قال صندوق النقد الدولي إن الآفاق الاقتصادية للجزائر متدهورة على كافة الخطوط، منذ عام 2014. وأكد أن تراجع أسعار النفط قد جعل من إعادة تصور للنمو في الجزائر أمرا مستعجلا. كما دعا السلطات الجزائرية إلى النظر بجدية إلى الاستدانة الخارجية كحل لمواجهة العجز المالي. واعتبر أن إطلاق القرض السندي غير كاف، وحث الحكومة على تمكين الخواص من دخول رأسمال المؤسسات العمومية. وانتقد سياسة رخص الاستيراد التي ستتسبب في تشوهات ولا يمكن أن تكون بديلا للإصلاحات الرامية إلى تعزيز الصادرات.
وجاء في خلاصة لصندوق النقد الدولي توجت انتهاء المشاورات لسنة 2016 بخصوص الجزائر، أنه وإلى حد الآن، الصدمة النفطية الناتجة عن تراجع أسعار البترول كان لها تأثير محدود على النمو الاقتصادي الجزائري، لكن الموازين المالية الخارجية تدهورت بشكل خطير ومعتبر.
وأشارت الهيئة النقدية الدولية إلى أن الجزائر فقدت 35 مليار دولار من احتياطاتها من الصرف بالعملة الصعبة أين تراجعت من 192 مليار دولار إلى 143 مليار دولار وبلغت نسبة التضخم 4.8 بالمائة.
ورسم الـ « أف.أم.إي » صورة سوداوية قاتمة عن مستقبل الاقتصاد الجزائر. وذكر في هذا الصدد: بعد المشاورات، توصلنا إلى أن الاقتصاد الجزائري يواجه صدمة خارجية شديدة، يرجح استمرارها إلى فترة طويلة، ما يستوجب على السلطات الجزائرية اتخاذ إجراءات صارمة مبنية على تطهير المالية العامة ومباشرة إصلاحات هيكلية.
وانتقد الصندوق استمرار الاقتصاد الموجه الذي تسيطر عليه الدولة، مشيرا إلى أن تراجع أسعار النفط كشف عن هشاشات هي أصلا كانت موجودة منذ فترة طويلة في اقتصاد موجه من طرف الدولة، يعتمد بصفة مفرطة على المحروقات، لكن ذات الهيئة أبقت على هامش أمل في مواجهة الصدمة بفعل التراكمات المالية السابقة، شريطة القيام بتصحيح تدريجي وإعداد نموذج جديد للنمو الاقتصادي، يكون مدعوما بتصحيح على مستوى السياسة النقدية والمالية. كما حث على مواصلة مراجعتها سياسة الدعم لكن بالحفاظ على الطبقات الفقيرة، والاستفادة أكثر من عائدات المحروقات.
وعرجت نتائج صندوق النقد الدولي على قضية المديونية، حيث تضمنت دعوة صريحة للسلطات الجزائرية إلى التوجه نحو الاقتراض الخارجي. وذكر في هذا الصدد أنه سيكون على الجزائر اللجوء إلى الاستدانة من أجل مواجهة العجز المالي المستقبلي، خصوصا في ظل استمرار التراجع السريع للمدخرات العامة والموارد المالية، مضيفا أنه إلى جانب إصدار سندات الدين المحلية يجب على السلطات الجزائرية أن تنظر في إمكانية اللجوء إلى الاستدانة « الاقتراض » الخارجية.
وسار الـ « أف.أم.إي » في نفس النهج الذي أتى به قانون المالية لسنة 2016 في مادته رقم 66 التي أثارت الكثير من الجدل، حيث دعا الحكومة إلى فتح المجال أكثر أمام مشاركة القطاع الخاص في رؤوس أموال بعض المؤسسات العمومية بشكل شفاف، وضبط المهارات التي يفرزها النظام التعليمي مع متطلبات القطاع الخاص.
ووجهت هيئة كريستين لاغارد، انتقادات إلى سياسية رخص الاستيراد التي اعتمدتها الحكومة، حيث قال في هذا الصدد إن هذه التراخيص يمكن أن تشكل انفراجا مؤقتا للجزائر، لكنها يمكن أن تتسبب في تشوهات ولا يمكن أن تكون بديلا للإصلاحات الرامية إلى تعزيز الصادرات.
وبخصوص سعر صرف الدينار، دعا ذات الهيئة النقدية الجزائرية إلى تخفيض أكثر لقيمة الدينار، معتبرا أن زيادة مرونة سعر الصرف سوف تساهم في زيادة التكيف مع أثر الصدمة الناتجة عن تراجع سعر النفط. واعتبر أن سعر الصرف الفعلي الحقيقي أعلى بكثير من قيمته الفعلية. وذكر أيضا أن ضبط أوضاع المالية العامة وإجراء الإصلاحات الهيكلية إلى جانب زيادة مرونة سعر الصرف سوف تساعد على جعل سعر الصرف الفعلي الحقيقي متوافقا مع قيمته التوازنية ويساهم في إعادة توازن الاقتصاد.echrouk