- تسول لساعات يضمن 10 ملايين شهريا وهدايا لا تنتهي
- تحرشات.. طلب زواج ودعوة للإفطار في البيت
- نأسف أولا للماجدات السوريات اللائي دفعهن تكالب الأمم والفتن، لأن يطلبن مساعدة الآخرين في بلدان كثيرة، فقد جاء تقمص دور السوريات لمعرفة مدى تعامل الجزائريين مع أبناء الشام اللاجئين في الجزائر في شهر كريم بصم وحدة المسلمين، فتعرفنا على الكثير منهن في مدينة عنابة التي يقال بأنها عاصمة للتواجد السوري المكثف بين أزقتها، ولننقل أيضا حياتهم ومعاناتهم، وحتى مع بعض المتطفلين عليهم والذين تقمصوا شخصياتهم وحفظوا لهجتهم من خلال المسلسلات السورية التي تبثها مختلف القنوات الجزائرية والعربية، لأجل ممارسة مهنتهم الظرفية بكل احترافية.
-
اتخذنا جملة من الاحتياطات مثل اللباس السوري والتواجد في الأماكن المزدحمة، لنقل الصورة الحقيقية للسوريين المتواجدين في أغلب المدن الشمالية الجزائرية، والذين ينتشرون وسط الطرقات وعلى أبواب المساجد لطلب المساعدة لعائلاتهم المقيمة في الجزائر منذ سنوات بعد ما أجبرتهم الحرب في سوريا على ترك أرضهم ووطنهم.
عنابة عاصمة للاجئين السوريين
اخترنا جوهرة الشرق الجزائري، مدينة عنابة الساحلية، لما تتميز به هذه المدينة من حركة اقتصادية وتجارية وسياحية، ويقصدها آلاف الزائرين من مختلف ولايات الوطن يوميا، كما أننا اخترنا العشر الأواخر من شهر رمضان الفضيل لما تمثله من رمزية لدى المسلمين، ولم نتردد لحظة في النزول إلى الميدان الذي نجهل كواليسه، بعد ما قمنا بتغيير مظهرنا وارتداء ملابس أشبه بكثير لتلك النساء المرابطات في الساحات العمومية ووسط الطرقات وعلى أبواب المساجد، عارضات المناديل الورقية وبعض الكتب الدينية على المارة.
وعلى طريقتهن، قصدت أحد المحلات الذي تديره سيدة وطلبت منها أن تساعدني في تغيير ملابسي ومظهري، وعلى الرغم من أنها أبدت ملاحظة عن الخمار الذي قمت بإعارته خصيصا للقيام بهذه المهمة، قمت باقتناء مجموعة من المناديل الورقية، وتوجهت مباشرة ناحية محطة القطار، وهو الطريق الاستراتيجي بمدخل مدينة عنابة ناحية ساحة الثورة وبدأت عملية تقمص أو تمثيل الدور، الصعب واللغز في نفس الوقت.
النساء أكثر عطفا على اللاجئات
لم تمض أكثر من ثلاثين ثانية من وقوفي على جانب الطريق، وبمجرد توقف سير المركبات عند ضوء إشارة المرور، حتى ناداني صوت امرأة مسنّة، كانت بجانب زوجها العجوز، ودون أن تتكلم معي كثيرا أو أحدثها سلمتني قطعة نقدية من فئة 100 د.ج، فسلمت لها المناديل الورقية، إلاّ أنها رفضت وقالت لي احتفظي بها، داعية لي بأن يفتح الله لي أبواب رحمته.
