خلت الفنادق والمركبات السياحية والمنتزهات من « الحركية الكبيرة » التي كانت تطبع السنوات الماضية، عشية الاحتفالات بالسنة الميلادية الجديدة، إذ بدت عاصمة البلاد ليلة أمس خالية على عروشها، بعد أن ألقى شبح « التقشف » ظلاله عليها.
هي مشاهد وقفت عليها « الشروق »، الأحد، رفقة مصالح الدرك الوطني التي كثفت من إجراءاتها الأمنية ونشرت 3500 دركي من مختلف الرتب، لتأمين احتفالات « الريفيون »، إلا أن عزوف الجزائريين عن الخروج إلى الشارع حول تلك التدابير الأمنية إلى إجراءات احترازية فقط.
حواجز الدرك تصطاد مئات العصاة والهاربين من العدالة
الساعة كانت تشير إلى الرابعة مساء، عندما بدأت جولتنا رفقة الرائد مناد الحاج رئيس قسم الأمن العمومي بالمجموعة الإقليمية لدرك الجزائر، والرائد بيزيو من خلية الاتصال إلى جانب ضباط من خلية الاتصال بدرك العاصمة ومختلف التشكيلات، حيث كانت محطتنا الأولى حاجز الدرك « زميرلي » بالحراش وهو الحاجز المعروف بالصرامة الأمنية في تطبيق قانون المرور وسحب مئات رخص السياقة يوميا مع تحرير العشرات من الغرامات، ومع هذا فإن عناصر سرية أمن الطرقات للحراش شددوا من الإجراءات الأمنية من باب الحيطة فقط، ومع هذا فإن السائقين كانوا يلجؤون إلى حيل « شيطانية » للهروب من القانون على غرار « عندي مريض ولهذا نسيت وثائق السيارة، عندي وفاة ولهذا استعملت سرعة تفوق 120 كلم/ سا » وغيرها من الحيل.
وفي حدود الساعة السادسة والنصف انتقلنا إلى الحاجز الأمني التابع لسرية أمن الطرقات بالرغاية، إذ أكد لنا الرائد مناد الحاج، أنه رغم تذمر المواطنين من الازدحام بهذا السد الثابت، إلى أن مصالح الدرك في هذه النقطة أوقفت المئات من المبحوثين عنهم من طرف العدالة لتورطهم في قضايا فساد ورشوة أو مبحوثين عنهم لأنهم « عصاة » هاربون من الخدمة الوطنية.
بائع خمور يتقمص دور « إمام »..
المفاجأة التي لم نكن ننتظرها خلال الجولة التي قمنا بها رفقة الدرك، هي تمويه من نوع خاص لمجرمين محترفين، حيث نجح عناصر السرية الإقليمية للطرقات لزرالدة في توقيف ملتح يرتدي قميصا ونصف ساق وكان مظهر التدين باديا عليه، إلا أنه خلال التفتيش الدقيق لمركبته تم العثور على كمية معتبرة من الخمور من النوع الرفيع موجهة للتسويق بطريقة غير شرعية، وتبين حسب ما كشف عنه النقيب بلقاسم بن النوي قائد السرية الإقليمية للطرقات بزرالدة، فإن المجرمين لجؤوا إلى التمويه لبيع الخمور.
لا « ريفيون » ولا هم يحزنون هذه السنة
التاسعة تماما.. ثلاث ساعات قبل انقضاء سنة كاملة واستقبال أخرى.. تطويق أمني لمداخل زرالدة، سطاوالي وسيدي فرج بحواجز أمنية ثابتة وأخرى متنقلة فضلا عن نشر عناصر من أعوان الدرك بالزي المدني والرسمي على المنافذ الجانبية للأحياء الراقية والمركبات السياحية والترفيهية المخصصة للاحتفال بليلة رأس السنة الميلادية.. في بداية الأمر كنا نظن أن الوقت باكرا لخروج الجزائريين لاستقبال السنة الجديدة، إلا أن مداهمتنا رفقة رجال الدرك للفنادق والمنتزهات بينت أن هذه السنة « لا ريفيون ولا هم يحزنون »… عقارب الساعة تقترب من الصفر، والعزوف سيد الموقف، فلا سهرات ولا حفلات ولا احتفالات، وكان الهدوء السيد بأكثر من مكان على غرار الكازيف بسيدي فرج الذي تعوّد على استقطاب الآلاف من المحتفلين سنويا، حيث أوصدت أبوابه بحجة عدم تلقي طلبات تنظيم الحفل.
