خاطب الدولي الجزائري « جمال الدين مصباح » مدربه « كريستيان غوكوف: »اتركني وشأني .. ما دمت تتجاهلني ! »، وهمّ « مصباح » بمغادرة الأراضي القطرية لولا تدخل صديقه المقرّب « سفيان فغولي »، قبل أن يهرع « محمد روراوة » رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم، لإطفاء خامس فتنة في بيت محاربي الصحراء منذ تولي « غوركوف » زمام الخضر في 19 جويلية 2014.
سرّب مصدر عليم لـ »الشروق الرياضي »، الاثنين، فحوى واقعة الظهير الأيسر لـ »سامبدوريا » الايطالي مساء 28 مارس المنقضي، فمباشرة بعدما علم « مصباح » (29 سنة) بعدم تواجده بين الأساسيين ضدّ سلطنة عمان، ذهب إلى « غوركوف » وقال له بصريح العبارة: اتركني وشأني .. ما دمت تتجاهلني !، ولأنك لا تعتمد علي فالنادي أولى بي ».
كلام « مصباح » أثار ذهول « غوركوف » الذي تحاشى تصعيد الموقف مع مدافعه الذي كان في غاية الاستياء، وافترق الرجلان بعد مسارعة « سفيان فغولي » إلى أخذ صديقه الحميم « جمال الدين » إلى الغرفة، لكن « مصباح » الذي استشاط غضبا حاول حزم حقيبته في تلك الليلة لولا تهدئته من طرف متوسط ميدان « فالنسيا » الاسباني.
تلك الحادثة تفاعلت ساعات من بعد، بعد نشر الصحافة الجزائرية للخبر، وهو ما كانت له تداعياته داخل محيط الخضر، حيث خرج « محمد روراوة » عن طوره وعقد اجتماعا استعجاليا لكافة الطاقم الفني بحضور « مصباح » لرأب الصدع، وانتهى بمطالبة « الحاج » لـ »مصباح » بعقد لقاء صحفي على السريع ينفي فيه الحادثة جملة وتفصيلا بداعي « الحفاظ على تماسك وتوازن المجموعة »، وهو ما رضخ له « مصباح » على مضض وبعد تدخل متجدد من « فغولي »، في وقت عكف الثنائي « محمد عادل حاجي » و »عبد القادر برجة » على (تلقين) « مصباح » ما « يجب قوله »، وما « ينبغي تفاديه » (..)، قبل أن يتم إخراج المسألة بالكيفية التي يعرفها الجميع.
تكريس الهروب إلى الأمام!!!!!
المثير أنّ ما حدث في « النزهة القطرية » جرى التعتيم عليه كالعادة، دون أن يجري تشخيص حقيقة المرض الذي جعل خامس « خروج عن السطر » يتكرر بعد الذي وقع تباعا لكل من: سوداني – غيلاس – جابو وبونجاح، وطبعا سيكون « الإبعاد » جزاء « مصباح » عن الذي بدر منه، تماما مثلما جرت العادة مع « المغضوب عليهم ».
وإذا كان الأمر يفرض ضرورة عدم التساهل مع الانضباط، فإنّ الواضح أنّ « غوركوف » لن يزعج نفسه كثيرا وسيرتضي تكريس نظرية الحلول السهلة التي ظلت مهيمنة لدى مدربي المنتخب المتعاقبين، منذ حادثة « مهداوي – عمروش » (فيفري 1998)، « سعدان – واضح » (جانفي 2004) ثمّ « سعدان – لموشية » (جانفي 2010) و »خاليلوزيتش – بودبوز » (جانفي 2013)، وأخيرا « غوركوف – غيلاس »(نوفمبر 2014) و »غوركوف – جابو » (فيفري 2015) وهي أشهر الوقائع وليست جميعها.
وفي وقت يجنح كبار المدربين على المستوى العالمي، إلى معالجة حالات « التمرّد » في نواديهم أو منتخباتهم بترسيخ لغة الحوار، على غرار ما فعله الايطالي « فابيو كابيلو » مع « واين روني » الانجليزي، وكذا البرتغالي « جوزيه مورينهو » مع الايطالي « ماريو بالوتيلي »، على سبيل المثال لا الحصر، يفضّل المدربون في ديارنا أسلوب « أول الدواء هو الكيّ » !، مع أنّ حالة « مصباح » كان يمكن علاجها على نحو مغاير، إذ شعر المدافع المخضرم بـ »التهميش »، بعدما انتظر الاستفادة من وقت لعب في مقابلة شكلية، بيد أنّ « غوركوف » رأى غير ذلك، والأخطر أنّه لم يتحاور مع مدافعه !
أكثر من ذلك، يصرّ غوركوف مثل سابقيه، على الهروب إلى الأمام، وكما جرت العادة سيستهلك « غوركوف » بضعة أشهر، حتى يكشف عن السبب الحقيقي لحكاية « جمال الدين مصباح »، والضحية في كل هذا هو المنتخب الجزائري الذي سيفقد جهودا تحت غطاء « الحسابات » !.