وأنا أتسلم القطعة النقدية من تلك العجوز على مرآى من زوجها، شعرت بنجاحي في تقمص الدور، وهو ما جعلني أواصل مهمتي، بالوقوف على جانب الرصيف حتى لا أتسبب في عرقلة حركة المرور، وترقب إشارة المرور لأقترب في كل مرة من السيارات عند توقف حركة السير باشتعال الضوء الأحمر، وتوالت علي المساعدات، من نساء في مختلف أعمارهن سواء كنّ سائقات أو أخريات كنّ بجانب أزواجهن، وقد لفت انتباهي أن سيدة كانت برفقة ابنتها التي كانت تقود سيارتها وحاولت أن تتجاهلني، قثارت ثائرة أمها إلى جانبها وسلمتني قطعة نقدية من فئة 200 دج، وخاطبتها بالقول « ما بدّي تزعلي من أمّك »، لحظتها شعرت وأن ابنتها أحست بشيء من الخجل، وأخذت تبحث لي في حقيبة يدها التي كانت إلى جانبها لتسلمني شيئا، لكن إشارة المرور انتقلت إلى الضوء الأخضر، لتبدي أسفها لي وتنطلق بسيارتها. هذا الموقف جعلني أعرف بأن الجزائريين ومهما اختلفت أعمارهم لا يبخلون بصدقاتهم على فئة المحتاجين من الناس.
جزائريات يتقمصن شخصية السوريات لاستعطاف المحسنين
وبعد نحو ساعة عند تقاطع الطرق بمدخل المدينة العتيقة، توالت علي المساعدات من شباب ورجال وأكثرها من النساء، لأقرر بعدها تغيير وجهتي إلى وسط المدينة، وتحديدا إلى ساحة الثورة، واتخذت لي مكانا بجانب إحدى البنايات العتيقة قريبا من امرأة قاربت الثلاثين من عمرها، وكانت برفقة طفلين في سن الرضاعة، والغريب في أمر تلك المرأة التي كانت تتوسط رضيعين بدأت تنظر نحوي بنظرات حادة، أوحت لي من خلالها أنها غير راضية على تواجدي بالقرب منها، بل أكثر من ذلك فقد بدأت بإطلاق بعض التمتمات والعبارات الرافضة لتواجدي في المكان، خاصة بإقبال المواطنين والمواطنات على التحدث إلي بغية مساعدتي، حيث كانت تلك المرأة منشغلة بي أكثر من اللازم وتحدق في وجهي بنظرات أحسست من خلالها بنوع من الخوف، لكني لم أظهر لها ذلك وواصلت عملي ومهمتي كما بدأتها، أوظّب المناديل المنشورة أمامي على قطعة الكرتون وأرقب تحركات المارة وأهتف بلهجة سورية يبدو أنني أتقنها بسرعة، فأحصل على مساعدات بعضهم، وهو ما زاد من غيظها وغضبها لتتجرأ وتتقدم مني، وتطلب صراحة الحديث إليّ للتأكد من هويتي، فلما أخبرتها أني لاجئة سورية بصوت سوري، طلبت مني الابتعاد عن المكان، لأن ذلك المكان حسبها مخصص لها ولطفليها كما قالت، فلم أجادلها، بل تركتها تفرغ شحنة غضبها التي لم تخل من عبارات السب والشتم والتهديد بالضرب، لأعرف بعدها أنها جزائرية تقوم أيضا بتقليد دور لاجئة سورية، لاستعطاف مشاعر المواطنين في شهر رمضان المعظّم، وأنها قدمت من إحدى المناطق السهبية للوطن، لممارسة التسول باستغلال طفليها، وبنفس الطريقة والحالة التي تتواجد عليها اللاجئات السوريات الحقيقيات.