عقارب الساعة تجاوزت منتصف الليل وانقضاء سنة وبداية أخرى تبدأ دوامة المشاكل الحقيقية بخروج السكارى من أوكارهم حيث أوقف عناصر الأمن والتدخل للدرك شخصين بسيدي فرج كانا في حالة سكر متقدمة، حيث تم توقيفهما وتحويلها إلى الفرقة الإقليمية لدرك زرالدة للتحقيق معهما.
ومن جهته كشف الرائد مناد الحاج رئيس قسم الأمن العمومي بالمجموعة الإقليمية لدرك العاصمة عن حصيلة المداهمات الخاصة بليلة رأس السنة، وأكد أنه تم حجز 2364 قاورة خمر، كما تم تفكيك شبكة مختصة في سرقة المركبات تتكون من 7 أشخاص.
الساعة صفر ودقيقة.. زيادات في أسعار الوقود تصدم الجزائريين
وأول ما صدم الجزائريين في حدود الساعة الصفر ودقيقة هو الزيادات الجديدة في أسعار الوقود بما يتراوح بين دينارين و5 دنانير، حيث تفاجأ العشرات بدخول الزيادات حيز التنفيذ بعدما قفز سعر البنزين إلى 35 دينارا للتر الواحد فيما ارتفع سعر المازوت ليصل إلى 20 دينارا.
« الشروق » ترافق الشرطة بالعاصمة عشية السنة الجديدة
الجزائريون يقاطعون « الريفيون »..!
قاطع السواد الأعظم من الجزائريين احتفالات نهاية السنة، في خطوة مفاجئة، حيث كان توديعهم للسنة المنقضية واستقبالهم للسنة الميلادية الجديدة لا حدث، بسبب الخوف من المجهول، نتيجة الأزمة المالية الحادة والزيادات في الأسعار سنة 2017.
..هذا ما وقفت عليه « الشروق » لدى قيامها باستطلاع رفقة أمن ولاية الجزائر، لمختلف الأماكن التي تشهد عادة « تهافتا » من طرف المواطنين، وكذا من اجل ملاحظة مدى تطبيق المخطط الأمني « الاستثنائي » الذي جسده أمن العاصمة، من اجل حماية الأشخاص عشية الريفيون.
هكذا سهر « كوموندوس الشرطة » على تأمين المراكز التجارية والفنادق
..عقارب الساعة كانت تشير إلى الثامنة مساء، حين انطلقنا من مقر المصلحة الولائية للأمن العمومي بباب الزوار رفقة إطارات أمن ولاية الجزائر، من أجل متابعة مدى تطبيق المخطط الأمني.. وجهتنا الأولى كانت الحاجز الأمني المحاذي لقصر المعارض، والذي ضم عشرات أفراد الشرطة القضائية وعناصر فرقة الأمن والتحري « بي أر أي » المدعمة بالوسائل المتطورة للكشف عن المتفجرات والآلات الحادة، وأجهزة الكشف عن المركبات المسروقة والأشخاص المشتبه فيهم، ولفت انتباهنا الرقابة المشددة على المركبات والتفتيش الدقيق لكل المركبات المشتبه فيها باستعمال الكلاب المدربة.
لنتوجه بعدها نحو المركز التجاري « أرديس » الذي يشهد بدوره يوميا حركة كبيرة للمواطنين الذين يقصدونه سواء لاقتناء الحاجيات أو للمكوث فيه رفقة أصدقائهم وأحبابهم.. وقد كانت الحركة هناك جد عادية، رغم تزامن ليلة أول أمس مع الاحتفالات مع حلول السنة الجديدة، فلا وجود لمظاهر الاحتفالات ولا أغان صاخبة ولا تفجير للألعاب النارية، إنما كانت الحركة عادية مثل جميع أيام نهاية الأسبوع، والتي تتميز بتوجه عدد كبير من المواطنين إليه للترفيه عن أنفسهم، في ظل « نقص » الأماكن الخاصة بالعائلات.
