شدّد « عبد المالك سلال » الوزير الأول، ليلة الأربعاء، على أنّ حكومته في راحة تامة تغنيها عن أي استدانة، وجزم أنّ « سنة 2017 لن تشهد أي مشاكل » بتحقيق نتائج نوعية في آفاق 2019، مبرزا أنّها المرة الأولى التي يملك فيها جهازا تنفيذيا « تصورا ماليا واضحا » (..).
في حوار خاص بثّه التليفزيون الجزائري، ركّز « سلال » (68 عاما) على انتهاج السلطات تدابير جديدة للحفاظ على الاقتصاد الوطني، وقال: « غيّرنا النمط دون التراجع عن مكتسبات الاقتصاد ومبادئ تطوير الاقتصاد الجزائري »، وأردف: « نحن جمهورية ديمقراطية اجتماعية، وهذا استمرار في الوفاء لروح بيان الفاتح نوفمبر ».
114 مليار دولار احتياطي الصرف
دافع « سلال » عن نهج حكومته بالقول إنّ احتياطي الصرف في 2016 بلغ 114 مليار دولار، بينما قدّر التحويلات الاجتماعية بـ 23.1 بالمائة في ميزانية 2016، وستكون بحدود 23.7 بالمائة في ميزانية 2017، وهو ما يعني 10.8 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، واصفا ذلك بـ « الرقم القياسي، مقارنة بما يحدث في تونس (5 بالمائة) والمغرب (4 بالمائة) ».
وأوعز « سلال »: « عرفنا مشاكل في 2016، لكننا لم نسر تماما في سياسة التقشف، واعتمدنا نظرة دينامية مغايرة لخلق الثروة، كما حرصنا على كسر تبعيتنا للنفط، لذا حضّرنا ميزانية 2017 على أساس استشرافي لآفاق 2019، والبترول يساعدنا في النمو، لكن لا ينبغي له أن يكون مصدر الثروة ».
وأردف الوزير الأول: « ميزانية 2017 تضمنت تدابير جديدة لإعطاء فرص لتطوير المؤسسات الاقتصادية، وتقليص الاستيراد، وتقوية الاقتصاد الوطني، وعليه نسجنا على منوال أنموذج ماليزيا الذي رأيناه ناجحا ».
ورأى « سلال »: « كل المؤشرات الاقتصادية والمالية، وجميع الأرقام واضحة وتبيّن أننا متحكمين في زمام الأمور، ونسبة التضخم (4 بالمائة) تبيّن عدم وجود غلاء كبير في المعيشة ».
ارتفاع الإنتاج النفطي بـ 9.9%
أعلن « سلال » عن ارتفاع إنتاج البترول في الجزائر بـ 9.9 بالمائة هذا العام (27.5 مليار دولار في 2016) والسنة القادمة سترتفع إلى 35 مليارا و45 مليارا في 2019، وسيكون أكثر »، وأضاف: « نسبة النمو بلغت 3.5 بالمائة، والعام القادم ستكون 3.9 بالمائة، وذاك موصول بالتحسن المسجّل في الزراعة السنة الحالية ارتفع الإنتاج برقم قياسي (9.9 بالمائة) ».
وأوضح « سلال »: « صريح لأنّ الأمر يتعلق بمصير بلد، وأؤكد لكم إنّ الناتج الداخلي الخام يتحسن سنة بعد أخرى، كما أنّ المديونية الخارجية لا تتجاوز 3 مليارات دولار (1.8 بالمائة بالنسبة للناتج الداخلي الخام)، ونحن في راحة تامة، وهذا ما أقرّه البنك العالمي وصندوق النقد الدولي ».
وذكر « سلال »: « لأول مرة الحكومة تملك منظورا استشرافيا واضحا (..)، وننطلق من المؤشر الأكثر تشاؤما، وبالعودة إلى الناتج الداخلي الخام بلغ 17494 مليار دينار في 2016، وهو مرشّح لأن يصبح 19390 مليار دينار في 2017، وسيكون 21 ألف مليار في 2018، و22740 في 2019، هذا ما يؤكد زيادة الإنتاج والإنتاجية ».
