لم توقف تأثيرات انتشار فيروس كورونا في الصين وخارجها من دول العالم عن دفع أسعار المحروقات نحو التراجع إلى حدود السعر المرجعي المقرر في قانون المالية بـ50 دولارا، بل امتدت إلى التأثير على أسعار الصرف في السوق الموازية التي تراجعت في معاملاتها بيعا وشراء خلال الأيام القليلة الماضية.
ومن هذه المنطلقات تراجعت أسعار صرف الدينار الجزائري إلى حدود 195 دينار مقابل العملة الأوروبية الموحدة الأورو بعدما بلغ مستويات عالية في الفترة السابقة، استقرت خلالها هذه السوق عند معدل 205 دينار، وكانت وراء انتعاش هذا النوع من النشاطات « التجارية » وكثرة الطلب على العملة الصعبة.
وعلى هذا الأساس، أرجع الخبير الاقتصادي والمالي فريد بن يحيى التراجع الطفيف لأسعار صرف الدينار الجزائري في السوق الموازية خلال الأيام القليلة الماضية إلى تضافر العديد من العوامل، من منطلق أنّ هذا النوع من التجارة والمبادلات المالية يخضع لجملة من المعايير التي تحكم تفاصيلها وتحدد مستويات أسعارها نزولا وصعودا.
وأشار المتحدث بالمقام الأول، في تصريح لـ « الخبر »، إلى تراجع الطلب على العملة الصعبة في السوق السوداء خلال الفترة الأخيرة، بالنظر إلى جملة العوامل التي فرضت ذلك، وهو الأمر الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى تراجع السعر المتعامل به في لدى « تجار » العملة في السوق الموازية، سيما أنّ التسعيرات المطبقة عادة ما تحتكم إلى قانون العرض والطلب، وبالتالي ارتفاع الأسعار كلما زاد الطلب والعكس.
وذكر الخبير المالي في سياق التحليل التداعيات المترتبة عن انتشار وباء كورونا، حيث قال إنّ العديد من الرحلات توقفت تبعا لذلك، بما فيها تلك المتجه نحو الصين، بينما كانت هذه الوجهة البلد المفضل بالنسبة للتجار والمتعاملين الاقتصاديين لجلب مختلف المنتجات، وهؤلاء يلجؤون في غالب الأحيان للسوق الموازية ومختلف الساحات التي تبيع العملة الصعبة، على غرار ساحة « السكوار » ببور سعيد، لتأمين احتياجاتهم من « الدوفيز ».
وفي الإطار ذاته، اعتبر توقف رحالات العمرة على خلفية الإجراءات المتخذة من قبل المملكة العربية السعودية، جراء التداعيات الصحية ومخاوف من انتشار الوباء، مساهما في تراجع الطلب على العملة الصعبة، وركود معاملات الصرف في السوق الموازية، وهو أمر يدفع أسعار الصرف نحو التراجع الطفيف المسجل في الفترة الأخيرة.
وأكد فريد بن يحيى أنّ تسجيل السوق الموازية لهذه المستويات يرجع بالإضافة إلى ذلك إلى حالة الركود الاقتصادي، وعدم وجود انطلاقة اقتصادية حقيقية، حيث يشتكي العديد من التجار والمتعاملين الكساد الاقتصادي، سيما في مجال شراء المواد الأولية، تضاف إلى كل هذه الأسباب ضعف القدرة الشرائية للمواطن الجزائري منذ العديد من السنوات، وهي الظروف التي قال المتحدث إنّها لا تسمح للطبقة المتوسطة بالسفر نحو الخارج سواء للسياحة أو العلاج وغيره، وكلها تحتاج إلى العملة الصعبة غير المتواجدة من الناحية الواقعية إلا في السوق السوداء، بينما تبقى المنحة السياحية الممنوحة للمواطن الأضعف على الصعيد المغاربي فضلا عن الدول العربية، كونها لا تتجاوز 110 أورو، بينما يبلغ معدلها في الدول المجاورة 2000 أورو.
وعلى الرغم من ذلك، اعتبر الخبير المالي والاقتصادي أنّ أسعار الصرف للدينار الجزائري في السوق الموازية لا تزال مرتفعة، مشيرا إلى الفارق الكبير بين سعر الصرف الرسمي الذي يتراوح ما بين 140 إلى 145 دينار مقابل كل واحد أورو، وبين السعر المتداول في السوق الموازية المقدر بـ197 إلى 200 دينار.
وعلى هذا الأساس، توقّع بن يحيى عدم استمرار سيناريو التراجع لأسعار الصرف في السوق الموازي، كونه ظرفيا يرتبط بالأحوال الصحية بالمقام الأول وتوقف الرحلات الجوية، وبالتالي فمن المقرر أن يعود إلى نفس المستويات المسجلة في الظروف العادية، بينما شدد على ضرورة اتخاذ إصلاحات هيكلية للنظام البنكي والعمل على تحرير سعر صرف البنك وإنشاء مكاتب الصرف، واتخاذ التدابير التي من شأنها امتصاص الكتلة النقدية الكبيرة المتواجدة في السوق السوداء وضخها في المعاملات الرسمية.
elkhabar