للنجومية مساوئ وإيجابيات، بعضها تضرب في صميم الحياة الخاصة والاجتماعية لهذا اللاعب أو ذاك، فإما أن يخرج نجم الكرة منتصرا على طول الخط، أو يضيع بين أمواج العزوبية ومغرياتها، وما يثير في نجوم الكرة الجزائرية، هو أن المحليين فيها يؤخرون الزواج إلى ما يقارب سن الأربعين وربما أكثر، بينما يتزوج المحترفون المكوّنون في المدارس الكروية الفرنسية وهم في سن العشرين أو دون ذلك، بإيعاز من أوليائهم، وكثيرا ما تلعب الحالة العائلية لهذا اللاعب أو ذاك دورا في تألقهم، والمشاهد التي تقدمها الأندية العالمية الكبرى، عندما تحتفل بالألقاب على أرضية الميدان أمام الجماهير، وفي حضور زوجات اللاعبين دليل على أن وراء كل عظيم كرة، امرأة تدفعه للنجاح، من المفروض أنها زوجة.
والدة غولام هي من دفعته للزواج دون العشرين
سألنا والدة النجم الجزائري فوزي غولام الحاجة خديجة القاطنة بمدينة سانت إيتيان، عن الحياة العائلية لابنها فوزي، فاعترفت بأنها هي من دفعته منذ أن بلغ سن التاسعة عشرة، وكان ضمن فريق الأواسط لنادي سانت إيتيان، لأجل أن يكمل نصف دينه.. فوزي غولام الذي سيحتفل في فيفري القادم بعيد ميلاده السادس والعشرين، اختار زوجة جزائرية، ولم يكن قد بلغ التاسعة عشرة ربيعا، ولما انتقل فوزي غولام الذي سبق له وأن أدى مناسك العمرة في سنة 2014 عبر هدية من المملكة العربية السعودية إلى نابولي، أخذ معه ابنيه سفيان الذي قارب سنه ست سنوات وجبريل أبو بكر الذي قارب سنه الخامسة، وهما يعشقان الكرة ويجدان الدعم من فوزي وزوجته، ولا يعتبر فوزي غولام حالة خاصة في عالم الكرة الجزائرية المحترفة، وإنما هي قاعدة لدى مهاجرينا فقد تزوج ياسين براهيمي دون الثانية والعشرين من شابة قبائلية، وهو حاليا أب لطفلة تحمل اسم جنة، احتفلت في العاشر من نوفمبر الحالي بعيد ميلادها الثاني، كما تزوج سفيان فيغولي وسفير تايدر في سن مبكرة في أسبوع واحد في شهر ماي من عام 2015 وهما دون الخامسة والعشرين ربيعا، من مغتربتين جزائريتين.
وككل الشباب الجزائري، القاطن في فرنسا، فإن أمهاتهم يصررن على تزويجهم، وهم في العشرين ربيعا لإبعادهم عن مفاتن الأجنبيات وخاصة من الانحراف، ونادرا ما نجد لاعبا مغتربا بلغ الرابعة والعشرين وهو عازب، وحتى اللاعبين الصغيرين سنا وهما آدم وناس وبن ناصر يتأهبان للزواج وعمرهما لا يزيد عن التاسعة عشر ربيعا فقط.
قصة زواج مغني ومحرز ومصباح
يرتبط النجم الجزائري السابق مراد مغني صاحب الـ 32 ربيعا بقوة بعائلة أمه البرتغالية وعائلة زوجته الفرنسية، التي لم تحضر معه في سنواته الاحترافية الحالية في قسنطينة، وهو يفضل التوجه إليهما، وكان مراد قد قرّر الزواج عندما كان لاعبا في بولونيا الإيطالي، ولم يكن سنه قد بلغ الواحدة والعشرين، وكانت حينها كل المؤشرات توحي بأنه سيلعب للمنتخب الفرنسي، بعد أن فاز معه بكأس العالم لصنف الأواسط، فعاش في جو غربي انتهى بزواج غربي أيضا، عكس بقية نجوم جيله من أبطال أم درمان، كما تزوّج المدافع جمال الدين مصباح من شابة إيطالية. ابن قسنطينة وهو من مواليد بلدية زيغود يوسف في ولاية قسنطينة اختار الشابة الإيطالية، وكان في سن الواحدة والعشرين عندما كان يلعب في نادي ليتشي، جمال قال لـ »الشروق اليومي » إن زوجته الإيطالية زارت الجزائر رفقته عدة مرات وتعلمت طهي الشخشوخة القسنطينية، كما تعلمت ابنته الكبرى ليليا البالغة من العمر سبع سنوات، التحدث باللغة العربية رفقة اللعبة الإيطالية، لأنه نشط ومازال في الدوري الإيطالي الممتاز، وفاجأ نجم ليستر سيتي وأحسن لاعب في إنجلترا كل الجزائريين بارتباطه مع شابة من الهند، وهي حالة نادرة ليس مع نجوم الكرة فقط، وإنما في كل الجزائر أن نشاهد من يرتبط بشابة هندية، وظهرت الزوجة واسمها ريتا الهندية رفقة رياض محرز في حفل تتويج النادي الإنجليزي بلقب الدوري الإنجليزي، كما ظهرت ابنته التي قال بأنها فأل خير عليه في العديد من الصور واختار لها رياض اسما عربيا هو عناية، وهي تمتلك الجنسية الإنجليزية رفقة والدتها الهندية الأصل والجزائرية أيضا رفقة والدها رياض.
