أدرجت مصادر حكومية زيارة الوزير الأول الفرنسي، مانويل فالس، الأسبوع الماضي إلى الجزائر في خانة الزيارة السياسية التي حققت أهدافها المرجوة من قبل الجانب الجزائري، بعد أن عاد رجال الأعمال الذين لبسوا عباءة اللجنة الحكومية المشتركة بين البلدين إلى باريس من دون أن يتوصلوا إلى تحقيق غايتهم في إضافة أرقام جديدة إلى استثماراتهم بالجزائر. وكشفت مصادر « الشروق » كواليس مثيرة عن زيارة فالس، الذي غادر الجزائر خائب الرجاء.
وكشفت مصادر حكومية أن الدبلوماسية الجزائرية أبدت حرصا شديدا وعملت على ضرورة إتمام زيارة مانويل فالس إلى الجزائر في الآجال المقررة لها.
وأخذت احتياطاتها حتى لا تستجيب الحكومة الفرنسية للأصوات المطالبة بباريس بإلغاء أو إرجاء الزيارة في ظل التوتر الذي أثارته الحملة الإعلامية التي طالت الجزائر واستهدفت الرئيس وشكلت موضوع استدعاء السفير الفرنسي بالجزائر من قبل وزير الشؤون الخارجية.
وقالت مصادرنا إن السلطة في الجزائر حرصت على قدوم فالس حتى يأخذ الرد والجواب على المباشر.
وقالت مصادرنا إن الاحتجاج الدبلوماسي الجزائري تجاه فرنسا لم ينته باستدعاء السفير قبيل الزيارة، بل امتد خلال يومي الزيارة، وكانت بدايتها بمأدبة العشاء التي كانت على شرف الوزير الأول الفرنسي، مانويل فالس، بإقامة الميثاق، حيث تعمدت الوزارة الأولى جعل المأدبة على نطاق ضيق جدا، فلم توجه الدعوة إلى وزراء الحكومة بمن فيهم المعنيون بالزيارة.
ورغم حضور نظرائهم إلا أن مصالح الوزير الأول جعلت الحضور من الجانب الجزائري مقتصرا على الوزير الأول، عبد المالك سلال، ووزير الداخلية، نور الدين بدوي، ووزير الصناعة والمناجم الذي كان معينا من قبل الحكومة كمرافق لفالس، وعدا الثلاثي المذكور لم يحضر باقي وزراء الحكومة رغم أن الأعراف والتقاليد الدبلوماسية تقضي بضرورة حضور الوزراء المعنيين نظراءهم بالدورة الثالثة للجنة الحكومية.
ونقلت مصادر « الشروق » عن سلال خلال اللقاء الثنائي أنه صعد اللهجة من الامتعاض الجزائري من اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوربي، وعدد على مسامع نظيره الفرنسي النقاط السلبية، التي جعلت الاتفاقية طيلة هذه المدة تذهب في اتجاه واحد وتخدم الجانب الأوربي على حساب المصالح التجارية الجزائرية.
واعتبر سلال أن خسائر الجزائر من الشراكة مع الاتحاد الأوربي أصبحت لا تحصى، من دون أي مردودية تحسب لصالح الجزائر.
وأكدت مصادرنا أن كل المواضيع التي شكلت مضمون المحادثات التي أجراها سلال مع فالس، طبعتها عبارات الانتقاد وعدم الرضا، إلى درجة أن سلال أخبر فالس بأن موقف الجزائر من الصحراء الغربية وتمسكه بحل القضية وفق ما تقره الشرعية الدولية ولوائح الأمم المتحدة نابع من قناعتها بتصفية الاستعمار، وأكد له صراحة أن اجتماع مجلس الأمن القادم المنتظر أن ينظر في الملف الصحراوي، والموقف الذي ستبديه سيشكل نقطة تحول في العلاقات الجزائرية– الفرنسية في جميع جوانبها بما فيها الشق الاقتصادي.
وكشفت مصادرنا أن الجهاز التنفيذي في اجتماعه الأربعاء الماضي، أثار ما أقدم عليه فالس من نشره لصورة لقائه مع الرئيس بوتفليقة على حسابه الخاص على تويتر، وتناول بالموضوع النقاش وتدخل عدد من الوزراء واقترحوا كيفيات لـ « تأديب » فرنسا اقتصاديا بالتوجه نحو ألمانيا وجعل العلاقة الخاصة والمتميزة التي تحظى بها فرنسا من نصيب ألمانيا، واللعب على نفس الوتر الذي تلعب عليه فرنسا في « ابتزاز » الجزائر من خلال التودد إلى المغرب.
هذا النقاش الذي أثار اهتمام عدد من الوزراء، ولم يشارك فيه البعض الآخر حسب مصادرنا، رغم أن الأمر يتعلق بصورة الرئيس ومحاولة فالس إخفاء إخفاقه في الحصول على المزيد انتهى بعبارة إبقاء الوضع على ما هو عليه إلى حين.