كشفت حادثة إقالة وزير السياحة والصناعة التقليدية السابق، مسعود بن عقون، وما خلفته من اجتهادات وتساؤلات، عن الحاجة الملحة لمنظومة قانونية قادرة على التعاطي بشفافية مع حالات من هذا القبيل.
ومعلوم أن الوزير بن عقون لم يعمر في منصبه سوى ثلاثة أيام فقط، حسب المرسومين الصادرين في العدد الأخير من الجريدة الرسمية، فمرسوم التعيين كان في 25 ماي 2017، وقد جاء مرسوم آخر ينهي أحكام المرسوم الأول، بعد ثلاثة أيام بعد ذلك، أي في 28 من الشهر ذاته.

وقد وضّح المرسوم الثاني الموقّع من قبل الرئيس بوتفليقة، مصير الوزير المقال، وكان واضحا من خلال مضمونه، حرمان بن عقون من كل ما قد يؤدي إلى تمتعه بامتيازات « الوزير السابق »، بتأكيد المرسوم الثاني نسخ أحكام المرسوم الأول، ومع ذلك يرى متابعون أن قانون الوظيف العمومي في شقه المتعلق بالإطارات السامية للدولة، لا يقدم ما يشرح بجلاء كيفية التعاطي مع حالة الوزير المعني.
فالمشرّع الجزائري وإن أفرد فصلا كاملا في القانون الأساسي للوظيفة العمومية، هو الفصل الثالث، تحت عنوان: « المناصب العليا والوظائف العليا للدولة »، إلا أن مواده التسع، لم تشر أيا منها للتعاطي مع حالة بن عقون بوضوح.
ويعرّف القانون في مادته العاشرة المناصب العليا بأنها « مناصب نوعية للتأطير ذات طابع هيكلي أو وظيـفـي. وتسمح بضمان التكفل بتأطير النشاطات الإدارية والتقنية فـي المؤسـسـات والإدارات العمومية ».
أما ما تعلق بشروط التعيين في المناصب العليا والحقوق المترتبة عن ذلك من رواتب وامتيازات ما بعد إنهاء المهام، فتبقى من الأسرار، لأن المشرع أحالها على التنظيم، ويقصد من وراء ذلك، ترك الاجتهاد للجهة الوصية مباشرة.
فمن بين المواد التسع المتعلقة بالإطارات العليا للدولة، ثلاث منها أحيلت للتنظيم، وهي المادة 12 التي تتحدث عن شروط التعيين، والمادة 14 التي تتحدث عن الرواتب والنقاط الإستدلالية، والمادة 17 التي تتحدث عن قائمة الوظائف العليا للدولة وشروط التعيين فيها والحقوق والواجبات المرتبطة بها وكذا نظام الرواتب المطبق على أصحابها.
وفي هذا الصدد، يؤكد وزير سابق لـ »الشروق » أن الوزير يبقى وزيرا ولو كلف ليوم واحد، غير أنه استثنى حالة بن عقون كون المرسوم الثاني ألغى أحكام مرسوم تعيينه.
أما نائب سبق له وأن ناقش هذه المسألة مع مسؤولين في الدولة، فتحدث لـ »الشروق » عن « مراسيم شخصية غير منشورة تحدد واجبات وحقوق الإطار السامي »، كما لاحظ أن الوزير المقال لا يمكن أن يستفيد من حقوق الوزير السابق، إلا بعد أن يقضي ستة أشهر على الأقل في منصبه.
أما عضو سابق بمجلس الأمة فيعطي للمسألة بعدا آخر، ويرى أن معالجة مسائل من هذا القبيل عادة ما تحكمها « ترتيبات وإجراءات مرتبطة بالجانب السياسي »، على حد ما ذكره، هذا السيناتور، الذي نفى أن تكون حالة الوزير بن عقون الأولى من نوعها، بل كانت مصر مسرحا لها في عهد الملك فاروق، الذي أصدر مرسوما عين بموجبه مجلس الأمة على الساعة التسعة صباحا، قبل أن يلغيه على الساعة الرابعة مساء من اليوم ذاته.