وكانت الحركية « باهتة » على غير العادة بمنتزه « الصابلات »، ولعل ذلك يعود إلى برودة الطقس، حيث غابت الأعداد الكبيرة التي تقصده أيام نهاية الأسبوع، خاصة خلال النهار، وهو ما أرجعه البعض إلى تراجع درجات الحرارة، واقتصر الأمر على بعض العائلات التي فضلت تناول وجبة العشاء به، واغتنام فرصة « العطلة المطولة » للترويح عن أنفسها، حيث قالت إحدى السيدات أنها تعكف على التوجه نحو هذا المنتزه رفقة أبنائها كل نهاية أسبوع بغرض إحداث « قطيعة » والقضاء على الملل الذي يطبع يومياتها.
وكان هذا المرفق تحت حراسة أمنية مشددة ودوريات لأفراد الأمن المدعمة بالكلاب المدربة لإحباط أي شجارات أو محاولات اعتداء، وفي هذا الصدد عبرت العائلات عن ارتياحها لتوفر الأمن بالمنطقة.
لا حركة ولا احتفالات.. و »الريفيون » لا حدث عند الجزائريين
وكالعادة خفتت الحركة عبر خطي المترو والتراموي بمجرد أن وصلت عقارب الساعة حدود التاسعة ليلا، فلم نسجل سوى بضعة مواطنين أغلبهم من المراهقين والشباب الذين ارتأوا التجول في أزقة العاصمة، أو قضاء حاجياتهم، فيما شددت الرقابة على جميع مداخل ومخارج هاتين الوسيلتين مع إخضاع كل مشتبه فيه للتفتيش بواسطة كاشف الإفلات الحادة لمنع تسلل أي سلاح ابيض إلى داخلها.
وبدا محيط فندق السوفيتال خاويا على عروشه وغابت عنه الطوابير الطويلة وكذا دخول السيارات الفخمة والكثيرة لقضاء السهرات به، ولم يلفت انتباهنا وجود تلك الأشياء المعتادة والمتعلقة بالاحتفالات..
وفي الوقت الذي كنا ننتظر ازدحام شديدا و »تهافتا » غير مسبوق على النوادي الليلية والمركبات السياحية بوسط زرالدة، لنتفاجأ بحركة عادية جدا ومحاور طرقات خاوية على عروشها، سوى فرق الشرطة القضائية التي كانت مرابضة بعين المكان لتفتيش كل مركبة مشتبه في حيازتها على الممنوعات خاصة المراهقين والشباب، حيث لم يتم سوى حجز قارورتي خمر في مركبة كان على متنها مراهقان، وحسب عناصر الأمن فإن سير المركبات لم يشهد تلك الحدة التي سجلت في السنوات السابقة، اثر عزوف الكثير من المواطنين عن الاحتفال بـ « الريفيون »، ليؤكد المواطنون المتواجدون بساحة البريد المركزي في حدود الساعة الصفر لامبالاتهم بحلول السنة الجديدة، من دون تسجيل أي مظاهر للاحتفال ولا إشعال للألعاب النارية مثل ما كان عليه الأمر في السابق.
رئيس المصلحة الولائية للأمن الولائي محمد فيلالي:
5 آلاف شرطي سهروا على تأمين العاصمة عشية الفاتح جانفي
كشف عميد الشرطة محمد فيلالي، أن الإجراءات الأمنية الاستثنائية التي سخرتها مصالح أمن ولاية الجزائر والمتمثلة في تجنيد 5000 شرطي، المدعمة بالوسائل المتطورة والكلاب المدربة، عشية الاحتفالات بحلول السنة الجديدة، كانت تهدف لحماية الأفراد والممتلكات وكذا تأمين الطرقات من مجازر المرور، والتي غالبا ما تقع بسبب الإفراط في السرعة وكذا تواجد البعض تحت تأثير المخدرات، ناهيك عن التدخل السريع لوقف أي شجار.
هكذا مرت احتفالات « الريفيون » ببجاية
قارورة خمر بخمسة ملايين.. وتبراح بـ »الشكارة »
رغم أن الجميع يشتكي في السنوات الأخيرة من غلاء المعيشة وانهيار القدرة الشرائية، الا أن المتجول ليلة رأس السنة عبر مختلف الملاهي الليلية بولاية بجاية يلمس العكس، هذه الأخيرة التي تحولت الى وجهة العديد من الشباب القادمين من مختلف ولايات الوطن، يتوقف حتما أمام مفارقة تحير العقول، بالنظر إلى الأموال الطائلة التي تصرف بهذه الأماكن التي أضحت تنافس باريس في كيفية الاحتفال برأس السنة الجديدة، فبعد الطوابير اللامنتهية من المركبات التي اصطفت بمختلف محطات الوقود ساعات قليلة قبل دخول الأسعار الجديدة حيز التطبيق وبالتالي ربح بعض الدنانير، في المقابل، فضل آخرون « رمي » الملايين من أجل السهر في أحد الكباريهات وسط الحشود والبنات الحسناوات اللواتي يضئن ليلة الريفيون لأصحاب المال وحتى البسطاء الذين سلبهم سحر الغرب القادم عبر الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي، ما تبقى في جيوبهم من مال بعد أن سلب عقولهم.
