شهدت أسعار الأورو والدولار ارتفاعا حادا بالسوق السوداء للعملة الصعبة « السكوار »، حيث تجاوز، الأحد، سعر صرف الأورو 191 دينار، في حين بلغ سعر الدولار 178 دينار، ويتعلق الأمر بعمليات الشراء، أما البيع، فبلغ الأورو 189 دينار والدولار 176 دينار.
ويربط مراقبون اقتصاديون بين هذا الارتفاع وعمليات التضييق التي تخضع لها التجارة الخارجية، سواء بالنسبة إلى الواردات المرتبطة بتوزيع الرخص وتسقيف الحصص من طرف وزارة التجارة، أم الصادرات من خلال النصوص التنظيمية الجديدة، القاضية بتقليص حجم العملة الصعبة الذي بإمكان المصدر الاحتفاظ به، وكذا ارتفاع التضخم واقتراب الانتخابات التشريعية التي لم يعد يفصلنا عنها أكثر من 20 يوما.
ويؤكد الخبير الاقتصادي فارس مسدور في تصريح لـ »الشروق » أن سبب ارتفاع سعر الأورو والدولار، الأحد، بسوق « السكوار » بالعاصمة، وبقية النقاط السوداء لبيع العملة الصعبة بالولايات، مرده إلى الشح الكبير في العملة الصعبة، الناتج عن سحب كميات ضخمة منها من السوق السوداء خلال الأسابيع الأخيرة، ويأتي ذلك انعكاسا، حسبه للتضييق الذي تخضع له عملية الاستيراد في ظل سياسة الحكومة الرامية إلى ترشيد النفقات وتقليص العجز في الميزان التجاري، حيث لن يتسنى بناء على ذلك للمستوردين سحب كميات هائلة من « الدوفيز » من البنوك النظامية، وهو ما جعل المئات منهم يتهاطلون على « السكوار ».
ويجزم مسدور بأن سوق « السكوار »، أو كما يطلق عليها مراقبون اقتصاديون بورصة السكوار، تحكمه « كلمة » يطلقها البائع ويتلقاها المشتري، ولا يخضع لأي قوانين أو قواعد اقتصادية، كما يتحكم في السوق منطق العرض والطلب، في حين شدد على أن لجوء عدد كبير من رجال الأعمال إلى التخلص من مخزونهم من الأموال بالعملة الوطنية نتيجة انهيار قيمتها وتآكلها، أسهم في ارتفاع الأورو والدولار على حساب الدينار الجزائري، إضافة إلى ارتفاع نسبة التضخم، التي بلغت حسب الأرقام الأخيرة لبنك الجزائر 7 بالمائة.
وشدد مسدور على أن عددا كبيرا من رجال الأعمال يفرون إلى التخلص من مدخراتهم بالدينار واستبدالها بالأورو والدولار، وهي الملاذات الأكثر أمنا في مثل هذه الظروف، في حين تحدث عن اقتراب موعد عمرة رمضان وشعبان، وإقبال عدد كبير من المسجلين على اقتناء ما لا يقل عن 1000 أورو أو دولار لكل معتمر، وهو ما تسبب في إلهاب الأسعار.
وبالمقابل، توقع المتحدث استقرارها نسبيا بعد هذه الفترة وطالب الحكومة بضرورة التعجيل في فتح مكاتب صرف ومحاصرة سوق « السكوار » التي اعتبرها جريمة في حق الاقتصاد الوطني والعملة الدينار، مشددا على أن ذلك يبقى الحل الوحيد للتخلص من مأزق انهيار قيمة النقود الجزائرية.