يبدُو أن تخوفات وزارة التربية الوطنية من تسجيل غيابات بالجملة خلال دورة البكالوريا الاستثنائية، كانت في محلها، فبعض الأقسام بمراكز الإجراء سجّلت حضور مترشحيْن فقط من أصل 23 مسجلا، والغريب أن بعض المتغيبين مترشحون نظاميون وليسوا أحرارا، وهو ما فسره المختصون بالتداعيات النفسية لعملية إقصائهم من دورة بكالوريا جوان، والظاهرة تهدد بفشل الدورة الاستثنائية في حال استمرت الغيابات إلى بقية أيام الامتحان.
شهد أول أيام امتحانات دورة البكالوريا الاسثنائية الخميس، غيابات بالجملة عبر 299 مركز إجراء عبر الوطن، إلى درجة فاق عدد الغائبين عدد الحضور وبكثير، وهو ما سيؤثر سلبا على سير الدورة الاستثنائية. فزيادة على الخسائر المادية لطبع الأوراق وتسديد أجور الحراس والمصححين، وجد كثير من الأساتذة الحراس أنفسهم في راحة بعدما خلت أقسامهم من المترشحين.
« الشروق » تجولت عبر بعض مراكز الإجراء في العاصمة، فتشابهت الأجواء. قبل انطلاق موعد الامتحان المقرر في 9 صباحا، وصل غالبية المترشحين في حدود السابعة صباحا وتسمّروا أمام أبواب المراكز، تخوفا من عملية إقصائهم مجددا، وغالبيتهم يرافقهم أولياؤهم، الذين انتظروهم خارجا، فيما انزوى شرطيان أمام كل مركز تأمينا للمكان.
قلة الحركة أمام مراكز الإجراء، تكشف قلة الإقبال على اجتياز » الباك » للمرة الثانية خاصة من المترشحين الأحرار، فغالبية الوجوه التي رأيناها كانت لتلاميذ صغار في السن. « الشروق » اقتربت من بعض المترشحين بعد خروجهم من أول امتحان بمركز الإجراء » الإدريسي » بأول ماي، لأخذ انطباعاتهم….
وجدناها تنتظر والدتها أمام باب المركز، وكانت تبدو فرحة ومتفائلة، إنها الطالبة « ماريا زواني » التي تجتاز البكالوريا للمرة الأولى في شعبة العلوم التجريبية، والمترشحة أقصيت من دورة جوان بعد تأخر لـ 10 دقائق، وتؤكد ماريا أن امتحان مادة اللغة العربية « كان في المتناول »، وشاطرتها الرأي زميلتها معصي إكرام ياسمين.
وكشفت المترشحتان اللتان اجتازتا الامتحان في قسم واحد، أن 14 مترشحا غاب في قسمهما فيما حضر 6 فقط، وتؤكد ماريّا أن بعض المتغيبين نظاميون وليسو أحرارا. مترشحة أخرى من شعبة الرياضيات، أظهرت لنا فرحتها بتنظيم دورة استثنائية، بعدما قطعت الأمل، وتأسفت لإقصائها بسبب غياب 5 دقائق فقط في الدورة الأولى.
أما الطالبة « أسماء سي أحمد » من شعبة لغات أجنبية، وصفت امتحان الرياضيات ليوم أمس والذي سبق لها اجتيازه في الدورة الأولى، بالمتوسط. والمعنية اجتازت الامتحان في 11 جوان صباحا ثم أقصيت مساء بسبب تأخر لـ3 دقائق فقط، رغم توسلها رئيس المركز. كما أكدت حضور 5 مترشحين في قسمها أمس من أصل 12.
وبعيدا عن المترشحين المقصين بداعي التأخر، تحدثنا مع مترشحين تغيبوا في الدورة الأولى لأسباب مختلفة، فاغتنموا « فرصة ذهبية » ثانية لاجتياز « الباك »، ومنهم « شيماء بوعلي » من شعبة آداب وفلسفة، فالأخيرة تغيبت عن دورة جوان بداعي « التعب » حسب تعبيرها، فهي سهرت في المراجعة والحفظ ليلا وفي رمضان، فلم تستطع النهوض صباحا. ولم تتخيل المعنية أبدا وجود دورة استثنائية. وهو ما جعلها تستقل الحافلة من بلدية بني مسوس في حدود السادسة صباحا أمس، لتصل باكرا إلى المركز.
كما أبدى كثير من الأولياء الذين وجدناهم جالسين على الأرصفة ينتظرون خروج أبنائهم المترشحين، ارتياحهم لتنظيم دورة استثنائية، فأحد الأولياء من بوزريعة، أكد أن ابنته الطالبة في شعبة تسيير واقتصاد، أقصيت مساء من الدورة الأولى بسبب تأخر لدقيقة واحدة فقط، ورفضت رئيسة المركز الحديث معهم، وهو ما شكل له خيبة أمل كبيرة. فيما أكدت ابنته التي اجتازت الامتحان مع 12 مترشحا من أصل 28، أن امتحان العربية كان « سهلا ».
مترشحون حضروا ساعتين قبل الامتحان لتفادي الكابوس بوهران!
يجتاز امتحانات البكالوريا بوهران في دورتها الثانية، أزيد من 3 آلاف مترشح أغلبهم من فئة الأحرار، فيما يقدر عدد الممتحنين من المتمرسين 389 فقط، حيث لم يسعفهم الحظ في اجتياز كامل الامتحانات خلال الدورة الأولى بسبب التأخر عن الالتحاق بمراكز الامتحان وأغلبهم برروا ذلك ببعد المسافة وتذبذب حركة النقل، إضافة إلى مشقة الصيام وقلة النوم. وقد خصصت مديرية التربية بوهران ثمانية مراكز إجراء لمترشح الدورة الثانية وكافة الإمكانيات البشرية والمادية الضرورية لإنجاحها فيما تم تسجيل حضور مبكّر لأغلبية المترشحين حسب ما رصدته الشروق، من ذلك مترشحون قدموا بنحو ساعتين قبل موعد الدخول وإجراء الامتحان معتبرين أن فرصة الدورة الثانية لا تعوض خصوصا لدى الأولياء الذين بدوا أكثر حرصا على الانضباط بأوقات الامتحان بعدما صار أمل نجاح أبنائهم بشهادة العمر ممكنا.