صادق مجلس الأمة على مخطط عمل الحكومة في إجراء شكلي، لأن أويحيى شرع في تنفيذه بعرض وزير المالية لمشروع تعديل قانون النقد والقرض على اللجنة المالية للمجلس الشعبي الوطني.

الأمين العام للأفالان، كان قد وجه دعوة غير مباشرة لأويحيى حتى يستغني عن إعادة تقديم مخطط عمل الحكومة ويكتفي بتعديلات بسيطة على مخطط تبون ما دام الأخير كان سيطبق برنامج رئيس الجمهورية ومادامت التشكيلة الحكومية لم تتغير.
شكليا تعتبر حكومة أويحيى جديدة ويتعين عليها عرض مخطط عملها على البرلمان. ومن الناحية السياسية من العيب أن يصادق البرلمان على مخطط حكومة قبل إختتام دورة تشريعية ثم يوضع جانبا ويعرض عليه مخططا جديدا عند إفتتاح الدورة التشريعية الموالية. كان على أويحيى إذن أن يعمل بنصيحة جمال ولد عباس ويحترم المجهود الذي بذله النواب في جوان الماضي في خطاباته المختلفة منذ الأحد الماضي.
لكن قضية طباعة النقود التي ظهرت مع مجيئ أويحيى، بعدما إكتفى تبون بالحديث عن “تمويل غير تقليدي” دون شرح محتواه، أنست النواب أن يسألوا أويحيى عن مصير المخطط الذي صادقوا عليه قبل فصل الصيف. ومن جهة أخرى لا يمكن لأويحيى أن يضيع فرصة أسبوع من الحملة الانتخابية المسبقة للمحليات القريبة أولا ثم للرئاسيات القادمة.
ومن هنا يمكن الوقوف على نقاط حاول أويحيى تسجيلها لصالحه وأخرى سجلت عليه طيلة الأسبوعين الذين قضاهما بين الغرفتين البرلمانيتين. من بين هذه النقاط أنه حاول محو صورة رجل المهام القذرة وقدم نفسه هذه المرة في صورة الرجل المنقذ. فقد قدم صورة سوداء عن الوضع الاقتصادي والمالي للبلاد ثم قدم قرار طباعة النقود على أنه الحل السحري لتجاوز هذه الأزمة. وأكثر من ذلك قدم أويحيى هذا الحل السحري على أن يزعج فرنسا وأمريكا وصندوق النقد الدولي…
كأن أويحيى يريد إقناعنا مجددا أن فشل الجزائر في تحقيق وثبة إقتصادية بعد 20 سنة من البحبوحة المالية، يصنف في خانة الانجازات التي حققتها الجزائر منذ الاستقلال. ويكون أويحيى محق في رؤيته هذه عندما ننطلق من مسلمة أن السلطة الحالية مكتوب لها الاستمرار لعقود طويلة وبالتالي كل الذين يرغبون في رحيلها ما عليهم إلا إنتظار كارثة إقتصادية حتى ترحل. ومن هذا الباب لن يجد وزيرنا الأول جزائري واحد بمن فيهم المعارضين الذين يصفهم ب”المتطرفين” يتمنون إنهيار الجزائر حتى تنهار سلطة أويحيى والرئيس بوتفليقة ومن يدور في فلكهما.
وهناك هدف ثاني يمكن أن نلمسه في خطاب أويحيى، يتمثل في إنتقاد حصيلة الحكومة في السنوات التي غاب عنها هو عن الوزارة الأولى، أي طيلة عهد عبد المالك سلال وكأن الرجل بصدد الثأر للطريقة التي أبعد بها سنة 2012. وآنذاك قال أويحيى قبل رحيله “المال بدأ يحكم”، بمعنى أن رجال المال هم من فرضوا عليه الرحيل وهؤلاء الرجال إضطروا للعوة إلى أويحيى بعدما أفرغت الخزينة العمومية.
الوزير الأول والأمين العام للأرندي، ظهر في خطاباته الأربعة بين المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، أنه تخلص من ثوبه الاداري نهائيا ويريد ممارسة السياسة. ما جعله دخل في جدال مباشر مع النواب دون حرج، بينما في السابق لم يكن أويحيى يرد على تعاليق النواب أثناء مخاطبتهم أبدا.
والظاهر أيضا من خلال خطاباته الأربع أمام البرلمان بغرفتيه، أن أويحيى يتفاعل مع شبكات التواصل الاجتماعي وحاول في كل خطاب أن يصحح ما قاله في خطاب سابق وأثار تعاليق ساخرة. منها مثلا أن الضريبة على السفر ليست موجودة في قانون المالية لهذه السنة ولا السنة القادمة، كما تجاوب مع مطلب الضريبة على الثروة…
tsa