فوجئ زوار نقاط بيع المواشي التي استحدثتها الحكومة، الخميس، بالأثمان الباهظة لأضاح « هزيلة »، ما كرّس حالة من الاستياء والخيبة لدى الكثيرين ممن أجمعوا على أنّ « الجبل تمخّض فولد صرصورا
في جولة قادت مندوب « الشروق أون لاين » عبر عدد من مراكز وزارة الفلاحة بضواحي العاصمة: « عين البنيان »، « زرالدة » و »بئر توتة »، هيمن الذهول على محيا القادمين من هنا وهناك، فخلافا لحديث وزير الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري « عبد السلام شلغوم »، الاثنين، عن خفض أسعار الأضاحي إلى مستويات معقولة عبر نقاط البيع المذكورة، إلاّ أنّ الواقع الميداني كان غير ذلك تماما، إذ ارتضى الباعة تحديد أسعار المواشي بين 52 و80 ألف دينار !!!
وفي وقت تحدث الوزير قبل 72 ساعة عن أسعار في متناول البسطاء وكشف عن بورصة دنيا تتراوح بين 20 و35 ألف دينار عبر 456 نقطة بيع للمواشي بالولايات بينها 14 نقطة بالعاصمة، لم نعثر على مدار الساعات التي أمضيناها في محيط المراكز الثلاثة عن أي أثر لتلك الأسعار، والمثير أنّ المواشي التي طرحت بين 52 و58 ألف دينار كانت « عجفاء » للغاية، ولم تكن تلك الكباش التي عُرضت بثمانين ألف دينار، أفضل حالا، علما أنّها وُضعت في مكان خاص كُتب على لافتة « خارج كل الفئات » (..).
وفي تصريحات لـ « الشروق أون لاين »، عبّر « السعيد »، « أمين »، « محمد » و »فاطمة الزهراء » عن صدمتهم، وخاطبنا أحدهم: « الهالة التي صنعتها الحكومة، جعلتنا نمنّي النفس بالعثور على مرادنا، إلاّ أنّ لا شيء من ذلك تحقّق، في وقت عقّب « العمّ جعفر »: « شتان بين وعود المكاتب المكيّفة وحقيقة الأسواق الساخنة ».
ولم نجد هناك من تفسير لهذه الأسعار « المحترّة »، رغم أنّ وزارة « شلغوم » تحدثت عن توفير مادة الشعير واستبعاد الوسطاء، في وقت لاحظنا تواجد مجموعة من الأشخاص الذين كان بحوزتهم « وصولات » تسمح لهم باقتناء الأضاحي التي تناسبهم (..).
يحدث هذا في وقت أكدت الفدرالية الوطنية لمربي المواشي على « توفر إنتاج كاف من المواشي »، كما شدّد الوزير على أنّ الشهرين السابقين شهدا وضع إطار تنظيمي للعملية بالتنسيق مع الفدرالية الوطنية لمربي المواشي والاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين ووزارة التجارة، أين تم توفير كل الإمكانيات الضرورية ولاسيما الفضاءات المناسبة للبيع والتغطية البيطرية للأضاحي الموجهة للبيع.
الخواص تميّزوا، لكن ..
على مستوى محور عين البنيان – الشراقة – أولاد فايت، عرض الخواص أعدادا معتبرة من المواشي، واللافت أنّ أسعارا معقولة برزت لأضاح تبهج العيون بين 37 و46 ألف دينار، بينما ركب آخرون قطار المضاربة عبر طرحهم للمواشي بين 60 و70 ألف دينار.
الموّال « أحمد » الذي التقيناه بنقطة بيع « عشوائية » حمّل مسؤولية الارتفاعات الحاصلة إلى فئة « الوسطاء »، وجزم أنّ هؤلاء واصلوا هذا العام تلاعبهم بالأسعار مثلما يحلو لهم في غياب أي حسيب أو رقيب على حد تعبيره.
من جهته، رمى التاجر حسان بالكرة في مرمى الموّالين، إذ رأى أنّهم اقترحوا مواشيهم بأسعار عالية رغم توافر الأعلاف والظروف المناخية الجيدة في مناطق بسكرة، حاسي بحبح، عين وسارة، الجلفة وقصر البخاري التي تتميزّ بماشيتها الجيدة.
ويقف أرباب الأسر – لا سيما من ذوي الرواتب الزهيدة – في حيرة كبيرة إزاء وضع كهذا، حيث يتساءل « الجيلالي »: »كيف لنا أن ننسجم مع هذه الأسعار »، وتشاطره الأرملة زهرة التي تعول أسرة من ستة أفراد: »قيمة الكباش مبالغ فيها كثيرا، الناس هنا صاروا يتحينون الفرص لاستنزاف الكادحين »، وتضيف بعد تنهيدة طويلة: »أين هي الحكومة وفرق الرقابة التي يتحدثون عنها؟ ».
واستغرب « زهير » كيف لأسعار الماشية أن تلتهب كل هذا الحدّ، في بلد يتوافر على 27 مليون رأس ماشية وهي ثروة هائلة من المواشي تفوق حاجات المواطنين من الأضاحي، في وقت ذكر « رفيق » أنّه بات عاجزا تماما عن اقتناء أضحية، ويمنّي نفسه بهبوط الأسعار في الساعات الأخيرة قبيل يوم النحر، ليبهج أولاده بكبش صار بعيد المنال، مثلما قال.
ويعرف كل عام نحر 4 ملايين رأس غنم ونحو 4500 عجل في عيد الأضحى، علما أنّ الحظيرة الوطنية تستوعب ما يربو عن 27 مليون رأس من المواشي بينها 23 مليون رأس غنم.