وإن كان المواطن البسيط قد عبر في وقت سابق عن تخوفه من قانون المالية لسنة 2017 فإن البعض الآخر لا يبالون بالأزمة المالية التي تمر بها البلاد، حيث لم يتردد أحدهم من دفع خمسة ملايين سنتيم بأحد الملاهي على قارورة خمر، كونها الأخيرة، فتم عرضها للبيع بالمزاد العلني ليصل ثمنها إلى ما وصل، أمام دهشة العديد من الحاضرين، وإن كان البعض منهم قد قصدوا مثل هذه الأماكن فقط من أجل الترفيه عن الأنفس، فإن آخرين قد حجزوا الأماكن الأولى بأموال طائلة فقط لتبيين أنفسهم من خلال التبراح بالملايين أمام حسرة البسطاء الذين اختلطت أمام أعينهم الأعوام ولا يدرون أي عام يحتفلون به، الذي مر أو القادم، أما بالنسبة لمحترفات البغاء فقد اغتنمن الفرصة لمضاعفة الأسعار في مشاهد تقشعر منها الأبدان، وتشمئز منها النفس.. لكن المثل الشعبي يقول « بعد الحفلة تحك الرأس ».
مواطنون قضوا ليلة رأس السنة في طوابير محطات الوقود
شهدت محطات الوقود بعديد الولايات ليلة رأس السنة، طوابير طويلة تحسبا لدخول قانون المالية الجديد 2017، حيز الخدمة والذي يتضمن زيادات في أسعار الوقود. وأخلط قانون المالية الجديد لسنة 2017، حسابات وبرامج المواطنين في قضاء ليلة راس السنة الجديدة، بعدما أضحت وجهة اغلب أصحاب المركبات، محطات الوقود، حيث شهدت هذه الأخيرة طوابير طويلة منذ ساعات الصباح الأولى إلى غاية الدقائق الأخيرة من السنة المنصرمة، هذه الطوابير التي استهجنها عدد من السكان بحجة أن تعبئة خزان السيارة لن يدوم إلا فترة وجيزة من الوقت، ولن يمكن الطابور إلا من ربح 150 دج كأقصى تقدير، أعتبرها آخرون مشروعة في ظل الزيادات التي مست مواد متعددة، أما آخرون فعلقوا بالقول « ماذا لو وصل دور أحدهم في الطابور حدود منتصف الليل وطبقت عليه الأسعار الجديدة؟ ». من جهتهم اشتكى العديد من العاملين على مستوى محطات الوقود من الإرهاق والتعب الشديد الذي نال منهم، معتبرين أن أخر أيام السنة كانت مجهدة للغاية بفعل التوافد الكبير على محطات الخدمات، مشيرين أن قانون المالية الجديد استطاع أن يقلب اهتمامات المواطنين وأولوياتهم.
شجار بملهى وإصابة شخصين بجروح عشية « الريفيون » بالبليدة
يرقد منذ يومين شابان في العشرينات من العمر بمستشفى البليدة الجامعي في حالة حرجة بعد تعرضهما لإصابات خطيرة، جراء الاعتداء عليهما بأسلحة بيضاء. الواقعة تعود لشجار وقع بأحد الملاهي الليلية يقع وسط البليدة وحسب مصادر الشروق، فإن شلة من المدمنين تنحدر من حي بن عاشور في البليدة. جاءت للثأر لواحد منهم تعرض للطرد من ذات الملهى، حيث نشبت مناوشات بين الطرفين انتهت بإصابة اثنين بجروح، ويتعلق الأمر بحارسين أحدهما ينحدر من ولاية المسيلة. وقد تم نقلهما المستشفى أين خضعا لعمليات جراحية مستعجلة، حيث يرقدان بمصلحة الإنعاش في وضع حرج.