يوقع رئيس الجمهورية في آخر مجلس للوزراء لهذه السنة، هذا الأربعاء، على مشروع قانون المالية لسنة 2017، لتستنفذ التدابير التشريعية التي حملها القانون آخر محطة قانونية، قبل سريان مفعول 21 رسما وضريبة بداية من الأحد القادم.
استدعى رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، وزراء حكومة عبد المالك سلال للاجتماع، الأربعاء، للتوقيع على مشروع قانون المالية للسنة القادمة، التي لا يفصلنا عنها سوى ثلاثة أيام فقط، وذلك وسط جدل كبير عما ينتظر الجزائريين سنة 2017، والتي سبق الوزير الأول عبد المالك سلال الجميع، وتوقع أنها ستكون صعبة على الجميع، إلا أنه وعد أن بعد عسرها سيأتي اليسر، ببداية ظهور مردودية المشاريع الاستثمارية التي أطلقتها الحكومة في مختلف المجالات الصناعية، يتصدرها قطاع تركيب السيارات وصناعة الإسمنت.
مشروع قانون المالية الذي حمل إجراءات وتدابير غير شعبية، ووصلت الرسوم والضرائب المراجعة منها والجديدة والموجهة للأفراد والمؤسسات 21 رسما، أثارت العديد من الانتقادات والمخاوف، بالنظر إلى الانعكاسات المتوقعة لهذه الإجراءات على القدرة الشرائية للمواطن، وإضعافها، خاصة وأن أهم رسم، أي الرسم على القيمة المضافة المطبق على جميع المواد والأشغال والعمليات والخدمات، وعمليات البيع بما فيها عمليات البيع المتعلقة بتوزيع الكهرباء والغاز الطبيعي، وغيرها، خضع للمراجعة، وعرف زيادة بدرجتين من المئة، وقفز من معدل 17 بالمئة الى 19 بالمئة، كما أن المعدل المخفض لهذا الرسم قفز من 7 بالمائة إلى 9، الأمر الذي من شأنه أن ينتج زيادات في جميع السلع والخدمات، بما فيها فواتير الكهرباء والغاز والهاتف والقائمة طويلة.
مراجعة الرسوم التي لم تأخذ منحى تنازليا إلا في حالات تعد على أصابع اليد الواحدة، بالنسبة للمستثمرين في مجالات معينة، في سياق تشجيع الإنتاج الوطني، شملت زيادة في الرسم على التبغ، الذي سيعرف ارتفاعا في الأسعار بجميع أنواعه المحلية والمستوردة، كما ستعرف تسعيرة الوقود بجميع أنواعه بالإضافة إلى تأثير مفعول الرسم على القيمة المضافة، زيادة مابين 3 إلى 5 دنانير، ناهيك عن الرسم الذي فرض عند تأجير الخواص لسكناتهم، الأمر الذي سيؤثر في أسعار تأجير حظيرة سكنات الخواص، والتي تشكل في الوقت الراهن هامشا لا بأس به من الحظيرة السكنية.
الرسوم التي فرضت على بعض المتعاملين الاقتصاديين، مثلما عليه الشأن بالنسبة لمتعاملي الهاتف النقال، ستحول على المستهلك في ظل ضعف منظومة الرقابة الحكومية، فالزيادات التي يفترض أن تكون مبررة بمراجعة الرسوم، دخلت حيز التطبيق قبل أن يصدر القانون الذي تضمنها في الجريدة الرسمية، وفي ظل غياب الرقابة وضعف آلياتها باعتراف رئيس ديوان الرئاسة، أحمد أويحيي، في مقابل « تغول » المضاربين وبسط سيطرتهم على الأسواق، يذهب مراقبون إلى أن هذه المعادلة صعبة الحل في الوقت الراهن، خاصة وأن الاتحاد العام للعمال الجزائريين تفرخت عنه نقابات مستقلة، ولم تعد العديد من القطاعات تحت رعايته، الأمر الذي يهدد هدوء وسكينة الجبهة الاجتماعية.
حكومة الوزير الأول، عبد المالك سلال، الذي يبدو أنه لم يكن محظوظا بما فيه الكفاية، كون مرحلة تسييره شؤون قصر الدكتور سعدان، تعد الأصعب على الإطلاق منذ 15 سنة، هذه الحكومة مطالبة اليوم باليقظة أكثر من أي وقت مضى، بوضع حلول وتصورات جادة، فالرسوم والضرائب سلاح فتاك بحسب المتابعين، وقابل للاستخدام ضد أصحابه، خاصة بتوالي الضربات، فعديد الوزراء تراجعوا عن قرارات ومسحوها تحت ضغط الجبهة الاجتماعية، فهل ستتمكن آليات الرقابة من حماية السوق والجزائريين من المضاربين؟