عندما شاركت تونس في كأس العالم الأرجنتين 1978 FIFA، كان الجزائري صالح عصاد يبلغ حينها العشرين من عمره، وشاهد زملاء طارق ذياب من المنتخب التونسي وهم يفوزون على المكسيك بثلاثية. من تلك المشاركة، استلهم عصاد ورفاقه فكرة تأهيل المنتخب الجزائري لأول مرة إلى كأس العالم أسبانيا 1982 FIFA. ومن مجرد فكرة وطموح، أصبحت حقيقة عندما فاز الخضر على نيجيريا في ملعب قسنطينة ليتأهلوا إلى كأس العالم FIFA لأول مرة في تاريخهم.
وقد كشف عصاد في حوار مع موقع FIFA.com عن حلمه الذي أصبح حقيقة حيث قال “في تلك الفترة كنت شاباً وشاهدنا تونس تلعب في كأس العالم 1978، وحينها قطعنا وعداً على أنفسنا أن نؤهل الجزائر إلى كأس العالم لأول مرة في التاريخ.”
وأضاف”بعدما أسفرت القرعة عن وقوعنا مع ألمانيا أبطال أوروبا وتشيلي أحد أكبر منتخبات أمريكا اللاتينية والنمسا التي كانت قوية حينها، انتظرنا بشغف لحظة الوصول إلى أسبانيا لمواجهة الكبار وخصوصاً لاعبي منتخب ألمانيا الذين كنا نشاهدهم على شاشة التلفاز ونقرأ عنهم في أكبر الجرائد العالمية. من دون نسيان أن كأس العالم تجمع أحسن وأكبر اللاعبين، من المهم جداً لكل لاعب أن يشارك في هذه البطولة التي أعتبر مشاركتي فيها أمراً رائعاً.”
تمكّن منتخب الجزائر من تحقيق بداية قوية في أسبانيا 1982 وحقق الفوز على حامل لقب أوروبا والمرشح الأول لنيل اللقب العالمي منتخب ألمانيا الغربية. وقال عصاد عن هذا اللقاء ” قبل مواجهة ألمانيا استعدينا جيداً بمواجهة أيرلندا الشمالية وريال مدريد وفرق كبيرة ودياً، لهذا دخلنا اللقاء من دون نقص..”
وأضاف “ما ساهم في تفوقنا أننا كنا منتخباً مجهولاً بالنسبة للألمان، وهذا ما دفعنا لإخراج كل ما لدينا وتقديم مباراة تاريخية فزنا بها في النهاية بنتيجة 2-1.”
أبهر منتخب الجزائر العالم بفوزه المفاجئ على ألمانيا وبأداء بطولي، وحصل لاعبوه على الإشادة من نجوم كرة القدم، ويقول عصاد حول هذه النقطة “ما عشناه في تلك الفترة كان رائعاً، وأتذكر أنني تلقيت الإشادة من لاعبين كبار على غرار الأسطورة البرازيلية بيليه والقيصر الألماني بيكنباور. فكنت أشاهدهما يلعبان فوق الميدان حتى وجدت نفسي أبهرهما بمهاراتي.”
وكان عصاد قد كتب اسمه في سجلات كأس العالم FIFA بتسجيله هدفين في مرمى تشيلي وقد استذكر هذه المباراة قائلاً “بعد الهزيمة أمام النمسا، طلبت من المدرب اللعب في وسط الهجوم وليس كجناح ووعدته بالتسجيل أمام تشيلي، لأنني لم أتلقى كرات كثيرة كجناح في المباراة التي قبلها. قرر المدرب حينها وضع لخضر بلومي على دكة البدلاء وإشراكي مكانه، فسجلت هدفين ولامست كرتي القائم وكنت قريباً من تسجيل هدف ثالث لأفي بعهدي الذي قطعته للمدرب ليلة اللقاء.”
حالياً المنتخب الجزائري رائع وحمل مشعل منتخب الثمانينات بكل إتقان. بوجود لاعبين موهوبين مثل محرز وسليماني، بلغوا الدور الثاني في البرازيل 2014، حان الوقت ليصلوا إلى ربع النهائي في روسيا 2018.
