شنّت العديد من المؤسسات التربوية « حربها الضروس » ضد آخر صيحات الموضة التي « احتلت » المدارس وفرضت فيها منطقها بعد أن تبنّاها التلاميذ في المدة الأخيرة، بما أخل بالصورة العامة لهذه المؤسسة التي لطالما ظلت حصنا منيعا ضد كل ما يعصف بأسس الهوية الوطنية.
حيث وقّع مديرو تلك المؤسسات قوانين داخلية صارمة تفرض مجموعة شروط وضوابط في حق التلاميذ تخص في أغلبها المظهر الخارجي واحترام الوقت والآداب العامة.
وتهدف هذه القوانين الداخلية، بحسب ما ورد فيها، إلى تحقيق الأهداف السامية والنبيلة للتربية والحفاظ على هوية المدرسة الجزائرية.
وتخص تلك الممنوعات التي تصل إلى غاية الطرد في حال الإخلال بها كلا الجنسين سواء في الابتدائيات أم المتوسطات وحتى الثانويات. ومن أهم ما ورد فيها، الحفاظ على الهندام اللائق وعدم ارتداء السراويل الممزقة أو القصيرة والالتزام بارتداء المآزر وعدم ارتداء التنانير القصيرة بالنسبة إلى البنات أو أقمصة دون أكمام.
وامتد الأمر بتلك المؤسسات إلى حظر قصّات الشعر غير العادية والغريبة، ومنها بالأخص تحليقات القزع، بالنسبة إلى الذكور. أمّا الفتيات، فيمنع عليهن الماكياج، ويفرض عليهن اللّباس الذي يتماشى مع مقتضيات الوقار والحشمة.
وفي الجانب التنظيمي لمواقيت الدخول والخروج، أقرت العديد من تلك المؤسسات غلق أبوابها في وجه التلاميذ 5 دقائق قبل الدخول الرسمي لفرض الاحترام بصفة أكثر.
والغريب في الأمر، أن كثيرا من الممنوعات التي تطال التلاميذ تستثني الأساتذة والمعلمين الذين يفترض أنهم قدوة لغيرهم، فيطلق لهم الحبل على الغارب في ارتداء ما يشاؤون والدخول متأخرين بـ 30 دقيقة أحيانا كثيرة والحديث في الهاتف النقال لمدة طويلة خلال إلقاء الدروس، دون التعرض للطرد أو المساءلة.
وفي السياق، أكد بن زينة، رئيس المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ، أنّ النظام الداخلي يختلف من مؤسسة إلى أخرى، لكن وزارة التربية حاولت فرض نموذج موحد مع بعض الفوارق، مثمنا مسألة العديد من النقاط التنظيمية، لا سيما ما تعلق بالهندام المحتشم والنظيف.
واعترض المتحدث على سلوكات بعض المديرين في فرض هذا القانون الداخلي، حيث يطردون التلاميذ عند الباب ويمطرونهم بوابل من الشتائم والعبارات التي تقزّمهم أمام زملائهم.
واستشهد بن زينة بإكمالية نوّار قاسم في العقيد لطفي بوهران التي تتسبب حسبه مديرتها في ضرب التلاميذ عند الباب وعند استفسار منظمة أولياء التلاميذ عن الأمر التزمت المديرة بموقفها مدعمة ذلك بتطبيق القانون الداخلي للمؤسسة وضرورة احترام ما ورد فيه.
وأثار رئيس منظمة أولياء التلاميذ مسألة عدم احترام تلك القوانين الداخلية لخصوصية سكان مختلف المناطق، لا سيما في الجنوب حيث يمنع على السكان ارتداء لباس المنطقة « العباية والشاش » ويحرمون بسبب ذلك من متابعة دروسهم، وقدّم أمثلة عن ذلك تتعلق بسكان بلباس سكان غرداية وسكان إيليزي وغيرها من المناطق المعروفة بزيها الخاص.
واستنكرت الجمعية إقدام المؤسسة على طرد تلامذتها لهذه الأسباب جرّاء ما يتعرضون له من أخطار وانحرافات خارج أوقات الدراسة، مطالبة بإيداعهم أقساما خاصة في المؤسسات وحراستهم إلى حين إحضار أوليائهم، بدل تضييع يوم كامل من الدراسة وتضييع يوم كامل من العمل للأولياء بسبب التنقل للترخيص بالدخول، كما دعا المتحدث إلى مراعاة ظروف المناطق والعائلات حيث ينعدم النقل ويتأخر التلاميذ بسبب قطعهم مسافات تزيد عن 10 كلمترات.
من جهته، أكد صادق دزيري، رئيس نقابة الكلا، أنّ النظام الداخلي يخضع لحرّية المؤسسة التربوية في إطار قوانين الجمهورية، وهو يحافظ بالدرجة الأولى على الجو العام للتمدرس في ظروف جيّدة وجدّية.
وثمّن المتحدث مجهودات مديري المدارس واجتهاداتهم في التركيز على استبعاد الظواهر السلبية التي تسلب الشخصية وتجعل المؤسسات تسير في شكل هادئ ورصين.