شيعت بمقبرة بوخمر الواقعة بحي المسروقة بجسر بوبربارة عبد الحفيظ، بعوينة الفول، ببلدية قسنطينة، ظهر الأحد، جنازة الرضيعة الضحية لينا مايا مشاية في جو مهيب حضره الأهل والأصدقاء والجيران، الذين ودعوها بحسرة وألم كبيرين.
ولم تصدق عائلة الضحية ما جرى الأحد، حيث لاتزال أجواء الحزن تخيم على حي المسروقة بأكمله، ولاتزال والدة الضحية الرضيعة لينا مايا، السيدة نبيلة كركوش البالغة من العمر 24 سنة، المتحصلة على شهادة ليسانس في التسيير ودون عمل، تحت وقع الصدمة ووالدها مشاية عمار، البالغ من العمر 32 سنة، الذي أصيب على مستوى رأسه بجروح وخدوش على مستوى جسمه، فمصاب العائلة كان جللا بحق وحقيقة، فالوالدة غادرت المستشفى الجامعي ابن باديس بعد تحويلها من طرف أعوان الحماية المدنية جراء إصابتها بخدوش في جسمها، فقد أبكت الحجر وكل من جاء ليعزيها في فلذة كبده التي لم تشبع منها على حد قولها.
لتصرح لـ »الشروق » التي تنقلت إلى مكان الحادث المروع الأحد، قائلة: « رزقت بلينا مايا التي أدخلت البهجة إلى قلب الأسرة، وكانت تجعل من كوخنا جنة بصراخها وابتسامتها الحلوة، لكن ضاع كل شيء في لمح البصر، كنا نائمين وعلى حين غفلة حوالي الساعة الثالثة والنصف استيقظت على وقع دوي كبير، وكان زوجي يظن أن شاحنته هي التي هوت على الكوخ، لأفتح عيناي لأجد الدخان يغمر الكوخ الذي سقط علينا سقفه، وأسمع أنين شخص، واستنجدت بزوجي لينقذ ابنتنا التي كانت نائمة على سريرها، لكن القدر كان أسرع، لأنه وجدها قد فارقت الحياة بعد سقوط الشاحنة عليها »، مضيفة بصوت حزين « في لمح البصر أصبحنا في العراء، ابنتي سرقها مني الوضع الاجتماعي الذي نعيشه منذ سنوات، لقرابة قتلولي بنتي، مانزيدش نشوفها، ما شبعتش منها »، لتضيف خالة الضحية القادمة من ولاية ميلة، « إن أختي منذ اليوم ستفترش الأرض، اليوم راهم عند الجيران وغدوة واين يباتو »، كانت أختي تقصد بيت أبي بسطيف في فصل الشتاء، لكن منذ أن رزقت بلينا قررت أن تصبر على كل شيء لأجلها.
للعلم، فالوالدة طوال الوقت كانت تقبل ابن أختها كريم وتحضنه بقوة والدموع منهمرة من عينيها.
أمنية العائلة المنكوبة وكل من يسكن الحي وعددهم سبع عائلات لا غير، أن تنفرج كربتهم في الحصول على سكن يحفظ لهم كرامتهم، حيث أكد لنا جارهم السيد بخوش حسين من مواليد سنة 1945، وهو من أقدم سكان الحي إلى جانب جد الضحية لينا مايا السيد مشاية محمد البالغ من العمر 70 سنة، أن أبناءهم المتزوجين وأبناء الحي الآخرين لم يتسن لهم الحصول على سكن منذ سنة 2012، وهم يعيشون في وضعية مزرية جدا، لتزيد محنتهم في فصل الشتاء البارد، وأيضا فصل الصيف حين تخرج الثعابين التي يتعدى طولها في غالب الأحيان الـ05 م، ضف إلى ذلك أنهم لا يستطيعون إيجار منازل بحكم الغلاء الفاحش، وتدني رواتبهم الشهرية، وقد حمد الله الجميع كون شقيق والد الضحية السيد عمار القاطن بجنب أخيه أحمد مشاية كان غائبا هو وزوجته وبنتيه ليلتها، وإلا لكانوا جميعا في عداد الموتى، ليطالبوا السلطات المعنية بالإسراع في إسكان الضحية، وأخذ بعين الاعتبار وضعية كل السكان.
وما حز في نفس الجميع أن جنازة لينا، خرجت من بيت الجيران، لأن بيت والدها أصبح لا وجود له، ولم يفوت الوالدان الفرصة ليتقدما بالشكر الجزيل إلى كل من قدم لهما يد المساعدة، وواساهما في مصابهم الجلل.
وقد استقبل رئيس بلدية قسنطينة ريرة محمد والد الضحية وعمها، وقدم لهما مبلغا ماليا من باب المساعدة، ثم تنقل ضحايا الحادث المأساوي إلى مقر دائرة قسنطينة لمقابلة رئيسها السيد كافي بشير.