ما زالت العاصمة مدينةٌ تُغطي على الكثير من الخبايا الإجتماعية والتي بدأت تُشكل إنتشاراً واسعا ، وإن بدت غير ظاهرة ، لكنها ومع مرور الوقت ، فهي تنخرُ في منظومته ، لتكسر الكثير من القيّم بطابوهاتٍ ماكانت لتتصدر المشهد ، لولا تواطُؤ جميع الأطراف به .
فقد تحولت الكثير من العمارات المُتواجدة بالعاصمة خصوصا في شارع ديدوش مراد إلى أوكار مشبُوهة ، وبيُوت تُخفي بين جُدرانها مُمارسات غير محدُودة للدعارة والعُهر الأخلاقي الإجتماعي ، مع تحوّلها إلى ملاذٍ للأنشطة الممنوعة المُرّوجة بوسط شبابٍ لم يتجاوز بعد عقدهُ الثاني .
فتيانٌ في مُقتبل العُمر وشابات ، يتقاسمون بشكل يومي لقاءات مُنتظمة وأخرى تأتي بأوقات مُتفرقة أمام العمارات ، يجلسون بمُحاذاة مداخلها ، يتبادلون فيها أحاديثا تفوق سنهم ، وأخرى تكشف لك عن مُستوى الإنحدار الذي أضحت عليه هذه الأجيال بدون رادع لها أو رقيبٍ .
تلك البيوت ، يقوم أصحابها بتأجيرها بشكل عادي جدا وقانوني ، لا ينبئ للمالك عن أي شُبهة قد تحصل فيما بعد ، يتم تأثيثها في صمت ، ومن ثمة تسخيرها للعُملاء الذين يتصرفون بمُهمة جلب من يشاؤون إليها ، أوجه عديدة تتداولُ على تلك الشقق ، فتيات برفقة شبان ، هناك من تكشفهم هيئتهم الخارجية من طريقة اللّباس وتسريحات الشعر الجدُ مُبتذلة ، وهُناك من لا تشك حتى عند رؤيتهم ، هؤلاء ممن يختارُون التخفي بمظهر العفة والتحجج بتواجدهم هناك بذريعة زيارة أحد الأقارب .
الغريب في الأمر والمُثير للتساؤُل حقاً ، أن هذه القضية لم تعُد شائعة بشارع ديدوش مراد الذي يُمثل قلب العاصمة فحسب ، بل يعرفها العام والخاص وبأرقام عماراته وحتى شققه دُون أن تُحرك هذه المُعطيات ساكنا لدى الجيران الذين يُصادفون بشكل يومي وجوها مختلفة وعديدة لغُرباء في حالة تسلل بالدخول أو بالخروج ، إلى أن تحول الأمر إلى أكثر من طبيعي ، إذ لم يعُد فعل التسلل أمرا يدعُو للحيطة من هؤلاء ّ، طالما لم تُوجه لهم تهمة واضحة وصريحة عن طريق طلب تحقيق ضمني للجهات المسؤولة ، ما يكفل لهم حق تجنب ماقد ينتج عن هذه الأوكار .
هذه الظاهرة الخطيرة ، التي شكلت تصعيدا بشكل يدعو لدق نواقيس الخطر بشأنها ، لا تهدد فقط السكان المُحاذين لها والجيران فحسب ، بل هي بالأساس تشكل خطرا على منظومة إجتماعية بأكملها ، عندما يتحول تلاميذ المدارس الثانوية والجامعات إلى أداة يتحكمُ بها سماسرة الدعارة ، فهذا هو الخطر الحقيقي .