فجر ممثلو المجتمع المدني وحقوقيون بولاية تبسة فضيحة من العيار الثقيل تتعلق بنهب الأوعية العقارية ومنح أراض شاسعة بالتراضي لإنجاز مشاريع وهمية تحت غطاء الاستثمار وقانون رخص البناء وتسوية البناءات اللاشرعية، تورط فيها مسؤولون، برلمانيون ورجال أعمال ومستثمرون معروفون.
وحسب الوثيقة التي تحوز عليها « الشروق »، فإن ممثلي المجتمع المدني طالبوا السلطات المعنية فتح تحقيق واسع حول نهب الأوعية العقارية ومنحها الغير قانوني لأراضي شاسعة لمشاريع أغلبها وهمية، تحت غطاء الاستثمار وقانون رخص البناء وتسوية البناءات اللاشرعية.
وقد تورط في استغلال القانون حسب ما كشفت عنه الوثيقة الموجهة للوزير الأول ووزراء العدل والسكن والداخلية والمالية، رجال الأعمال ومستثمرين على المستوى المحلي، من خلال تحصلهم على أوعية عقارية عبر بلديات الولاية، وأغلبها ببلديات تبسة، بئر العاتر، الونزة، الشريعة، الكويف .. وأن أغلب الأوعية العقارية استنزفت بعاصمة الولاية، وبمواقع جد استراتيجية وحساسة كان من الممكن استغلالها حسب ماورد في الوثيقة في بناء مرافق عمومية وخدماتية لصالح المواطن، إلا أن تواطؤ بعض الإدارات كأملاك الدولة والوكالة الولائية للتنظيم والتسيير العقاري والصناعة ومسح الأراضي ومديرية التعمير والبناء بالولاية وعدم تطبيق القوانين المعمول بها من جهة هذه الأخيرة.
وتكشف الوثيقة عن منح الأوعية العقارية بعد موافقة اللجنة المشكلة من عدة إدارات محلية ومن خلال ذلك يتم منح رخصة بناء للمستثمر، ولا يتم متابعتها على أرض الواقع كما نصت القوانين والمراسيم التنفيذية على أن رخصة البناء تحدد بأجل 3 سنوات، وإن لم يشرع المعني في البناء تلغي أحكام رخص البناء المسلمة، إلا أن مديرية التعمير لا تتقيد بهذه القوانين خاصة من ناحية مخططات شغل الأراضي والمخططات التوجيهية العمرانية.
وزيادة على ذلك تضيف الوثيقة فإنه عند تسليم قرارات الاستفادة أو الامتياز للمستثمر المعني لا يتم حرمانهم من الاستفادة في حالة عدم الشروع في الانجاز بعد انتهاء المدة المحددة، وأغلبهم يستغل هذه الأوعية العقارية لتشييد بنايات فوضوية غير مطابقة لرخصة البناء المسلمة وعادة ما يتم تسييج هذه المساحات وتركها خالية أو تشييد فيها منازل فاخرة.
وحسب الوثيقة ذاتها فإن هذه الظاهرة اكتسحت الولاية وأثرت على الجانب المعيشي للمواطن، لاسيما حرمانه من السكن في ظل ما تعانيه الولاية من النقص الفادح في الأوعية العقارية مقارنة بعدد السكنات المنجزة، والتي لم يتم توزيعها إلى اليوم، والتي لا تلبي متطلبات المواطن « التبسي » الذي يعاني أغلبه من أزمة سكن، ويقطنون ببيوت قصديرية، كحي الجزيرة، في حين يتحصل المستثمرين على آلاف الهكتارات ولعدة مرات بأسماء أبنائهم وعائلاتهم، ولا يستغلونها في المشاريع الاستثمارية التي تعود بالمنفعة، بحيث تحول جزءا منها لبناء فنادق ومنازل دون مراعاة احتياجات السكان من مسابح ومرافق ترفيهية.
و أشارت، نفس الوثيقة إلى تورط مستثمرين في الاعتداء على الأوعية العقارية بتواطؤ مع موظفين في إدارات عمومية، حيث تحصل المدعو « ق. س »، باستغلال النفوذ يشغل منصب هام بغرفة التجارة والصناعة بالنمامشة، على أكثر من ثمانية أوعية عقارية بوسط مدينة تبسة باسمه وبأسماء أبنائه، وإلى اليوم لم يتم استغلال أغلب هذه الاستفادات.
كما استفاد المدعو « م.أ » حسب الوثيقة من قطعة أرض لبناء مركز تجاري بحي « تيفاست » وبعدة طوابق، إلا أن هذا الأخير لم يراع فيها احتساب معامل شغل الأراضي حسب الموقع الذي لا يسمح بتجاوز أربعة طوابق، وهو نفس الامتياز تحصل عليه العديد من رجال الأعمال وبرلمانيين وأعضاء بالمجلس الولائي والمجالس البلدية، الذين استفادوا من أزيد من 600 مشروع وأغلبها ساهمت في تبييض الأموال خاصة ببلديات بئر العاتر وأخرى حدودية.
ودعا، ممثلي المجتمع المدني بالولاية السلطات المعنية، بالتدخل الفوري لردع مثل هذه الممارسات، وانتزاع هذه الأوعية العقارية بقوة القانون، خاصة في ظل استغلال أطراف لقانون تسوية البناءات الفوضوية الصادر في 2010، لتزوير شهادات تثبت أن البنايات شيدت قبل صدوره، حيث تم تسجيل الاستيلاء على مساحات شاسعة لبناء مآرب كبيرة واستغلالها في تهريب المحروقات ومختلف السلع المحلية إلى تونس.