الكتاب المدرسي.. حسم الأمر نهائيا.. وأجاب عن السؤال بالإحصائيات والنسب المئوية.. وقرر أننا:.. عرب بنسبة %80.. وبربر بنسبة 20 %.. وبهذه الكيفية حل المشكلة نهائيا.. وأنهى جدلا طويلا.. استنزف المؤرخين والأنثربولوجيين وحتى السياسيين!
أليست هذه نكتة؟ هي بالفعل نكتة.. لكنها مفخخة.. ومن قام بتركيبها يعلم الهدف منها.. ويعلم إلى أين ستفضي.. عندما تتحول إلى جدل سياسي وثقافي.. وتستوي على قاعدته صراعات عرقية ومذهبية.
ابن باديس رحمه الله.. حل المشكلة دينيا وثقافيا.. بأن قال “نحن بربر عربنا الإسلام” أي جعل العربية لغة لنا.. والرجل صادق في قوله.. وهو وفي للمبادئ التي عاش من أجلها وعنوانها الكبير “الجزائر وطننا، العربية لغتنا، الإسلام ديننا”.. وهناك من رفض الاعتراف بنا أمة.. فجعلنا بلا هوية.. ووجودنا بحاجة إلى دليل إثبات!
عندما احتلتنا فرنسا.. سارعت إلى التفتيش في تاريخنا القديم.. لتستخرج منه أوراقنا الثبوتية.. ولتعيد رسم وجوهنا.. وتقرر من يكون فينا عربيا ومن يكون بربريا.. ومن ليس هذا أو ذاك.. لا تنسوا أن الوندال والبيزنطيين والرومان قد مروا من هنا أيضا.. أي إن المسألة أعقد مما نتصور.
اليوم.. نحن نتلقف المفخخات الفرنسية.. لنعيد تركيبها بأنفسنا.. فنضع واحدة في الدستور.. وأخرى في الكتاب المدرسي.. وثالثة في الإعلام.. ورابعة في الإشهاريات.. وخامسة في التسميات الرسمية.. ومن يدري فقد نعيد تعريف أنفسنا.. لنحمل في بطاقات تعريفنا وسما سُلاليا.. يضاف إلى علاماتنا الخصوصية.
كان يمكن قبول النسبة – كعمل إحصائي فقط -.. لو قالوا إن الجزائريين من أصول عربية يشكلون نسبة 20 % من السكان.. والباقي بربر أو أمازيغ – لا تهم التسمية -.. منهم من فقد لسانه الأصلي ومنهم من احتفظ به.. وهذا أقرب إلى الحقيقة.
السؤال: فما جدوى تضمين كتاب مدرسي أو شبه مدرسي.. تصنيفا عرقيا يفترض أننا تجاوزناه.. كما تجاوزنا التصنيف المذهبي؟ وماذا يعني تزوير الحقائق ولو على مستوى النسب ذاتها؟
أجد الموضوع ملغما.. فقوى الشر العالمية تتربص بنا.. كما تربصت بالعرب جميعا.. فعندما ننتهي طوائف متنابذة.. أغلبية وأقلية.. سيسهل تفجير أقوى صاعق قنبلة وهو: التدخل لحماية الأقلية المضطهدة.. من غطرسة الأكثرية المهيمنة.