انتقدونا لكن لا تشتمونا
أشاد « سلال » بمشاريع الاستثمار في الجزائر، وقال إنّ قطاع الحديد والصلب يشهد نقلة نوعية، والاستثمار في مصنع بطيوة سيكون الأكبر في إفريقيا، تماما مثل الحراك الحاصل في غار جبيلات وبلارة، واستطرد: « ميزانية 2017 اتخذت تدابير لتطوير المؤسسات الجزائرية، ولولا القرض السندي (520 مليار) ما كنا لنغطي نفقات 2016 ».
ولفت الوزير الأول: « في 2014 تلقينا صدمة مالية قوية بعد تراجع أسعار البترول، لكن أؤكد أنّه منذ جويلية 2014 إلى يومنا هذا، الأوضاع المعيشية لم تتقهقر، رغم التراجع الكبير للجباية البترولية، فمتوسط البرميل في 2016 لم يتجاوز 43.4 بالمائة ».
وعلّق « سلال » مخاطبا المعارضين: « انتقدونا لأنّه لا يمكن نفي وجود مشكلات، لكن لا تشتمونا ».
لسنا حكومة تقشف وسنواصل الدعم
تعقيبا على ما انتاب ملف التقاعد المسبق، قال « سلال »: « التقاعد أفرز ضجيجا كبيرا تجاوزناه بتشاور أفضى إلى نتيجة مرضية، ونحن نحتاج إلى تضامن من (الكناص) لتغطية عجز صندوق التقاعد وتغطية المعاشات ».
وبجانب تجديده تطمين الجزائريين ودعوته لتجنيد كل الطاقات الحية، نفى « سلال » أي احتباس: « جرى تسليم 300 ألف وحدة سكنية في 2016، والبرنامج متواصل، شأنه في ذلك مشروعات قطاعية أخرى ».
وردا عن سؤال بشأن التهاب سعر « الموز »، شدّد « سلال »: « ارتفاع أسعار الموز راجعة إلى المضاربين، وهي صورة مرفوضة، خصوصا وأننا في غاية الحرص لتوفير الأساسيات للشعب بأسعار معقولة، ونحن لسنا حكومة تقشف، والأسعار لم ترتفع ومشكلتنا في الغش الذي يطبع بعض المنتجات، فمثلا هناك من يتلاعبون في الحليب وهذا غير مقبول ».
وانتهى « سلال »: « الدولة ستواصل دعم المواد واسعة الاستهلاك دون المساس بالرسم على القيمة المضافة، ولا تراجع عن الدعم في منظومتي الصحة والتقاعد ».
الدولة مع المساكين والضعفاء
أفاد « سلال » إنّه جرى إقرار 2300 مليار دينار كميزانية للتجهيزات، وبرّر ذلك بـ « حتمية مواصلة المشاريع الموجودة قيد الإنجاز »، وأشار أيضا إلى أنّ « الحكومة استخدمت رخصة الاستيراد للتحكم في كل المواد المستوردة، والدعم سيكون بمنح تسهيلات خصوصا للفئة الاجتماعية الوسطى هي التي ينبغي أن تستفيد أكثر، وأورد: « الدولة مع الضعفاء والمساكين وأصحاب المداخيل المحدودة ».
وأبدى الوزير الأول استهجانا لما سماها « محاولة البعض تضخيم البطالة »، وجزم: « البطالة في حدود 9.9 بالمائة بعدما كانت 12 بالمائة السنة الماضية ».
الثلاثية في مارس والقروض قفزت إلى 9100 مليار
كشف « سلال » عن عقد اجتماع جديد للثلاثية في مارس 2017 لمناقشة الوضع الاقتصادي، ونوّه بأنّ « المقاولة الجزائرية تتموقع في صلب تطوير الاقتصاد »، مشيرا إلى أنّ القروض الموجّهة لقطاع الإنتاج ارتفعت إلى 25 بالمائة هذه السنة وستصل إلى نسبة مماثلة في 2017، وسجّل 5 آلاف مليار في 2015، و9100 مليار على شاكلة قروض في 2016.
وحرص « سلال » على إبراز إعطاء الحكومة الأولوية لمكافحة الرشوة ومحاربة البيروقراطية، وشرح: « هدفنا تعميم العمل الرقمي لاستخراج الوثائق، كما نعمل على تغيير النمط الاقتصادي دون الذهاب إلى الاقتصاد الليبرالي، مثلما أنّ الدولة تبحث عن استرجاع السيولة خارج البنوك لاستغلالها في الاقتصاد الوطني ».