وقد ارتفعت حدّة لهجة تلك المرأة إلى أن وصل بها الأمر إلى حد تهديدي بصوت منخفض حتى لا تجلب انتباه المارة بالمكان، وطلبت مني بضرورة ترك المكان فورا والبحث لي عن مكان آخر أمارس فيه عملي وإلا؟
دعوات للإفطار وأخرى للإقامة من عائلات عنابية
ولتجنب الجدل معها، فضلت الانسحاب في صمت، فحزمت مناديلي وكرتوني، واتخذت مكانا آخر على الرصيف بجانب بناية المسرح الجهوي عزالدين مجوبي بعنابة، عند الساعة الثالثة عصرا في جو لم تقل فيه درجة الحرارة عن 36 درجة مئوية، وقد اتخذ بعض الشباب من ظلال الأشجار المتواجدة في الساحة المقابلة مكانا لتصفح الجرائد وتبادل أطراف الحديث، فافترشت قطعة كرتون ونشرت المناديل الورقية أمامي، ووسطها بعض الأوراق « المنسوخة » والتي تثبت أني سورية من حلب، وبقيت أرقب ردّة فعل المارة، وبعد وقت كدت أفقد فيه الأمل، حتى تقرب مني أحد الأطفال كان برفقة والدته وترك لي قطعة نقدية، وهو ما جعلني أصرّ أكثر على متابعة مشاهد المارة، في مساء ذلك اليوم، وكنت أتفاجأ من حين لآخر ببعض أصحاب السيارات الذين يتوقفون جانبا لمنحي بعض المال، أو التحجج باقتناء مناديل ورقية مقابل تسليمي بعض القطع النقدية، وبعد صلاة العصر، بدأت أتفاجأ ببعض الأشخاص الذين كانوا يقتربون مني ليسألوني عن مكان إقامتي وظروفي الاجتماعية، بل منهم حتى من سألني إن كنت متزوجة، ولدي أطفال، وغيرها من الأسئلة التي كنت أجيب عنها بكل هدوء وبلهجة سورية متقنة تعلمتها وتدربت عليها بشكل لم يثر أية شكوك، قبل أن أغوص في التجربة.
ومع مرور الوقت تقربت مني سيدة كانت تبدو في الخمسينات من عمرها وعرضت علي الذهاب معها إلى بيتها لتناول وجبة الإفطار ذلك اليوم، وشرحت لي بأنها في بيتها المتواجد غير بعيد عن ساحة الثورة، وأنها تقيم برفقة ابنتها في العشرين من عمرها، وقالت لي انه يسعدها أن أقبل دعوتها، حتى يكون لها في ذلك أجر وثواب، لكني وبلباقة اعتذرت لها وأخبرتها أن زوجي متواجد في مكان غير بعيد وسيأتي ليأخذني للفندق الذي أوهمتها أننا نقيم فيه، تركتني تلك السيدة التي تأثرت كثيرا بطريقة حديثها إليّ، ولم تمض بضع دقائق حتى عادت إلي مجددا محملة بجلابية سوداء وخمار وسروال أسود، وقالت أنها صدقة على روح عزيز عليها افتقدته في رمضان السنة الماضية.
وأنا أفكر في تصرف تلك السيدة، وكيف انطلت عليها حيلتي، بدأت تنزل عليّ الدعوات إلى البيوت لتناول الإفطار، من أشخاص لا أعرفهم ولا يعرفونني أصلا، بل كل ما أثر فيهم هو وجود امرأة سورية في الشارع بلا مأوى وبلا عائلة وبلا وطن، تقضي طيلة يومها في عرض المناديل الورقية لجمع بعض المال حتى تعيل نفسها.
مراهقون يطاردون المتسولات ويكسرون يومهم الرمضاني
لم تخل تجربتنا من مشاهد المغامرة، من طرف بعض المراهقين والأطفال، الذين يدفعهم فضولهم لممارسة هوايتهم في معاكسة النساء حينا وتمضية الوقت في حكايات أخرى، دون مراعاة حرمة الشهر الفضيل أو ربما بسبب سنهم، فمن هؤلاء من تقرب منّي مدعيا مساعدته لي، ليتفوه ببعض كلمات الغزل، ومنهم من راح يسأل من الظالم والمظلوم في سوريا، هل هو بشار الأسد أم الثائرون عليه، وسألني شاب عن العلويين وعقيدتهم.