عنتر يحيى من شقيقة كريم زياني
لا يمكن للجزائريين، أن ينسوا ذاك الهدف الأسطوري في مرمى عصام الحضري، في مباراة أم درمان في السودان، فقد دقت ساعة المباراة في دقيقتها الواحدة والأربعين، عندما أرسل كريم زياني كرة طائرة في السماء، فحوّلها عنتر يحيى، بتسديدة أسطورية في مرمى مصر، وتمكن « الخضر » من قهر الفراعنة الذين حوّلوها إلى حرب إعلامية وسياسية غريبة، وتحوّل عنتر رفقة زياني إلى أبطال، وفجأة وبعد أيام فقط من المباراة التي لا تنسى، ردّ عنتر يحيى هدية كريم الكروية أو تمريرته الحاسمة، بخطبة شقيقته وإقامة حفلة زفاف بين العائلتين في مدينة ليون الفرنسية، وكان عنتر يحيى قد بلغ من العمر 27 سنة، ولكن كريم سبقه للزواج وهو في العشرين من العمر ورزق بالبنات، أما المدافع الطائر، نذير بلحاج فتزوج بعد تأهل « الخضر » لمونديال جنوب إفريقيا من زوجة وهرانية أقام حفلا شعبيا بالفروسية والبارود، تلقى فيها تهاني أهل الباهية، وتبقى زوجة كريم مطمور، من أشهر زوجات اللاعبين وهي السيدة منال فيلالي ابنة قسنطينة، التي تعيش معه حاليا في ألمانيا، وهي نجمة غناء في فرقة ألمانية مشهورة، تكبر كريم مطمور بأربع سنوات، ولكنه احترم فيها، كما قال، ثقافتها وشهاداتها الجامعية، في الترجمة، وكل نجوم أم درمان وكل المشاركين في كأس العالم في جنوب إفريقيا 2010، تزوّجوا في سن مبكرة وهناك من ربط إخفاق « الخضر » في كأس العالم في جنوب إفريقيا عندما خرجوا من الدور الأول من المنافسة، وعجزوا عن تسجيل هدف واحد، طوال الدورة، بسبب حفلات الزواج التي أقامها اللاعبون قبل رحلة جنوب إفريقيا، وغالبيتهم تزوّجوا من جزائريات خاصة أنهم طاروا بعد المونديال الإفريقي إلى دول الخليج العربي للعب في أندية قطرية وسعودية وإماراتية، لأجل الثراء والعيش هناك في بلاد عربية وإسلامية تلائم التقاليد الجزائرية، ومنهم النجم نذير بلحاج الذي لعب في الدوحة مع السد، وعاش هناك مع زوجته الوهرانية لمدة ست سنوات كاملة أنجب فيها البنين والبنات.
التقاليد والملاهي ربطت اللاعبين المحليين؟
عكس ما هو موجود لدى اللاعبين المحترفين، وحتى الذين توجهوا من الجزائر إلى أوروبا ومنهم إسلام سليماني وهلال سوداني، فإن اللاعبين المحليين، يفضلون تأخير الزواج إلى ما بعد الاعتزال، كما فعل بلال دزيري، وكما هو حال لاعب وفاق سطيف حمزة بولمدايس الذي بلغ الخامسة والثلاثين ومازال أعزبا، وهذا ضمن تقليد صار جزائريا لدى كافة الشرائح، بالرغم من أن لاعبي الكرة في الجزائر لا يعانون ماديا ومرتب شهري واحد يكفيهم لخوض الزواج من المهر إلى تكاليف العرس، وللأسف فإن النجومية والمال فعلا فعلتهما لدى بعض اللاعبين والنجوم، خاصة الذين ينشطون في الفرق العاصمية، حيث تشدّهم بعض الأمور السيئة ومنها الملاهي وتبعدهم عن إكمال نصفهم الثاني، بالرغم من الأموال التي تتهاطل عليهم بمئات الملايين في كل شهر.
يحدث هذا عكس ما عاشه نجوم الجيل الذهبي في ثمانينيات القرن الماضي، حيث تزوّج رابح ماجر، مباشرة بعد عودته من مونديال إسبانيا، وروى ماجر للصحافة كيف تزوّج بسرعة بعد تعرفه على زوجته وهو يغلق الآن سنته الرابعة والثلاثين مع زوجته، كما تزوج في نفس السنة وفي نفس السن، أي أربعة وعشرين ربيعا، لخضر بلومي، وحتى في جيل حسان لالماس وسيريدي وفندي وفريحة كان الزواج في سن العشرينات وليس بعده.
عموما، فإن الزواج هو نصف الدين، وهو حامي لاعب الكرة، المفروض عليه أن يسكن إلى مقر إقامته، ويبتعد عن السهر وعن الانحراف إن أراد الاستقرار، وبالرغم من أن المجتمع الغربي له طريقة عيشه الخاصة، فإن كبار الكرة مثل مارادونا وبيكام وميسي وفان باستن في كل الأجيال الكروية، يرتبطون منذ أن يبزغ نجمهم، فيعرف كل الناس زوجاتهم وصورهم ولا يشاهد النجم في أيام عطلته إلا وهو رفقة زوجته وأولاده.
وسنّ الأوروبيون في الدوريات الكبرى، طريقة احتفال بالتتويجات خاصة، تأخذ بعدا عائليا، سواء تعلق الأمر بالأندية أو بالمنتخبات الوطنية، حيث تجلس الزوجات بالمدرجات وبمجرد إعلان الفرح، تظهرن رفقة أبنائهن.