية في « الشرق الأوسط غير العربي » الكلام بالإنجليزية، ولمّا يُطلب منهم العودة إلى « رشدهم » يتحدّثون بالدارج (العامية)!؟
أمّا الفاف، فقد اكتفت بإحضار مترجم يُجيد لغة « موليير »، وقد جالس راييفاتش لأن التقني الصربي لا يُتقن اللغة الفرنسية التي قال إنه سيتعلّمها لاحقا، ولم يتحدّث الناخب الوطني الجديد عن تعلّمه العربية، كما لم يطلب منه أحد متى سيتعلّمها ولو على سبيل المزاح.
ولا تحتاج الفاف إلى دليل يُثبت فرانكفونيتها، ونكتفي بذكر أن موقعها الإلكتروني يُحرّر بالفرنسية أوّلا، ثم يُترجم بالعربية… بعد أن يشيب الغراب!