من بين نجوم منتخب الثمانينات الذي كان يتفاهم معه عصاد فوق الميدان كان رابح ماجر، الذي سطع نجمه هو الآخر في سماء أسبانيا بتسجيل هدف جميل في مرمى ألمانيا، الذي قال عنه عصاد ” قوة أي فريق لكرة القدم على الأجنحة، وكان منتخب الجزائر محظوظاً بامتلاك ماجر كجناح أيمن وعصاد كجناح أيسر. كل الأندية كانت تحلم بامتلاك هذا الثنائي في فريقها، لأن ماجر كان يملك مستوى فنياً رائعاً وسريعاً وكنا نمتاز تقريباً بنفس المواصفات، فرغم لعبنا على الأجنحة، كنا نساهم في وسط الميدان ونقترب أكثر من الهجوم ونسجل الأهداف واستفاد المنتخب الجزائري كثيراً منا في تلك الفترة وكنا القوة الضاربة لهجوم الجزائر.”
ولكن لسوء حظ المنتخب الجزائري، خرج من الدور الأول بفارق النقاط بسبب هزيمته في الجولة الثانية بنتيجة 2-0 أمام النمسا، ولم يشفع له فوزه على تشيلي بنتيجة 3-2 لكي يمر إلى الدور الثاني.
وتحدث عصاد عن ذلك الخروج المرير قائلاً “خسرنا المباراة الثانية مع النمسا رغم أنها كانت أقل مستوى من ألمانيا وتشيلي، والسبب إشراك الطاقم الفني لنفس تشكيلة اللقاء الأول. لخضر بلومي لم يكن في أحسن مستوياته البدنية في تلك الدورة وكان يجب أن يرتاح أمام النمسا، لهذا وجد وسط الميدان صعوبة في إيصال الكرة للمهاجمين، كما لعب الخصم بطريقتنا من خلال الإعتماد على الدفاع والهجمات المعاكسة، وخسارتنا لتك المباراة تسببت في خروجنا من الدور الأول.”
خبرة مكتسبة وجيل جديد
بعد الخروج من الدور الأول في أسبانيا 1982، تأهل المنتخب الجزائري لثاني مرة على التوالي إلى كأس العالم FIFA بمشاركته في المكسيك 1986، مع نضج أكبر للاعبي المدرب الشاب رابح سعدان، وكان الجميع ينتظر قفزة نوعية في النتائج لكن المنتخب خيّب الآمال.
وعن هذه الدورة، قال عصاد “كان هناك فرق بين كأس العالم 1982 و1986، لأن أسبانيا 1982 كانت المشاركة الأولى لنا كلاعبين ولم نكن نملك الخبرة في مثل هذه المناسبات الكبيرة. في المقابل، في المكسيك 1986 لم يكن لدينا أي عذر وكان المنتخب قادراً على الذهاب بعيداً.”
ولكن الأمور كانت مختلفة على أرض الواقع حيث تعادل المنتخب الجزائري في المباراة الأولى أمام أيرلندا بنتيجة 1-1 قبل أن يخسر أمام البرازيل بهدف يتيم ثم ينهار بدنياً أمام أسبانيا وتتلقى شباك الحارس نصر الدين دريد ثلاثية كاملة.
وقال عصاد عن التجربة “لسوء الحظ لم نستفد من أخطائنا التي ارتكبناها قبل 4 سنوات في أسبانيا، فحصلت مشكلة ليلة لقاء أيرلندا الشمالية ما أثّر على معنويات اللاعبين لتنتهي المواجهة بالتعادل أمام فريق لو واجهناه ألف مرة لفزنا عليه بسهولة كبيرة.”
وأضاف “أمام البرازيل قدّمنا مباراة كبيرة رغم الهزيمة قبل أن نخسر أمام إسبانيا ونخرج من الدور الأول، ولو فزنا على أيرلندا لتأهلنا إلى الدور الثاني لأن المجموعة التي وقعنا فيها كانت أسهل من مجموعة 1982.”
بعد المشاركة المخيّبة في المكسيك، لم تتأهل الجزائر إلى كأس العالم FIFA حتى عام 2010 مع جيل جديد يقوده مجيد بوقرة وعنتر يحيى وكريم زياني، ليغادر الثنائي الأخير ويقود بوقرة مرة أخرى جيلاً جديداً بقيادة رياض محرز وإسلام سليماني إلى كأس العالم البرازيل 2014 FIFA، ليبلغ منتخب الجزائر الدور الثاني لأول مرة في تاريخه.
وختم عصاد اللقاء بالحديث عن الجيل الحالي قائلاً “حالياً المنتخب الجزائري رائع وحمل مشعل منتخب الثمانينات بكل إتقان. بوجود لاعبين موهوبين مثل محرز وسليماني، بلغوا الدور الثاني في البرازيل 2014، حان الوقت ليصلوا إلى ربع النهائي في روسيا 2018.
التعليقات 0