باشرت وزارة الدفاع الوطني تحقيقا في ملابسات قضية السطو على حواسيب ومعدّات اتصال من مركز الإشارات والتراسلات التابع للمديرية الجهوية لاتصالات الجزائر بولاية عنابة الذي يشرف على عدّة ولايات شرقية. ويقود التحقيق فريق من الخبراء المختصين في أمن المعلومات تابع لمديرية أمن الجيش، حيث يعكف على تعقب الوجهة التي تكون قد أخذتها الحواسيب والتجهيزات المتضمنة لقاعدة بيانات إلكترونية للاتصالات عن طريق الإشارة التي تجريها الأجهزة النظامية وعلى رأسها المؤسسة العسكرية بمختلف فروعها وسلك الشرطة. وتشتبه السلطات الأمنية في علاقة مفترضة بين المتهمين بسرقة تلك المعدّات الحساسة والمجموعات الإرهابية، خاصة أن عمليات السطو تمت في ظروف غامضة على مراحل دون أن تتفطن لها مؤسسة “اتصالات الجزائر” بشكل طرح عدّة تساؤلات حول الإجراءات الأمنية لمراقبة وحماية مواقع ومراكز اتصال إستراتجية من الاستهداف. وترفض السلطات ـ حسب مصدر عليم ـ التعامل مع تكرار عمليات السطو والسرقة بهذه المؤسسة العمومية على أنها “حوادث عرضية ومعزولة”، حيث تتخوف في أن يكون اختفاء تلك الحواسيب على علاقة بمخطط إجرامي منظم يستهدف الحصول على قاعدة البيانات التي تنظم عملية الاتصالات اللاسلكية والتحويلات بالإشارة. وأوضح المصدر أن نائب وزير الدفاع الوطني وقائد أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق ڤايد صالح، أمر بتكليف خبراء مختصين في أمن المعلومات تابعين لمديرية أمن الجيش، بالتحري في حيثيات القضية دون استبعاد أي فرضية بما فيها شبهة التواطؤ التي تحوم حول عدد من المتهمين.
وخلّفت تداعيات عملية السطو”رجّة” واسعة داخل المؤسسة، حيث يدور حديث عن احتمالات “قرصنة” لشبكات الاتصالات عن طريق الاشارة وهو أمر في غاية الخطورة، خاصة أن تلك الشبكات تعتمدها الأجهزة النظامية في اتصالاتها الداخلية والمشفّرة. ويتواصل سماع موظفين ومواطنين يقطنون بالقرب من المركز للتحري بدقة حول معرفة الرؤوس المدبرة لعملية السطو والمستولين على تلك الأجهزة، ووجهة ذهابها، وكذا هوية الأشخاص الذين يراد تسليمهم هذه الأجهزة الإلكترونية، خصوصا وأن عناصر التحقيق الأولي تشير إلى احتمال وجود علاقة بين بعض الأشخاص والجماعات الإرهابية المسلحة الناشطة على مستوى جبال “الإيدوغ” الممتدة من عنابة وسكيكدة، وصولا إلى الحدود التونسية. ولاحظت قيادة الجيش ـ حسب مصادرنا ـ تقاعسًا في احتواء القضية التي يفترض أنها خضعت للتحقيق الواسع لحظة وقوع الجريمة، ما دفع بالجيش الوطني الشعبي إلى إيفاد لجنة رفيعة المستوى مكونة من ضباط ومحققين لكشف لغز إتلاف قاعدة البيانات الحساسة التي تشمل أيضا معلومات سرية لهيئات حكومية أخرى بينها مؤسسات تتبع وزارة الداخلية على غرار الشرطة والحماية المدنية.
على صعيد ذي صلة، علمت “البلاد” أن وزيرة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، أقدمت نهاية الأسبوع المنقضي على إنهاء مهام مدير الإشارة والتراسلات الكائن في حي جبهة التحرير الوطني بوسط بلدية عنابة بعد تلقيها تقريرا مفصلا عن اختفاء الحواسيب الخمسة التي تحتوي على قاعدة البيانات الالكترونية. وجاء تحرّك الوصاية بعد إيفاد لجنة تحقيق مركزية حلّت بعنابة واستمعت لعدّة أطراف من داخل المؤسسة، وهي الحادثة التي تعيد إلى الأذهان حادثة التنصت الداخلي على مكالمات إطارات من الشركة والتي تورط فيها أحد الاطارات الذي تمت إحالته على مجلس التأديب ومقاضاته بسبب الإساءة للشركة واستغلال المنصب لتصفية حسابات شخصية.
وكانت مصالح الأمن في عنابة قد فتحت تحقيقا مشابها لكشف ملابسات حادث التخريب والحرق المتعمد من طرف مجهولين لمركز توزيع الهاتف الثابت الواقع بمنطقة ما قبل الميناء التجاري، الذي تسبب في عزل هاتفي تام للمئات من الزبائن والمؤسسات العمومية والأمنية والعسكرية، على غرار المديرية الجهوية للجمارك وشرطة الحدود ومؤسسة تسيير الميناء.