ضرب رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم خير الدين زطشي سمعته ومصداقية الهيئة التي يرأسها في الصميم، من خلال القرارات العشوائية والارتجالية التي اتخذها وكذا الخيارات الخاطئة التي تبناها قبل أن يتراجع عنها، مجسدا بذلك شخصية المسيّر الهاوي عن « جدارة واستحقاق »، والأدهى والأمر أن زطشي حطّم كل الأرقام في ارتكابه للأخطاء التقديرية في ظرف قياسي لم يتعد الـ6 أشهر منذ جلوسه على عرش قلعة دالي براهيم.
حوّل خير الدين زطشي « الفاف » التي كانت إلى وقت قريب « أكبر اتحادية كروية في إفريقيا » إلى حقل تجارب عاث فيه فسادا رفقة « حاشيته »، مرتكبا « حزمة » من الأخطاء التقديرية، فضلا عن اتخاذه الكثير من القرارات قبل أن يتراجع عنها بمرور الوقت مدركا في « الوقت » القاتل » الأخطاء التي ارتكبها، وأول القرارات التي اتخذها زطشي كان التعاقد مع فضيل تيكانوين للإشراف على المديرية الفنية الوطنية مفضلا إياه على الكثير من الكفاءات على غرار المدير الفني الأسبق رابح سعدان.
ورغم الانتقادات اللاذعة التي صاحبت تعيين تيكانوين في هذا المنصب إلا أن زطشي لم يعبأ بذلك وتمادى في دفاعه عن خياره، قبل أن يقوم بإجباره على الاستقالة من منصبه الأسبوع الماضي، عقب تعدد أخطائه وفضائحه، وبغض النظر عن فشل تيكانوين في القيام بمهامه على أكمل وجه على مستوى المديرية الفنية الوطنية التي تعد عماد الكرة الجزائرية، فإنه قد تفنن في التورط في الفضائح حيث كان قد قام بمحاولة تسجيل حديث المدير الفني السابق توفيق قريشي بهاتفه النقال خلال جلسة جمعت بينهما في شهر ماي الماضي، قبل أن يتهم قبل أيام، مساعده والدولي السابق عبد القادر حر بسرقة وثائق خاص بالمديرية والفاف.
وأجبر رئيس الفاف زطشي، تيكانوين على تقديم استقالته حفظا لـ »ماء الوجه »، خلافا للرواية الرسمية للفاف التي أكدت أن المعني بالأمر استقال من منصبه. ثاني القرارات التي اتخذها زطشي والتي سيقوم لاحقا بالتراجع عنها، هي التعاقد مع المدرب لوكاس ألكاراز من دون استشارة مساعديه، ورغم فشله في وضع لمسته على « الخضر »، و كذا إقصاء المنتخب المحلي من التأهل إلى بطولة أمم إفريقيا بكينيا العام المقبل، والخروج المهين للمنتخب الأول من تصفيات مونديال روسيا 2018، إلا أن زطشي بقي متشبثا بمدربه، قبل أن يتعرض لضغط رهيب من طرف وزير الشباب والرياضة الهادي ولد علي قصد التخلي عن المدرب الإسباني وهو الأمر الذي سيتجسد في شهر نوفمبر المقبل على أكثر تقدير، حيث سبق للشروق وأن كشفت أن رئيس الفاف شرع فعلا في البحث عن مدرب جديد للتشكيلة الوطنية خلفا للمدرب الأندلسي.
ثالث القرارات التي اتخذها زطشي هي تكليف عضو المكتب الفدرالي مسعود كوسة برئاسة اللجنة الفدرالية للتحكيم، قبل أن يعفيه من ذات المنصب عبر بيان رسمي في مطلع شهر جويلية الماضي بسبب إدلاء كوسة بتصريحات انتقد فيها طريقة عمل مسؤولي الاتحادية بخصوص ملف لجنة التحكيم، وشهد اجتماع المكتب الفدرالي السابق يوم 23 أوت الماضي إعلان رئيس الفاف على مسامع الحاضرين عودة كوسة إلى منصبه « بشروط »، لكن كل ذلك بقي « كلاما » فقط ولم يتجسد على أرض الواقع، حيث يستأثر زطشي والحكم الدولي السابق مختار أمالو بتسيير لجنة التحكيم وتعيين حكام المباريات.
وقام زطشي عند استلامه مقاليد رئاسة الفاف في مارس الماضي بتعيين مديرة مالية جديدة، قبل أن يدفعها للاستقالة، وقام أيضا بتعيين عمر جفافلة كمدير جديد للمركز التقني لسيدي موسى، قبل أن يدخل الطرفان في خلاف حاد حول طريقة تسيير المركز « التحفة » الذي تحول إلى « مرتع » للغرباء والدخلااء وللمباريات الاستعراضية، وانتهى الخلاف بإنهاء مهام مدير المركز. وقبلها ارتكب زطشي خطأ فادحا حين استنجد بالفرنسي فرانسوا بلاكار المتورط في فضيحة « الكوطات » العنصرية، حيث دعاه لزيارة الجزائر في زيارة رسمية، قبل أن يصطدم برفض وزير الشباب والرياضة الاستعانة به بسبب « ماضيه العنصري »، حيث تم منعه من زيارة المدرسة الوطنية لتكنولوجيات الرياضة بالعاصمة، وتم إجبار زطشي على عدم التعاقد معه.
كل هذه القرارات التي تم التراجع عنها والخيارات الخاطئة، قام بها زطشي في ظرف 6 أشهر فقط، وساهمت كثيرا في نزول مستوى الفاف إلى الحضيض، وأكدت بما لا يدع أي مجال للشك العقلية « الهاوية » التي يسير بها الرئيس الشاب الاتحادية، التي تحولت بين عشية وضحاها إلى حقل تجارب، قد تقضي عاجلا على ما تبقى من سمعة الاتحادية وهيبتها.