لكن إصراري على إتمام المهمة، جعلني ألتزم الصمت في كل مرّة وعدم الرد على هؤلاء حتى انصرافهم، على الرغم من إحساسي بالخوف الذي ملأ قلبي في العديد من المواقف التي كدت أتراجع فيها عن أداء هذا الدور الذي كشفت من خلاله عن العديد من الخبايا والأسرار، خاصة ما تعلق منها بتقمص بعض الجزائريات لدور اللاجئات السوريات، باستعمال بعض الطرق والحيّل، لاصطياد المواطنين واستعطافهم للحصول على صدقاتهم، كما أنني اكتشفت أن أغلب العائلات السورية المقيمة في الجزائر تجود عليها أيادي الجزائريين والجزائريين بكثير المساعدات، وأن أغلب الجزائريين وخاصة منهم النسوة ينظرون إلى اللاجئين السوريين وكأنهم جزء منهم ومن المجتمع الجزائري، عدا بعض الحالات الشاذة لبعض الأطفال والمراهقين الذين لا تنجو من طيشهم وتصرفاتهم أية امرأة شابة كانت جزائرية أو سورية أو مالية حتى ولو كانت متسولة، وهو ما جعلني اتخذ لي مكانا أقرب إلى رجال الشرطة الذين كانوا منتشرين في مختلف أرجاء ساحة الثورة تحسبا لأي اعتداء قد أتعرض له.
…وفي النهاية جمعت 3600 د.ج وألبسة مختلفة
عندما بدأت الشمس تميل نحو المغيب قررنا العودة من حيث أتينا وتوجهنا إلى أحد مقاهي الانترنيت الذي تديره سيدة بوسط المدينة، وأخبرتها عن مهنتي ومهمتي وطلبت منها أن تسمح لي بتغيير ملابسي التي اتخذتها وسيلة لتمثيل الدور، في حين كان زميلي الذي رافقني في المهمة، يعدّ النقود التي جمعتها في تلك الجولة، فتفاجأنا بأنه وعلى الرغم من أننا لم نبذل أي مجهود عضلي ولم نتجول في كامل عنابة ولم نسلتهم اليوم كله، إلاّ أن أيادي أهالي مدينة عنابة كانت سخيّة، وتمكنت في ظرف ساعات قليلة على الرغم من عدم امتلاكي لأدنى خبرة في التمثيل وتقمص الأدوار أو التسوّل، من جمع مبلغ محترم يتجاوز راتب عمال الشبكة الاجتماعية، ومقدر بنحو 3600 د.ج، كان أغلبه من الفكّة والقطع النقدية الحديدية.
وفي غمرة سعادتي بنجاحي في المهمة، عدت أدراجي إلى قلب المدينة وفي طريقي قمت بتحويل تلك القطع النقدية إلى أوراق نقدية لدى أحد تجار سوق الحطّاب، وبحثنا عن لاجئة سورية حقيقية كانت منزوية قبالة مكتب التجنيد برفقة زوجها وأطفالها الثلاثة، وعندما تأكدنا من هويتها سلمتها الملابس التي تحصلت عليها، وكذا ما تبقى لدي من المناديل التي اقتنيتها خصيصا للقيام بمهمتي، ومعها المبلغ كاملا علّه يساعدها حتى في شراء الحليب والحفاظات لطفلها الرضيع، فكانت دهشتها كبيرة وبدت الدموع في عينيها على بعد لحظات من تكبيرة آذان المغرب وموعد الإفطار.
Articles récents
- تقيم المكتسبات taqiim education dz 2024
- التسجيل والدخول لمنصة تقييم المكتسبات taqiim.education.dz 2024
- حجز تقييم مكتسبات مرحلة التعليم الابتدائي على منصة taqiim education dz 2024
- الدخول الى منصة تقييم المكتسبات2024 taqiim.education.dz
- تسجيلات السنة الاولى في التعليم الابتدائي للدخول المدرسي 2025/2024
Trending
- تقيم المكتسبات taqiim education dz 2024
- التسجيل والدخول لمنصة تقييم المكتسبات taqiim.education.dz 2024
- حجز تقييم مكتسبات مرحلة التعليم الابتدائي على منصة taqiim education dz 2024
- الدخول الى منصة تقييم المكتسبات2024 taqiim.education.dz
- تسجيلات السنة الاولى في التعليم الابتدائي للدخول المدرسي 2025/2024
- الدخول الى فضاء الاساتذة 2024 ostad education gov dz
- Résultats du BEM 2024 ONEC DZ/ Algérie نتائج شهادة التعليم المتوسط 2024 http://bem.onec.dz
- bac 2024 algérie