التأم الجمعة بالعاصمة اللبنانية بيروت مؤتمرٌ دولي حول وعد بلفور « مئوية مشروع استعماري.. أيُّ مستقبل للمشروع الصهيوني » بمشاركة أزيد من مئتي شخصية فكرية وثقافية وعلمية وسياسية، وكانت الجزائر ممثلة بعدد كبير من الشّخصيات بينهم المجاهد لخضر بورقعة والناشط كريم رزقي والبرلماني جار الله بشير، والأكاديمي مصطفى نويصر وعدد من الناشطين في الأحزاب السياسية، كما شاركت الكثير من الشخصيات الأوربية من إيرلندا ومن اليونان.
وناقش المؤتمر الذي يأتي في ظروف عربية وإسلامية خطيرة سبل التحرك قانونيا بعد أن بدأت تظهر بعض المطالبات بمقاضاة بريطانيا التي منحت أرض فلسطين إلى الكيان الصهيوني بعد عقود من وعد بلفور الذي كان البداية الحقيقية لضياع فلسطين، وعبَّر المشاركون عن صدمتهم من السلوك الصادر عن رئيسة الوزراء البريطانية « تيريزا ماي »، التي قالت قبل أيام « إننا نشعر بالفخر من الدّور الذي لعباه في إقامة دولة إسرائيل »، وكانت مداخلة الأكاديمي المختص أنيس القاسم لافتة، حيث تناول الجوانب القانونية للتحرك ضد بريطانيا، داعيا الرسميين العرب إلى ضرورة لعب دور في هذا السياق.
إلى ذلك، قال « معن بشور » مدير المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن، إن وعد بلفور يعدّ تقاطعا تاريخيا بين المشروع الاستعماري والمشروع الصهيوني، وإن المؤتمر يأتي في ظل بوار صفقة قرن أخرى بعد قرن من وعد بلفور، تهدف إلى تقديم تنازلات كبيرة من طرف واحد، وسنسعى إلى التصدي لهذا التوجه الخطير.
من جهته، قال الأستاذ منير شفيق الأمين العام للمؤتمر الشعبي لفلسطيني الخارج « إن بريطانيا بدأت التحضير لوعد بلفور 77 سنة قبل صدوره في 2 نوفمبر سنة 1917 » وأضاف « ما كان للمشروع الصهيوني أن يتشكل لولا بريطانيا التي أقنعت الحركة الصهيونية بالتوجه إلى فلسطين وإقامة وطن لليهود ».
أما الدكتور محسن صالح، مدير مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، فقد ركز على الجانب العملي في التصدي للمشروع الصهيوني، مؤكدا أن المؤتمر عُقد للقيام بخطوات عملية، وليس للدخول في بكائية أو إحياء ذكرى أو تفريغا للعواطف، ولكنه محطة لتحليل الواقع واستشراف المستقبل. وقال المتحدث إن الوعود البريطانية كانت عديدة في تلك المرحلة، غير أن وعد بلفور هو المحدد الأساسي البريطاني، في ضياع فلسطين، مشيرا إلى أن البريطانيين نفذوا الشق الأول من وعد بلفور، والمتعلق بتمكين الصهاينة من إقامة دولة لليهود في فلسطين، ولم ينفذوا الشق الثاني من الوعد الذي يشير إلى حقوق الشعب الفلسطيني. وقال المتحدث: إذا كان لا بد من اعتذار من البريطانيين، فهو بسبب احتلالهم لفلسطين قبل أن يكون اعتذارا عن إصدارها وعد بلفور.
من جهته، قال جار الله البشير ممثل الوفود العربية في المؤتمر، ومدير رابطة البرلمانيين من أجل القدس، لـ »الشروق » إن العرب والمسلمين تركوا الفلسطينيين وحدهم، كما أكد كل الذين تحدثت إليهم « الشروق »، أن مؤتمر مئوية بلفور، هو بداية لتقوم النخبة في العالم بدورها في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، وفي هذا السياق قال لخضر بورقعة، إن المقاومة والمقاومة وحدها من تعيد الحقوق الفلسطينية، داعيا الفلسطينيين إلى الأخذ بزمام الأمور وعدم ترك مصيرهم بيد المتآمرين على قضيتهم. أم الناشط كريم رزقي، فقد أكد الوضع المتردِّي على الساحة العربية والإسلامية لا يدفعنا لفقدان الأمل لاستعادة فلسطين، وقال إن النزاعات المسلحة والفتن الطائفية التي أشعلتها إسرائيل وأمريكا والمتآمرون معهم من الدول العربية.. هذه النزاعات لن تبقى إلى الأبد.
أما نائب رئيس الهيئة الدولية لإعمار غزة فقال إن مؤتمر مئوية وعد بلفور جاء لتأكيد الاستمرار في النضال والتمسك بالحق العربي وحماية الوطن العربي الكبير من التمزق في ظل هذه الهجمة الشرسة التي مست الكثير من الأقطار.
أصداء من المؤتمر
ـ سُجِّل حضورٌ مكثف للناشطين الأوربيين على غرار شخصيات من ايرلندا واليونان فيما سُجِّل غيابٌ شبه كلي للشخصيات الخليجية التي يبدو أنها غير معنية بضياع فلسطين!
ـ كانت الأولوية في التدخلات للجنسيات الغربية، كرغبة من القائمين على المؤتمر في تكريم هؤلاء الذين يعدّون مناضلين حقيقيين لصالح القضية الفلسطينية.
ـ حظي المجاهد لخضر بورقة باهتمام كبير من الحاضرين خاصة من طرف الفلسطينيين الحاضرين بقوة، حيث يعتبرونه نموذجا للجهاد ضد المحتلين.
– أخذ موضوع استقالة الحرير واحتجازه في السعودية حيزا كبيرا من النقاشات الجانبية في المؤتمر، وقد أخذ الموضوع طابع تنكيت وآخرها أن الوليد بن طلال راسل الأمين لحزب الله طالبا منه إدراجه في أي صفقة مستقبلا باعتباره « لبنانيا ».